[email protected] بانعقاد الجلسة الاجراءائية الأولى لمجلس الشعب المصري والتي أفضت اليه انتخابات ما بعد ثورة 25 يناير ، يضع الاسلاميون أولى خطوات التجربة الحقيقية في الصعود الى سلم السلطة ، ولو من بابها التشريعي كمدخل ، ابتدأؤه بنيل منصب رئيس المجلس وفق اغلبية مستحقة وترتيبات مع بقية الأحزاب كحزب النور السلفي الذي سيحتفظ بمنصب النائب الأول لرئيس المجلس والوفد المعتق بمنصب النائب الثاني ! طبعا هو مشهد بدأ للكثيرين وكأنه جزء من فيلم سينمائي خيالي ، اذ كيف يصدق عيونه ، بل ووعيه ، وهو يري ويتابع ، أن من كانوا قبل ردح ليس بطويل من الزمان خلف القضبان ، هم الآن يعتلون منصة التشريع في البلاد وبأغلبية ، كان حراما عليهم القرب منها، وحكرا على حزب النظام السابق الذي يرقد رئيسه في سرير متحرك بين محبسه وبين قفص الاتهام ، فيما زبانية نظامه وسدنته وجلاديه ، مابين سجين وهارب ، ومنتظر لمصيره داخل ذات القفص ! وسبحان الخالق الذي يذل من يشاء ويعز من يشاء ، يرفع من كان طريدا وشريدا ، ويقعد بالذي كان متسيدا ناهيا آمرا ، ربما نسي في غمرة طاغوته ، قدرة من هو فوق كل مقتدر آثم ! لسنا بالطبع أقل سعادة ونحن نتابع ذلك المشهد ،من كل محب للحرية والديمقراطية والتعويل على ارادة الشعوب التي باتت في منطقة اقليمنا من حولنا ، تفعل المستحيلات ، بعد أن انكسر حاجز خوفها من نمور الورق التي تطاير ت من النفخة الأولى تذروها رياح الشتات ، في ممرات االذل افساحا لأصحاب الحق من الشعوب لتحتل مكانها ، وتضع من تريده ليمثلها ، وتختبره هو الآخر ولكن وفقا لمصلحلتها الوطنية والسياسية والمعيشية والتنموية ، وربما تبدله غدا حينما تدور عجلة التداول التي نتمني لها الا تثقبها ردة أو تعرقلها انتكاسة ! لان في ذلك تثبيط لهمة كثير من الشعوب التي تشرئب باعناقها أعجابا لا حسدا وتترقب اللحظة التي تجعلها في مصاف الشعوب التي هتكت عن عينيها غشاوة الرؤية الكاذبة التي تخيفها ممن كانت تتصور انهم أقوى عنها ، فاكتشفت انهم اضعف مما تصورت! مصر هي بؤرة الشعاع التي ينطلق منها منذ الأزل العلم والمعرفة والثقافة والفنون ، وهاهي وان لم تكن الأولى في المنحي ، تضع كل تاريخها ومستقبلها بيد الجماعات الاسلامية على تفاوت تشددها وبراجماتيها ، وهي مرحلة لابد أن يعرفوا هم قبل غيرهم ، انها تشكل فاصلا مداريا مابين مناخ العمل كمعارضة ومحك تحمل المسئؤلية كسلطة ايا كانت درجة كراسييها ! وهو امتحان حقيقي ، اما انه اثبت صدق تلك الجماعات تجاه ماتقوله على الحقل ، تطبيقا حقيقيا على بيدر الحصاد ، واما أن تحنث بوعدها في احترام مبادي الديمقراطية ، خروجا عن خط العمل الوطني في الدولة المدنية كوعاء واسع لكل فئات المجتمع بدياناته وطبقاته ، واحتراما لحرياته وخصوصياته دون تسلط أو اقصاء أو تحقير ..فتكون الكارثة! ولعله على عكس ما يتصور ، جماعتنا من أهل الحكم الغندوري والمندوري والنفعي والبشيري ، فان ما يطرق باب مصر الجارة القريبة من فتح ديمقراطي جديد منشود ، لا يصب في صالح ربيع الانقاذ الذي توهم أهل حكمها انه كان السباق ، ففشل الديمقراطية المصرية سيكون وبالا على ربيع انقاذهم باعتباره يصبح مكملا لفشل الانقاذ الكامل الدسم اصلا .. و بالمقابل ايضا فان نجاح ديمقراطية مصر فيه تعجيل بانتهاء حمل الربيع الانقاذي الكاذب الذي لن يلبث أن يتحول الى هواء نافخ للنظام ، لان شعبنا دائما تعود أن يكون صانعا للأصل ولا يقبل التقليد المشوه على شاكلة ديمقراطية مزعومة ، ركب فيها الحزب الحاكم جواد الدولة أثناء السباق فيما رمي للأخرين ان هم ارادوا منافسته ، بسلاحف متحجرة ، لاتقوي على الحركة !وقال أنا الفائز ، ضاحكا على نفسه قبل الشعب والتاريخ الذي يفهم ويسطر ولا ينسى! وما الغالب الا رب العالمين .. انه المستعان .. وهو من وراء القصد..