كانت وزارة المالية قد أوضحت في موازنة العام 2017م ان تقديرات حجم الايرادات يبلغ (77.7) مليار جنيه وحجم الانفاق المتوقع (96) مليار جنيه ، بينما يبلغ عجز الموازنة 18.5 مليار جنيه في حين تبلغ نسبة العجز الى الناتج المحلي الاجمالى نسبة 2.1% ( مؤشر غير متداول )، و جاءت مؤشرات الاداء للموارد الفعلية اقل بحوالى ( 17%) ، و ارتفع العجز فى الموازنة الى حوالى 34 مليار ، وهو تأكيد اضافى على ان توقعات الايرادات كانت مبالغ فيها ، و ان تقديرات العجز فى الميزان التجارى شابها خلل كبير. وفقاً لمشروع الموازنة الجديدة للعام 2018م فقد ارتفعت نفقات الدفاع والأمن القومي الى 23 مليار و 888 مليون جنيه ، من جملة الموازنة البالغة 173.1 مليار جنيه ، وقد خصص لقطاع الدفاع 20 مليار و 343 مليون جنيه ، و 11 مليار و 507 مليون لوزارة الدفاع ، بجانب 4 مليارات و 170 مليون جنيه لقوات الدعم السريع ، فيما حصل جهاز الأمن والمخابرات علي مبلغ 4 مليار و 654 مليون ، ، وبهذا فان نفقات الدفاع و الامن و الدعم السريع بلغت حوالى(43 ) مليار ، فى حين بلغ الانفاق علي الصحة 2 مليار و 942 مليون جنيه وكذلك بلغ الصرف علي التعليم 5 مليار و 326 مليون جنيهاً . ويتضح من تفاصيل الميزانية ان هناك عدة تعريفات للامن و الدفاع. و رغم ان البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي (2015-2019م) هو احد مرجعيات الميزانية ، الا ان الميزانية جاءت بعيدة عن ملامسة البرنامج الخماسى ، كما انها لم تتوافق مع برنامج الرئيس الانتخابى وهو احد المرجعيات ، و جاءت غريبة عن شعار اصلاح اجهزة الدولة ، و لا شك انها شكلت صدمة لمؤيدى الحوار الوطنى ، و اكدت بما لا يدع مجالآ للشك ان المسؤلين فى الحكومة لا يفهمون معنى كلمة فقر، و لم يسمعوا بالتزام حكومتهم باهداف الالفية .، و كل المؤشرات الواردة فى هذه الميزانية تنبئ بمزيد من الضغط علي الطبقات الفقيرة من المواطنين ، وليس في الميزانية ما يبشر بحدوث انفراج في الاوضاع الاقتصادية ، رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ام لم يرفع. وفقآ للموازنة و كما ورد فى ص 41 و42 من الجداول المدرجة فى كتيب الميزانية ، فأن جملة المصروفات تساوى جملة الايرادات ( 173.1) مليار جنيه ، بما فى ذلك سداد الدين بنحو 25 مليار ، و الاستدانة من البنك المركزى و نحوه ، بحوالى 56 مليار جنيه ، وورد كذلك ان المصروفات الحكومية بلغت 127 مليار بزيادة 52% عن العام السابق (83) مليار جنيه، وجاء الحديث عن سداد التزامت داخلية بنحو 21 مليار دون الخوض فى التفاصيل . بينما ادرج مبلغ 33 مليار كايرادات اخرى دون تفصيل وهو مدخل جيد للتشكيك فى الميزانية و حقيقة الارقام الواردة فيها ، بينما اعتمدت مبلغ 45 مليار جنيه مصادر تمويل داخلية لا يعرف احد كيف سيتم تحصيلها ، عليه فهذا المبلغ يمثل عجزآ اضافيآ للعجز المباشر و البالغ 28 مليار ، ليصل عجز الموازنة الى 73 مليار جنيه بالتمام و الكمال ، وهو يتطابق مع ما ورد فى صفحة 47 من الكتيب ، حيث بلغت الايرادات 116 مليار بنسبة 100% بينما المتوقع ان يكون الغعلى ( 92%) ، بمبلغ اجمالى 106 مليار جنيه ، وهو يقارب الموارد الفعلية للعام 2017 م ( 111) مليار ، و ما عدا ذلك فهو مجرد اضغاث احلام ، و لن تتحق التوقعات بتعويض فارق الارقام اعتمادآ على سعر الدولار الجمركى فالمتوقع هو كساد تتوقف على اثره حركة البيع و الشراء و الاستيراد ، اما الصادرات فقد حكمت عليها الميزانية بالخراب ، ما يجب التوقف عنده اين ايرادات البترول ؟، او ايرادات نقل بترول دولة الجنوب ؟ وايرادات الذهب و المعادن الاخرى ؟، وهى ايرادات كبيرة لا يمكن تجاهلها او وضعها تحت بند ايرادات اخرى ، فلو افترضنا ان نصيب البلاد من ( 88) الف برميل انتاج يومى هو فى اسوأ قسمة عقود النفط (45%) ، فان العائد المتوقع للعام لا يقل عن (1.7) مليار دولار تعادل حوالى (30) مليار جنيه ، هذا بخلاف نصيب الحكومة من الذهب و المعادن الاخرى. الايجابية الوحيدة لهذه الميزانية هو اتساع دائرة الوعى بمخاطرها حيث اعلن (44) نائبآ مقاطعتهم لجلسة اجازة الميزانية ، باعتبار ان المشاركة فى جلسة اجازتها يمثل جريمة فى حق الشعب ، و استقال نائب واحد احتجاجآ على عدم عدالة الميزانية ، ما يجب التوقف عنده ان هذه الجلسات التى تناقش الميزانية غير دستورية حيث لم يتم تمديد عمر الدورة المنتهى فى 27 ديسمبر الا يم امس 31 ديسمبر ، وهذا اجراء غير دستورى و يخالف لائحة المجلس , اما الحديث عن تخفيف حدة الفقر ، و دعم الشرائح الفقيرة ، فما هو الا ذر للرماد فى العيون ، هل يعقل ان تدعم اسرة فقيرة بمبلغ ( 52) جنيه ،؟ و دعم مبهم وغير حقيقى فى قطاع الطاقة و الكهرباء ، هذا مجرد دعاية سياسية مكشوفة.