محمد عبد الله برقاوي .. [email protected] ما أعجب الأيام حينما تصدق دورتها التي هي دول ، فيغدو السجان حبيسا ، و يصبح السجين زعيما بين ليلة وضحاها ! من لا يذكر الراحل ملك ملوك أفريقيا وهو جالس على منضدة رئاسة الاتحاد الأفريقي في زيه الطاؤوسي الفضفا ض وعنقه مشرئب فى سذاجة وغرور الزرافة يمسح القاعة ببصره مستخفا بكل القادة ويقول لهم في سره ، كلكم ستذهبون الا أنا ، سأظل خالدا لانني أقود شعبا كالقطيع لا يعرف ثقافة الانتفاض واذا ما نفرت منه قاصية تنوي الهرب فذئاب الغابة من حراسي سيتولون أمرها ! ولكن الأيام قالت فيه حكمها فذهب هو و اكتشف العالم بأسره ان القطيع تحول الى ثوار يعرفون الطريق الى صناديق الاختيار ولا يستكينون لرعاية الاجبار ! تغيب حسني مبارك عن أديس ابابا سنوات طويلة متشائما بها بعد أن حاول اسلاميو مصر بمعاونة كيزان السودان كنسه عن وجه البسيطة ، ولم يكن يعلم أنه غياب ابدي ليترك المقعد الخالي طويلا لمن حاول قتله ، فيرقد هو سجينا في غيبوبة ربما تطول أكثرعن غيبوبته في سدة الحكم التي أنسته أن الدائم هو وجه الله عزّ وجل ! المنصف المرزوقي الذي كان طريدا في باريس عاد وقد ترجل له بن علي عن مكانه وهو الذي أصبح شريدا في السعودية يلعن شورة زوجته الشيطانية ويعض بنان الندم أنه لم يفهم شعبه مبكرا ! وحشرة الأنانية التي استرضاها النميري بحكم ذاتي حتي يتخلص من قرصاتها التي ادمت جسد الوطن كثيرا ، هاهي تتحول الأن الى حشرة شعبية وقد استطاعت أن تقتطع نصيبها من ذلك الجسد ، وبات لها مقعد في الاتحاد الأفريقي ورئيس ، يتوسل اليه المشير المحارب الذي اقسم بان لا جلوس ولا تفاوض مع الحشرات ! فقط سيكون التعاطي معها سحقا بأحذية العنصرية ، فكيف دارت الأيام على رئيس لطالما رفع العصا مهددا ومتوعدا ، ليبدو منكسرا يتودد للقاء رئيس الحشرات وهو يدفع بمراسلته وزير الدفاع ليقنع باقان وسلفا بان يحفظوا له ماء الوجه ، وياتوا له بدلا من بهدلة ذهابه وهو الذي سنّ لسانه لسلخ جلودهم ، وهاهو يطأطي الرأس منكسرا حينما أتوا اليه ، وقد وضعته دورة الأيام في موضع الضعيف الذي يستجدي الخروج من أزمته الاقتصادية التي قد تنتهي باخلائه مقعده لغيره في دورة الاتحاد الأفريقي القادمة مثل من مات بسلاح غروره من اقرانه أو صار حبيسا في قفص غفلته ، او بات نادما على تاخر فهمه ! هل فكّر المشير الغافل لحظة واحدة ، أن هذا المؤتمر ربما كان الأخير في حياته الرئاسية ان كان يرى الشجر المتحرك خلف غبار الغد الأتي في صفحة الأيام التي تتساقط من سطورها أسماء قد لا يذكرها الزمان بعد ذهابها لأنها لأفراد هم زائلون ، لتقفز الى مكانهم حروف أخرى تسّطر ذاتها في كتب التاريخ الذي يخّلدها لانها ملاحم مخطوطة بقلم الشعوب ! لو كانوا يعلمون ويعقلون ! والله ناصر الحق ..