فى معجم (الحضاره الفرعونيه) القديمه نص يقول : “إذا غضب رع على أرض نسى حاكمها العرف إذا غضب رع على أرض عطل القانون فيها إذا غضب رع على أرض عطل العدالة فيها. إذا غضب رع على أرض جعل أغبياءها فوق عقلائها”. وقال المسيح عليه السلام موصيا تلميذه بطرس ” من أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ”. الشاهد فى الأمر أن وزير خارجة نظام الأنقاذ الأسبق (مصطفى عثمان اسماعيل)، الذى كان يظهر فى سابق العصر والزمان كشخصيه معتدله ومتوازنه، خاصة بعد الدور الذى لعبه فى تحسين علاقات النظام بدول الخليج بعد وقفته الى جانب (عراق) صدام .. حيث وجد القاده الخليجيون يزورهم من وقت لآخر ويتحدث اليهم وزير خارجيه سودانى – شاب - كثير الأبتسام بسبب أو بدون سبب ويرتدى (البدله والكرفته) ولا تظهر عليه مظاهر التطرف، أضافة الى ذلك فهو مدعوم من (عمرو موسى) منذ أن كان وزيرا لخارجية مصر، وتواصل ذلك الدعم بعد أن اصبح (أمينا للجامعه العربيه) ومعلوم للكثيرين ان (عمرو موسى) كان يعده لخلافاته، اذا استمر نظام (مبارك) فى حكم مصر واذا أصرت الدول العربيه على تعيين امين عام غير مصرى كما هو متبع منذ ميلاد الجامعه العربيه، فبوصول (مصطفى عثمان اسماعيل) لمنصب أمين الجامعه العربيه، تكون مصر قد حافظت على المنصب رغم أن من يشغله (سودانى)!! وبضياع ذلك (الحلم) الكبير الأعرض من امكانات وقدرات (مصطفى عثمان اسماعيل) عاد الكادر (الأسلاموى) الى ثقافة (قومه) ولذات العبارات التى يرددها صقورهم والمتمثله فى الأساءة للشعب والمعارضه وللتلويح بالحرب واستخدام القوة والعنف. وكأن هذه (الجماعه) لا تعى الدرس ولا تستوعبه. فالمعالجات الأمنيه والحرب والقتال وثقافة (لحس الكوع)، وجميع الأساليب القمئيه التى أنتهجتها الأنقاذ منذ أن اغتصبت السلطه، ثبت فشلها وأدت فى نهاية الأمر لأنفصال جزء عزيز من الوطن السودانى الكبير .. رغم ذلك لا زالت (الجماعه) تتنتهج نفس النهج مع اختلاف الظروف ، ولهذا حملت الأخبار أخيرا هزائم شنيعه لمليشيات وكتائب (المؤتمر الوطنى) أمام (قوات الجبهة الثوريه السودانيه) فى عدة مناطق. ونحن (مبدئيا) ضد العنف وضد اراقة الدماء ونتمنى أن يتحقق التغيير الديمقراطى بوسائل سلميه ،ففى الآخر القتلى سودانيين، لكن النظام هو المسوؤل عن اندلاع ذلك القتال، بسبب رؤيته الأحاديه ونقضه للعهود والمواثيق وآخرها تنصل (البشير) عن الأتفاق الذى وقعه (نافع) بيده فى أديس ابابا مع (الحركة الشعبيه) ، مما أدى الى اندلاع القتال بضراوة فى النيل الأزرق، وظن النظام بابعاده (لمالك عقار) من منصب (الوالى) بأنه منتصر وأن (الحركه الشعبيه) فى الشمال قد انتهت. وهذا وهم وضرب من الخيال وعلى النظام (المستبد) أن يتخلى عن عنجهيته وعن التهديد بالحرب، فالظروف الآن مختلفه كثيرا عن بداياته الأولى حينما اغتصب السلطه وأنقلب على نظام ديمقراطى، فوقتها ربما كان البعض فى جهاله وأنعدام بصر وبصيره يرى بأنه الخيار الأفضل وأن الذين طفحوا على السطح مهللين ومكبرين ومعلنين عن شعارات أسلاميه براقه، ربما هم يمثلون (صحابة) و(أولياء) هذا الزمان، حتى انكشف امرهم وسقطت آخر ورقة توت تغطى عوراتهم واتضح فشلهم وسقوطهم فى ميزان الأخلاق وظهر فسادهم فى جميع المجالات بلا استثناء ، فساد مالى وأحتكار ونهب للمال العام ومضاربه فى العمله ومتاجره فى تأشيرات الحج والعمره، يضاف الى ذلك فساد اسوأ وهو الفساد المجتمعى وبصورة بشعه، مما أدى الى تزائد اعداد المصابين بمرض ألأيدز، الذى لا تسمح الأجهزه الأمنيه بالجهر والأفصاح عن حقيقته وعدد المصابين به. والعاقل هو من اتعظ بغيره واستوعب الدروس دون الحاجه الى الضرب على (القفا). فقبل أن يصل الوضع فى السودان لمرحلة (سوريا) وتصعب معالجته .. والتغيير سوف يطال الجميع – ولن يستثنى طاغية – ويجب الا ينخدع الواهمون الذين يرددون كلاما مضحكا ساذجا وبأنهم بدأوا (التغيير) وسبقوا الجميع عليه عام 1989، فذلك انقلاب عسكرى وأغتصاب للسلطه لم يؤد الى ديمقراطيه والى مشاركه حقيقيه للمواطنين فى السلطه أو الى توزيع عادل للثروه. وقبل أن يفرض حصار اقتصادى وعسكرى اشد مما هو مفروض الآن، على (رئيس) النظام أن يعلن فشله وفشل نظامه وأن يحدد موعدا قريبا للتنحى عن السلطه وأن يعهد بها لوطنيين مخلصين أنقياء، سياسيين وتكنوقراط، ليس من بينهم (مؤتمرجيه) أو (أزرقيه)، دورهم تمهيد الأرض وأعدادها لأجراء انتخابات حره وديمقراطيه ونزيهه لا مثل التى رضى عنها (غرايشن)، حتى يرتفع الوطن الى المكانة التى يستحقها ويشعر كل سودانى بأن السودان وطنه وتتوقف الحروبات والمنازعات وتندمج الحركات المسلحه فى الحياة المدنيه وهذا لا يمكن أن يحدث قبل أن تسرح مليشيات الدفاع الشعبى وقبل أن تعاد هيكلة الجيش والشرطه وتصبح أجهزه قوميه لا (حزبيه) .. وبالنسبة للجنوب العزيز اذا لم يعد الى الشمال مرة أخرى، تتأسس على الأقل علاقات طيبه بين الجزئين تسودها المحبة والأحترام والمصالح المشتركه، وهذا ما لايستطيع تحقيقه (المؤتمر الوطنى)، لأنه يشعر بالهزيمه فى الجنوب عسكريه وأخلاقيه وتاريخيه. وكلى ثقة بعد أن يذهب هذا النظام الفاسد سوف يصبح السودان (شمالا) و(جنوبا) واحة للديمقراطيه ولتحقيق العداله الأجتماعيه ولأحترام حقوق الأنسان ويصبح قبله وملاذا للأحرار والشرفاء فى جميع انحاء العالم لا وكرا للمجرمين والأرهابيين والأرزقثيه والطامعين.