يُحكى أن أبي العيناء الأعمى سُئل عن مالك بن طوق والي الجزيرة في ذلك الزمان فاجاب : ( لو كان هذا الوالي في بني إسرائيل حين نزلت آية البقرة لما ذبحوا غيره) .. نحمد الله ان أبى العيناء الأعمى لم يحضر زمان حكم المشير المكابر صاحب القاموس العجيب في الاساءاة والبذاءة والتعبير والتبرير. أذكر انني سألت القائد مني أركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان ، بعد ان ترك حياة القصر وفضل الخروج من الخرطوم والعودة مرة اخرى الى الميدان لقيادة حركته ، سألته عن الخلاصة التي خرج بها عن شخصية المشير البشير ، رد قائلاً : ( ان السودان يحكمه رجل أقل ما يوصف به انه لا يفهم ولا يتعلم ولا يريد ان يفهم ، يستمع للوشايات ولا يقرأ التحليلات ، رجل (بتاع فارغة) – والحديث لمناوي – والسودان الذي حكمه البشير يمكن ان يحكمه اي شخص من الشارع) – انتهى حديث مناوي . لم أجد ما اقوله فحكيت له حكاية ابراهيم بن المهدي وهو أخ للخليفة هارون الرشيد ، تولى الامارة بعد ان بايعه العباسيين بديلاً للمأمون ، قال الشاعر دعبل الخزاعي ساخراً من توليه الامارة : ان كان ابراهيم مضطلعاً بها ……. فلتصلحن من بعده لمخارق ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل ……. ولتصلحن من بعده للمارق وكان مخارق وزلزل أشهر (شماسة) ذلك العصر . ان أفضل ما في البشير انه ما زال في الحكم حتى الآن فهذا يكفينا مشقة اثبات سواءاته فهو لا يتحرج من اثبات ذلك صباح مساء ، وأسوأ ما فيه انه ايضاً يحكم حتى الآن فذلك مضر بالانسان والجيران والحيوان ، وبالشجر والمطر ، وبالبلاد والعباد ، أما أفظع ما فيه ، انه يدخلنا امام بقية شعوب الأرض في ( نص هدومنا) كما يقول جيراننا ، فكيف بالله يمكننا ان نفسر لمن يشاركنا هذا الكوكب من العرب العاربة والمستعربة ومن الغجر والفرنجة ، ومن الهنود الحمر والهنود غير الحمر ، ومن بلاد البنغال والهند والسند ، كيف نفسر ونبرر لهم كلمات من شاكلة : دقسوا ، اديناهم ليها مملحة بلعوها ناشفة ، الضحك شرطم ، الداير يجربنا يجي ، وجزمتي …الخ لغة القاع التي يستخدمها ؟! حكى لي أحد الذين اتوا بعمر البشير في انقلابهم المشؤوم وأجلسوه على صدور أهل السودان ، انهم وقبل مفاصلتهم الشهيرة ، وكان وقتها مجلس شورى حركتهم مجتمعاً لسماع تقرير من المشير – بعد مقابلته لمسؤولة امريكية رفيعة – حكى ان المشير البشير حضر وتبوأ مقعده من الجمع ، وتهيأ المجلس لسماع تقريره ، وماهي الا ساعة وانفض الجمع ، فقد فاجأ المشير الجمع وبينهم شيوخ من كبار السن قائلاً ، وهو يضحك : (المراة جات لابسة جكسا في خط (6) ! في اشارة لمقولة بذيئة وقديمة عن قصر اللباس !! فبينما كان الجمع ينتظر تقرير المشير الخطير ، كان المشير ببصره وبصيرته يعبر عن مدى رؤيته الحقيقي ، فهو لا يستطيع التفكير والتدبير أبعد من هذا المجال !! يا لمصيبتنا . الرجل لم يكتف بقتل شعبنا وتفكيك بلادنا وتوزيع و(بعزقة) ثرواتنا ، بل استسهل القيادة لدى أطفالنا وأبتذل موقع القدوة عندهم ، كيف لا وهو مهرجهم الوحيد الذي تفوق على بسام صديق محبوبهم الكابتن ماجد ، اما في الخارج فهو والحمد والشكر لله من قبل ومن بعد يتمادى في الاساءاة لنا ولصورتنا فقد أضحك علينا حتى ربات البيوت البواكيا على قول الشاعر المتنبي .