أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    لجنة تسييرية وكارثة جداوية؟!!    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    المريخ يتدرب بالصالة    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محرقة معركة دمشق .. كارثة تخفيها المعارضة .. والسكون لا ينتظر
نشر في حريات يوم 05 - 08 - 2012


تقديم وتعليق: شوقي إبراهيم عثمان
هل يمكن أن تمر معركة الأوديسا الدمشقية في حضن التاريخ العبق الفواح دون إلقاء القراء الكرام المعاصرين نظرة عليها؟
لقد وعدت الجميع أن أهديهم مقالة عن معركة دمشق – وها أنا أوفي. ومعركة دمشق هي المعركة الملحمية التي أسدل عليها أطنان من الستر والصمت من قبل الإعلام الخليجي والجيش السوري اللا-حر من عصابات الخليج وتركيا والناتو في سوريا، وهي المعركة الحاسة التي أنجزتها القوات العربية السورية البطلة بعبقرية السهل الممتنع. وبسبب دقة إنجازها وصغر زمنها اللاقياسي وصفها أحد الصحفيين الإيطاليين بمعركة “صيد الأرانب البرية”…
عموما، جهدنا في فضح وكشف ما يدور في سوريا وحولها هو لصالح أوراق المعارضة السودانية…وبالتحديد قراءة وفهم “العقلية الأمريكية الصهيونية” في سلوكها وحراكها الفعلي باستخدامها السلفية الوهابية القتالية الإقليمية ومشتقاتها من الأخوان المسلمين كآلية لتنفيذ وتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد. ومع ذلك لا نجد من ينتقد المشروع الإسلامي الأمريكي – وبشكل غريب لزم الصمت جميع الكبار أمثال الدكتور الطيب زين العابدين، وفهمي هويدي، ومحمد عمارة..الخ بينما بشرنا افلاطون قطر الدكتور عزمي بشارة أن الديمقراطية ستعم على كل بلدان المنطقة على “أجنحة السلفية التكفيرية” ولم ينس الدكتور المخادع أن بمدح شيخ إسلامهم بن تيمية!! ويبقى الأزهر المؤسسة الصلبة في وجه الطابور السلفي السعودي في مصر على هوية الدستور – فالسلفيون والأخوان المسلمين يرغبونه “طبقا لأحكام الشريعة” لوهبنة وسعودة مصر بسلاح بن تيمية بينما الأزهر يقول “طبقا لمبادئ الشريعة”..وأنتصر في هذه المعركة الأزهر.
إذن لابد من فهم طبيعة السيناريوهات والإستراتيجيات الخليجية-الصهيونية-الغربية التي تدور حولنا في المنطقة.
ما زال التقصير يلازم المعارضة السودانية في وضع النقاط على الحروف، فهي ما زالت تصمت وترى في تمدد الظاهرة السلفية الوهابية في السودان أو في الإقليم قضية عابرة أو ربما ليست قضيتها – وكأن السلفية ظاهرة تمدد عفويا، بينما أرى إن التمدد السلفي الإقليمي هو محور القضية السودانية والإقليمية والدولية. فقد بينا في المقالات الأخيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم الجماعات السلفية الجهادية ك “شركات” أمنية عسكرية مثال بلاكووتر BlackWater، تحل محل المؤسسات العسكرية الحكومية الأمريكية عبر الخصخصة لصالح التغيرات البنيوية الإقليمية وإعادة رسم الشرق الأوسط القديم لصالح إسرائيل وقطعا لأهداف أخرى، وكان السودان أول ضحايا هذه الإستراتيجية والتكتيك.
فمثلا صحيفة “حريات” لا أفهم كيف يروج محررها السياسي “أكاذيب” الصحافة العربية والدولية – حصرا من ال CNN وقناتي الجزيرة والعربية. فمثلا “الإندبيندانت” لماذا لا تأتي “حريات” بما يقوله ويكتبه الصحفي الحر روبرت فسك لهذه الصحيفة البريطانية؟ كل مقالاته لصالح النظام السوري الذي يحمي شعبه، مثل مقاله: “قطر تمثل حكما سلطويا فاضحا والسعودية من أكثر الدكتاتوريات الملكية خبثاً؟ أو مقالته: “الحرب السورية حرب الأكاذيب والنفاق”..Robert Fisk: Syrian war of lies and hypocrisy وبدلا من روبرت فيسك وغيره من الصحفيين الشرفاء تنقل “حريات” خبرا على لسان الجيش السوري اللاحر حقا عن نفس الصحيفة البريطانية أن القوات النظامية تدمر المستشفيات!! هذا خبر مضحك قطعا.
شهد من أهلها شاهد. يقول الخبر الأمريكي التالي فيما معناه: الكذب الكثير مضر بصاحب القضية والقضية نفسه – بطلوا الكذب الكثير يا قناتا الجزيرة والعربية!!.
انتقدت المجلة الأميركية “فورين بوليسى Foreign Policy” بمقالة عنوانها: “الجزيرة والعربية” تخلتا عن المعايير الصحفية في سوريا” بحدة قناتي الجزيرة القطرية والعربية السعودية، موضحة أن كلا منهما قد تخلى تماما عن المعايير الصحفية والمهنية عند تناولهما للأوضاع التي تشهدها الساحة السورية في الوقت الراهن. وأضافت: أن تلك القنوات صارت تعتمد بشكل كبير على مكالمات مجهولة كما تقوم بعرض أشرطة فيديو لم يتم التأكد من صحتها.
وقالت المجلة الأميركية إنه في الوقت الذي تشهد فيه سوريا حربا، ظهرت في الأفق حربا جديدة ولكن على المستوى الإعلامي تشنها قناتا الجزيرة والعربية، اللتان تسيطران تماما على القطاع الإخباري العربي، ضد النظام في سوريا، إلا أنهما دائما ما يعملان على تشويه الأخبار بشكل كبير.
وأوضحت المجلة في تقريرها أن كلا القناتين قد تأسستا عن طريق أعضاء من العائلة المالكة في دولتي قطر والسعودية، وبالتالي فإن التغطية الإعلامية التي تقوم بها تلك القنوات للحرب على سوريا تعكس إلى حد كبير الموقف السياسي الذي تتبناه حكوماتهما الداعمة لهما، موضحة أن هناك أموالا طائلة يتم إنفاقها لدعم المحطتين الفضائيتين، فقناة الجزيرة تكلفت حوالي 150 مليون دولار إبان تأسيسها تحملها أمير قطر عام 1996، كما أنها تتكلف حوالي 650 مليون دولار نفقات سنوية منذ عام 2010، وهو الأمر الذي تشابه إلى حد كبير مع قناة العربية والتي تكلفت حوالي 300 مليون دولار عند تأسيسها تحملها عدد من المستثمرين في الدول العربية في الخليج الفارسي بقيادة وليد إبراهيم الذي ارتبط بعلاقة نسب بالملك السعودي السابق فهد بن عبد العزيز.
وأضافت المجلة أن معظم المبالغ السنوية التي يتم صرفها على القناتين العربيتين تعد مجهولة المصدر، إلا أنه من المؤكد أنه يتم صرف مئات الملايين من الدولارات لإدارة مثل هذه القنوات.
وقال التقرير الأميركي إن تغطية الأحداث في سوريا استنزف كثيرا من موارد تلك القنوات، حيث تم التقليل بشكل كبير من الأوقات المخصصة للإعلانات أو إلغاؤه في بعض الأحيان، وهو ما أدى إلى تقليل العائدات المادية التي يمكن للقناة الحصول عليها.
وأضاف أن نشرات الأخبار التي تبثها تلك القنوات تعتمد بشكل كبير على الصحفي المواطن الذي يعد شاهد عيان للأحداث وكذلك على لقطات الفيديو التى يمكن الحصول عليها من المواقع الإلكترونية بسهولة شديدة. وأضاف التقرير أن كلا من الجزيرة والعربية يتغاضيان عن الأخطاء التي يقع فيها المسلحون في سوريا إبان تغطيتهما للأحداث في سوريا، كما أنهما قد فتحا المجال أمام رجل الدين المتطرف عدنان العرعور والذي دعا ذات مرة إلى تقطيع أجساد العلويين ورميهم للكلاب عقابا لهم على دعمهم لنظام الأسد!. وأضافت المجلة أن القنوات العربية غالبا ما تقوم بأسوأ أعمالها عندما تتصاعد المخاطر السياسية الناجمة عن تغطيتها للأحداث.
من ناحية أخرى، أوضح التقرير أن كلا من الجزيرة والعربية تعانيان من قدر كبير من الازدواجية، حيث تقدم تلك القنوات رسالتها طبقا لطبيعة الجمهور المتلقى، يظهر ذلك بوضوح في الاختلاف بين الرسالة الإعلامية المقدمة في قناة الجزيرة أو العربية الإنجليزية عنها في القنوات العربية، فعلى سبيل المثال أبرزت قناة الجزيرة “الإنجليزية” مسألة تسرب عناصر القاعدة إلى صفوف المسلحين في سوريا على الرغم من أنها لم تذكره من الأساس في تناولها للقضية في قنواتها العربية.
وماذا عن جون براندرقاست بصحيفة “حريات”؟
“صداقة” المعارضة السودانية للمدعو جون براندرقاست الموظف بمجموعة الأزمات الدولية ICG فهي صداقة غريبة، بل هي علاقة عبيطة وساذجة. لا أعرف ماذا يعجبهم فيه؟ ربما إلا شعره الذهبي الطويل الذي يبهرهم!! فبراندرقاست ليس سوى دودة صهيونية. نفس المعهد أو المجموعة هي شركة thinktank أسستها إسرائيل بدعم صهيوني، ضمت كل المعاشيين من رؤساء الوزراء السابقين والذين أثبتوا ولاءً للغرب وللصهيونية..
في كل الأحوال ندعو كافة المعارضين السودانيين أن يرجعوا إلى أنفسهم ويؤمنوا بها وأن يعطوا دول الخليج وأمثال جون براندرقاست ومجموعته الدولية ظهورهم، إذ من التشوه أن تؤمن بالشيء وتعمل ضده، مباشرة أو غير مباشرة. فعقدة دول الخليج وحلم التوظف فيها هو أحد التناقضات الذاتية التي يعيها المعارضون، ويجب ألا ينعكس بالسلب على التناقض القومي الكبير ما بين السودان ودول الخليج، وهل يعتقدون أحدهم إننا ننتقد علي عثمان محمد طه ونصمت عليهم؟ متى يتحرر السودانيون نفسيا من عقدة دول الخليج؟
والآن أدخل على الأوديسا الدمشقية!!
“محرقة معركة دمشق .. كارثة تخفيها المعارضة .. والسكون لا ينتظر”..!!
- بقلم: نارام سرجون
بالرغم من احتقاري للعمل السياسي المعارض العربي فإنني وبعد هذا الربيع أدركت أن المعارضات العربية هي حالة جديرة بالدراسة والبحث لأنها ظاهرة لا شك فريدة من نوعها وهي مصابة بنوع من اللوثات النفسية التي تصيب قبائل الأدغال الأفريقية فتقدم أغلى شبانها قرابين لإله الشمس وإله القمر.. فما حدث في معركة دمشق كان محرقة حقيقية لمسلحي تركيا والناتو الذين قدمتهم المعارضة عربون وفاء لتحالفها مع الغرب….
لا يوجد عاقل في الدنيا يزج بمحاربيه الشباب إلى تلك المحرقة التي زج بها المعارضون بأولئك الشباب في محرقة دمشق ..ولا يوجد قائد حريص على جنوده لا يفكر بأن يجنبهم الموت الرخيص المجاني والسريع .. أقول ذلك وقد وصلتني تعليقات بعض المراقبين الغربيين على ما سمي معركة تحرير دمشق والتي وصفها جميع المراقبين على الإطلاق بأنها أكثر عملية متهورة وحمقاء وانتهت بكارثة بشرية حقيقية .. وقد أرسل لي زميل عزيز بتقرير وقراءة لأحد رجال المخابرات البريطانيين السابقين (د آي باركر) الذي غطى بعض نشاطات الجهاز السرية في الشرق الأوسط في التسعينات بقوله بالحرف معلقا على نتائج معركة دمشق: يا الهي .. هل ما حدث كان معركة أم حقل انتحار جماعي لجماعة تؤمن بالانتحار؟؟
لا تريد المعارضة حتى الآن اطلاع جمهورها على الكارثة التي تعرض لها مقاتلو معركة دمشق وربما اكتفت الدولة بالإشارة إلى حجم الخسائر الفادحة وببعض المشاهد السريعة .. لكن حقيقة الأمر هو أن آلاف المقاتلين تعرضوا إلى أقسى معركة غير متكافئة على الإطلاق زجهم بها قادتهم كما لو كانوا قرابين رخيصة بلا ثمن من أجل لعبة إعلامية واستعراضات تلفزيونية .. كما يلقي المقامر بأمواله وهو منتش باللعب .. لكنها كانت لعبة الموت.. ولو نظرنا إلى ما حدث لوجدنا أن رجال الكوماندوس السوريين فتكوا بالمسلحين بسرعة غريبة في عملية تشبه عملية إبادة شاملة .. ولا يزال الكثيرون لا يصدقون كيف أن قرابة 3000 مقاتل يماثلون عدد مقاتلي حزب الله الذين واجهوا 30 ألف جندي إسرائيلي لمدة ثلاثة وثلاثين يوما .. كيف أن هؤلاء المقاتلين في دمشق لم يصمدوا إلا 72 ساعة مقارنة مع نفس العدد لمقاتلي حزب الله الذين صمدوا وبخسائر قليلة 33 يوما .. حيث تمت عملية إبادة المقاتلين في شوارع دمشق عن بكرة أبيهم بشكل مثير للدهشة في معظم الأحياء .. فيما استسلم بضع مئات آخرين في سرعة قياسية في البساتين المحيطة تجنبا لهول المعركة التي عصفت بهم كالإعصار ..وتشكل هذه الأرقام ما يقارب 25-30% من قوة المقاتلين على الأراضي السورية..ما استدعى عملية تجنيد مباشرة من السعودية وجمع للتبرعات للتعويض عن الدمار الذي تعرض له جسم المعارضة المسلحة..
المسلحون الذين دفعت بهم المعارضة وأبيدوا عن بكرة أبيهم في محرقة دمشق دمهم في رقبة المعارضة وليس في رقبة النظام الذي ليس من المتوقع أن يرحمهم وقد كانوا واضحين في استهدافهم لقلب نظام الحكم وقتل الدولة السورية .. المعارضة يجب أن تتعرض للوم والتأنيب الشديد لأنها وكما وصل من مصادر عديدة لم تسمع لنصائح كثيرين ممن يعرفون بواطن الأمور ..فبعض المعارضين قدموا نصائح مخلصة بتجنب هذه المعركة دون غطاء الناتو لما يعرفونه من بأس النظام إذا ما تعرض للاستفزاز في دمشق ولما يعرفون من استعداد الدولة السورية لأية مفاجآت في دمشق ..
التباهي بالنصر السريع دون التفكر ودون النظر إلى إمكانات هؤلاء المسلحين أمام أفضل فرق الكوماندوس في المنطقة التي تخشاها فرق الكوماندوز الإسرائيلية نفسها يجب أن تحاسب عليه المعارضة فردا فردا إن كان هناك من يحاسبها لان ما فعلته هو تقديم ذبائح وأضاحي مجانية .. ولكن المعارضة لا يحاسبها أحد سوى المخابرات التركية والأمريكية والإسرائيلية .. وهؤلاء لا يهمهم تضحيات المسلحين طالما أنهم لعبوا الورقة في تلك المقامرة التي كان من الممكن نجاحها في حال تفكك الجيش السوري اثر غياب قادته الكبار بعد عملية تفجير دمشق..لم تنجح المقامرة ولم يخسر التركي ولا الأمريكي ولا الإسرائيلي أي جندي .. وما خسروه هو 3000 مقاتل عربي وسوري .. دمهم ومالهم عربي .. بينما يتمدد رجال المخابرات ورجال المارينز ولواء غولاني في مصايف البحر المتوسط وآلاف المقاتلين يموتون في خطة سخيفة لاحتلال معقل من معاقل الشرق محاط بأعتى رجال الكوماندوز والقوات الخاصة .. هؤلاء السادة الأتراك والأمريكيون والإسرائيليون لا يعنيهم الثمن الذي دفعته المعارضة طالما أنه أزعج الأسد قليلا.. وما يدل على غيبوبة المعارضة السورية أن الاستخبارات الغربية تمكنت بعد عملية في منتهى التعقيد من توجيه ضربة للقيادة العسكرية السورية باغتيال كوادر هامة .. ولم تكن المعارضة السورية سوى كومبارس وكاراكوز فبالرغم من ادعائها للعملية فإنها عجزت عن تسمية “البطل” الذي جندته انتحاريا كما تدعي للدعاء له ولأهله كما اعتدنا في العمليات الاستشهادية .. ولا تزال عاجزة عن سرد رواية واحدة متطابقة عن آلية التنفيذ وان كانت عن بعد أم بقنبلة موقوتة وعجزت عن إعطاء أي تفصيل لأن المنفذ لم يطلعها على العملية بل طلب منها التجهز لمعركة دمشق للانتحار .. ففعلت كالعمياء.. ..
في تفاصيل ما وصل فان النصائح التي أسداها البعض للمعارضة أن معركة دمشق لا تخاض بهذه الطريقة لان النظام محتاط جدا لمعركة دمشق ولمعركة حلب .. ولا يكاد يخلو شارع فيهما من وجود أماكن فيها مفارز وحدات خاصة مدنية مخفية داخل الأبنية وهذا ما يفسر كيف أن المسلحين وجدوا أنفسهم في دمشق فجأة بين نارين .. نار الكوماندوس المقتحم للأحياء التي تمترس فيها المسلحون ونار وحدات سرية فتاكة مندسة تضربهم من الخلف..خاصة أن جزءا كبيرا من نقاط وخطط التحرك كانت بيد المخابرات السورية التي تعتمد بشكل كبير على المندسين التابعين لها فتعرض المسلحون لأبشع عملية إبادة وأسرع استئصال .. والسؤال الذي أفرزته معركة دمشق تلقفته المعاهد العسكرية للتعامل معه للاستفادة منه فهذه أول مرة تجري تجربة فريدة من نوعها في أن تتمكن وحدات كوماندوس من الفتك ب 3000 مقاتل متواجدين بكثافة في بعض الأحياء في فترة زمنية قياسية … فالإجهاز على 3000 مقاتل في حرب مدن وشوارع خلال 72 ساعة عمل فذ عسكريا استخباراتيا ودرس تحاول الآن المدارس العسكرية تفسيره للاطلاع على هذه التجربة التي لا تزال أسرارها تحتفظ بها القيادة السورية لنفسها .. فتقديرات المدارس العسكرية الكلاسيكية لهذا النوع من المعارك أنها مكلفة للغاية وتستغرق على الأقل 60 يوما وتحتاج إلى 20 ألف رجل كوماندوز لإنجازها مع احتمال خسارة 10% من قوة الكوماندوز المقتحمة (معركة الفلوجة التي قام بها الأمريكيون مثال على ذلك رغم أنها لم تكن عملية كوماندوز صرفة بل إبادة شاملة وحرق للأرض)..
وقد تستغربون أن أكثر جهاز مخابرات يريد معرفة التكتيك الذي اتبعه الكوماندوز السوري هو الجانب الإسرائيلي – كما لفت الجنرال الفرنسي المتقاعد هيرفيه ديريكامييه – الذي وجد أن معرفة التكتيك قد تفيد الإسرائيليين كثيرا في المستقبل إذا ما أراد اقتحام غزة أو جنوب لبنان ..ويعتقد ريكامييه الذي ردد عدة مرات بأن العملية مثيرة للدهشة أن أحد العوامل التي تسببت بهذه الكارثة على المسلحين ليس سوء التخطيط من قبل المخططين أو تفوق الكوماندوز السوري فقط بل هو أهالي الأحياء التي تمترس فيها المسلحون .. فأهالي الأحياء لم يوفروا حضانة للمقاتلين وهذا بحد ذاته مؤشر شؤم على مستقبل أي تحرك مسلح في المدينتين الكبيرتين السوريتين لأن الغالبية السكانية لم تقع حتى الآن في هوى المقاتلين لتحتضنهم ولتؤمن لهم الدرع البشري الذي سيحرج الجيش السوري ويحدد حركته مما يخلق تلبكا في تحرك النظام العسكري ويظهره غير قادر على الحسم .. لكن سكان الأحياء الدمشقية اظهروا لامبالاة بحماية المسلحين واهتموا بحماية أنفسهم بل إن عملية النزوح من الأحياء كانت بشكل من الأشكال دعوة صريحة من السكان للجيش للدخول في منطقة نظيفة من المدنيين لتجول نيرانه بحرية تحصد المسلحين دون الخشية من إصابات مدنية .. وفي هذا دلالة كبيرة على التزام سكان دمشق موقفا لم يتغير وهو الاصطفاف مع دولتهم .. ويعكس فشل المعارضة المطلق في استمالتهم كام حدث مع بعض أحياء حمص ..ويخشى هنا أن يلجأ المسلحون في تحركات مقبلة اذا حدثت إلى أخذ سكان الأحياء رهائن بمنعهم من الخروج كما حدث في أحد أحياء حمص..
ولكن كيف سيتعامل الجيش السوري في حالة وجود حاضنة شعبية تؤوي المسلحين؟؟ احد التقارير وهو خلاصة توصيات مجموعة من المحللين قال: من المحتمل حدوث هذا .. ولكن تجربة معركة دمشق انتهت ولم يحدث .. وان حدث هذا مستقبلا فسيكون في أحياء ضيقة تسقط بحصار مطبق وضغط مكثف ولكن يبدو أن الدولة السورية لمست تغاضي الجمهور الدمشقي عن نزول جنود الكوماندوز إلى الأحياء وقرأت هذا بمهارة على أنه تفويض باعتبار المسلحين وأي حاضنة خطرا على المجتمع والتعامل معه على أنه خطر لا يجب التساهل معه..
عسكري بريطاني رفض التصريح باسمه قال لمراسل محطة داخلية أمريكية: ربما نلوم حكوماتنا على تصوير مثل هذه العملية على أنها ممكنة الانجاز بالميليشيا .. لكننا جميعا نعرف أن المليشيا وحدها لا يتجاوز احتمال نصرها على قوات الأسد المتفوقة الصفر إذا لم تتدخل طائرات الناتو كما حدث في ليبيا ..وسأكرر.. لا أمل للمقاتلين على الأرض على الإطلاق من غير تدخل طائراتنا وكل أوامر صادرة إليهم من قادتهم بهذا الخصوص هي انتحار ومن حقهم التمرد عليها .. فالمقاتل لا يذهب فقط ليموت بل ليكون هناك احتمال أن ينتصر أيضا وان قتل .. لكن أن تذهب إلى معركة لتموت فقط فهذا لا يفعله حتى أسامة بن لادن !!
قامت المعارضة بإحراق 3000 مسلح في دفعهم إلى عملية احتلال دمشق في إطاعة عمياء للمخابرات التركية والأمريكية دون الأخذ بعين الاعتبار بسلامة مقاتليها ونجاح المعركة المستحيلة .. فالمعارضة ليس فيها عسكريون محترفون إلا رياض الأسعد وأكثر درس تعلمه في الكلية العسكرية هو الانسحاب التكتيكي .. والغريب انه حتى الانسحاب التكتيكي تبين أنه فاشل فيه .. فما تعرض له المقاتلون ليس انسحابا بل انسحاقا..
ومع ذلك سأقول .. لست آسفا على المقاتلين العرب الذين انضموا إلى حفلة الشواء ومهرجان الموت الذي أقيم لهم في دمشق والذين زحموا الطريق إلى السماء وانشغلت ملائكة الموت بقبضهم طوال ثلاثة أيام ..ولن أتردد في القول إنني لا أميز بين الجندي الإسرائيلي وبين المقاتل العربي ضد أهل دمشق .. كلاهما سنقلبه على أسياخ الكوماندوز في حفلات الشواء ونحن ننشد للأبطال في الجيش السوري: خبطة أقدامكم على الأرض هدارة ..
لكنني لا أملك إلا الإحساس بالأسى والألم على أولئك الشباب السوريين الذين انضموا بسذاجة إلى حفلة الموت لأن قادتهم يديرون معركتهم الشخصية من على هواء الجزيرة واستانبول ..هؤلاء الشباب كانوا يجب أن يكونوا في أعمالهم ونشاطاتهم وحياتهم وعلاقاتهم وأحلامهم وأشغالهم .. لكن مجانين الدين سرقوا منهم أهم مشوار في الحياة .. مشوار الشباب نحو الحياة والنجاح.. وبدل أن يكونوا في مناكب الأرض فإذا بهم ينتهون على سيارات الدفع الرباعي ومدافع الدوشكا قبل رحلة الموت الزؤام..فواحسرتاه على الشباب في محارق المعارضة وأفران السياسة الحمقاء..
لابد أن هذه المعركة الفاشلة ستكون منعطفا قاسيا ذا دلالات ..خاصة إذا عرفنا أن 30 % من مقاتلي المعارضة قد فقدوا في 3 أيام من المعارك ..وأن تفقد 30- 40% من قدرتك القتالية في أول معركة يدل على أن ما تقوم به ليس قتالا بل ترديا في التهلكة ..
معركة دمشق التهمت رؤوسا أينعت .. ولكن دلالاتها أبعد مما نعتقد ..وهي أن إسقاط النظام عسكريا مستحيل .. وأن النظام تحرر من المجاملات .. بعض الذين غاصوا كثيرا في معركة دمشق تنبئوا أن أحداثا كثيرة ستتلو ذلك لكن هذه المرة ستكون دمشق مستفزة وربما صار مزاجها عكرا .. وهي التي قد تحرك السكون الذي يحيط بها من كل جانب.. والسكون ينتظر بفارغ الصبر .. الأوامر ..
في الحقيقة كنت دوما أتساءل .. أين هي الأوراق؟ ولمن يريد أن يعرف عن أية أوراق أتحدث فإنني اقصد الأوراق التي تملكها سورية في المنطقة؟ منذ عام ونصف والجميع يشير إلى تلك الأوراق .. الأوراق التي انتظرها الجميع لكن لم تظهر واحدة منها على الإطلاق حتى ظننت أننا كنا واهمين وأننا كنا نضحك على أنفسنا .. وأن البحث عن الأوراق يشبه البحث عن الكرسي الذي خبئت فيه ثروة حسني البورظان في مسلسل “حمام الهنا” ..وخشيت أن اكتشف أن قيمة أوراقنا تشبه قيمة أوراق ثروة حسني البورظان في آخر مشهد.. وقد كنت غاضبا لعدم ظهور الأوراق السورية .. ولكن غضبي زال تماما وأحسست بالرضا التام عندما بدأت أرى بعضا من هذه الأوراق التي تم إخفاؤها إلى مثل هذه اللحظة التي وضع فيها محور الشر رهاناته كلها ..نعم إننا نملك أوراقا ولبعض هذه الأوراق قيمة لا تقدر بثمن ..وكان من الحكمة إبقاؤها حتى هذه اللحظة.. السكون ينتظر بفارغ الصبر .. الأوامر
شوقي إبراهيم عثمان
(الأربعاء 2012/07/25 SyriaNow)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.