(لَيْسَ بِاَمَانِيِّكُمْ وَلآ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ اُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَاُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ) ( النساء : 123 / 124). (إن حقوق الرجل والمرأة متبادلة، وإنهما أكفاء .. وهما متماثلان في الحقوق والأعمال، كما أنهما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل، أي أن كلا منهما بشر تام له عقل يتفكر في مصالحه، وقلب يحب ما يلائمه ويُسر به، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه ..) (.الإمام محمد عبده). لازلنا نتابع نقاشنا حول فتوى زواج المسلمة من كتابى والتى أفتى بها الأستاذ حسن الترابى، ونحاول فى هذا اليوم تتبع الأسباب الخفية خلف الهجمة الشرسة، التى هذه واجهت هذه الفتوى وتواجه اى فتوى مستنيرة تقف مع المرأة من موقع الفهم المستنير للاسلام الحقيقى، ضد التقليد وجاهلية القرن الحادى والعشرين، اذ ان مثل هذه الفتاوى تصادم مصالح ذكورية تم التقنيين لها من قرون لصالح الرجال، فهى تتحدى الوضع الفوقى للرجال وتعطى النساء حرية لايتمناها الرجال الذين نعموا ولا زالوا ينعمون بحريات مطلقة باسم الاسلام تحت مظلة الوصاية . من أفضل أعمال الفكر حول “الوصاية” المطلقة التى أرساءها التقليد تجاه المرأة هى الاجتهادات التى قام بها الأستاذ المفكر محمود محمد طه، فى كتابه: تطوير شريعة الأحوال الشخصية، أول طبعة – ديسمبر 1977م بفصل آيات الفروع وآيات الأصول: الوصاية.ونقتبس منه التالى:”الآية التي تقوم عليها وصاية الرجال على النساء، هي آية: ((الرجال قوامون على النساء، بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات، حافظات للغيب، بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن، فعظوهن، واهجروهن في المضاجع، واضربوهن.. فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.. إن الله كان عليا كبيرا)).. قوله: ((الرجال قوامون على النساء)).. يعني أوصياء عليهن، لهم عليهمن حق الطاعة.. السبب؟((بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم..)).. والفضيلة، ههنا، هي، في المكان الأول، فضيلة جسدية.. هي قوة الساعد، وقوة الاحتمال، والمقدرة على الانتصار في مآزق الحروب، أو مضانك كسب العيش.. فإن الفضائل تختلف اختلافا كبيرا من مجتمع لآخر، فما هو فضيلة في مجتمع بعينه، قد لا يكون فضيلة في مجتمع آخر.. فإنك أنت اليوم في مدينة أم درمان، حيث حكومة القانون قائمة، وحيث رجال الأمن ساهرون، فليس من الفضيلة أن تسير في الشوارع وأنت تحمل سلاحا، سيفا كان، أو حربة، أو بندقية، ابتغاء أن تعتدي على من قد يعتدي عليك.. ولكن الفضيلة في أن تطمئن إلى القانون وأن تحترم القانون فلا تأخذه في يدك، وإنما تحرك دولابه ليقتص هو لك ممن اعتدى عليك.. ثم أن صنيعك هذا الذي اعتبر فضيلة في مدينة أم درمان لا يعتبر فضيلة في بادية الكبابيش، أو في جبال البحر الأحمر، أو في أحراش الجنوب، وإنما تكون الفضيلة في هذه المواطن أن تسير وأنت تحمل من السلاح ما تردع به من عسى تحدثه نفسه بالتعرض لك بالمكروه، أو، على أيسر تقدير، ما ترهبه به.. هذا هو اختلاف الفضيلة بين مجتمع المدينة مثلا ومجتمع الغابة.. وعلى نحو من هذا الأساس تقاس الفضيلة في قوله: ((بما فضل الله بعضهم على بعض)).. وبسبيل من هذا تجيء المقدرة على كسب الأرزاق، وإحراز الأموال.. ومن ثم: ((وبما أنفقوا من أموالهم)).. فكأن المرأة، لمكان ضعفها الجسدي، وضعفها الوظيفي، في معترك الفضيلة فيه، في أغلب الأحيان، لقوة الساعد، ولفرصة الخلو من الموانع التي تعوق الكدح، والسعي، قد أصبحت محتاجة إلى من يغذوها، ومن يحميها.. ومن ثم، فقد اضطرت، فدفعت قسطا كبيرا من حريتها ثمناً تحرز به حمايتها، وغذاءها.. لعمري!! ليس الأمر بهذه الغلظة، ولا هو بهذا الجفاف!! ولكن، لا ضير! فإن ما ذكر يعطي صورة، عن قاعدة التعامل، في بداياتها، على وجه العموم….” ان فتوى زواج المسلمة من كتابى به حرية للمرأة تصادم الوصاية العتيقة ولكن قد آن الآوان ان ننفض غبار المصالح القديمة لصالح دين معاصر ينتمى للانسانية من واقعها المعاش لا من باب الماضى. هادية حسب الله [email protected]