استنكرت اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق وحريات الفكر، في بيانا لها صدر الخميس، تصريحات نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الاخوان المسلمين عصام العريان التي اتهم فيها اليسار المصري ب”احتقار الدين والتعالي على الشعب”. واعتبر البيان ان “هذه التصريحات تحض على كراهية القوى اليسارية التي ناضلت لاجل بناء المجتمع والحفاظ على فنونه وثقافته ضد كافة اشكال الرجعية والتخلف، وخرج من صفوفها مفكرون وسياسيون كبار بينهم زكي نجيب محمود وأحمد لطفي السيد وسلامة موسي”. ووصف البيان تصريحات العريان بانها “مريبة وتأتي في ظل فترة مقلقة ودقيقة في تاريخ مصر المعاصر”، معتبرا ان “مثل تلك التصريحات لا تحتمل من مسؤول كبير في حزب سياسي لعزفها على وتر العقيدة الدينية والاستقواء بالسلطة السياسية”. وكان العريان كتب على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر ان “فشل اليسار يعود الى النفوذ الاجنبي والتمويل الخارجي والهاجس الامني والتشرذم والتفتت واهمال دور الدين بل احتقاره والتعالي على الشعب”. وطالب العريان الليبراليين العرب “بدراسة اسباب فشل الحركة الشيوعية واليسارية فى العالم العربي لكي يتعلموا من الأخطاء السابقة”. واثارت هذه المواقف غضب كثير من الجهات اليسارية التي اعتبرت انها “كاذبة وليست جديدة”، معتبرة انه “سبق لأجهزة المخابرات الاميركية ومباحث امن الدولة ان رددت مثل هذه الاتهامات ضد اليسار المصري والعربي”. واطلقت اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق وحريات الفكر بالتعاون مع عدد كبير من المثقفين والمجلس الاعلى للثقافة تظاهرة توعوية في حزيران/يونيو الماضي، وشارك في فعالياتها الكاتب احمد بهاء الدين والشاعر سيد حجاب والمخرج مجدي احمد علي الى جانب عشرات من المثقفين والفنانين المصريين. ويرى مراقبون ان وعود الرئيس المصري بحماية الحريات بقيت حبرا على ورق، في حين اصبح تطبيق الشريعة الاسلامية في مختلف اوجه الحياة الاجتماعية والسياسية هي السمة الغالبة، مما زاد من مشاعر الريبة والقلق في صفوف العلمانيين. وقال رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري “الخوف هو من تدمير الدولة المدنية التي يتساوى فيها المواطنون، وارى ان رسالة الطمأنة بلا قيمة لأننا نرى ما يفعلونه في الواقع”. ويشعر بعض المصريين بالقلق من أن يسعى المتعصبون الذين ازدادوا جرأة بعد نجاح الإسلاميين في الانتخابات من فرض إرادتهم في الشوارع حتى وإن لم يكن هناك توجيه من الدولة. ويقول محللون وسياسيون علمانيون “ان المعارضة الاسلامية لم تستفد فحسب من موجة التعاطف معها، ولكنها تستغل أيضا وبمهارة وضعها شبه الرسمي ودور الدين في المجتمع المصري وهي خيارات غير متاحة أمام الاحزاب العلمانية”. وفقد ثلاثة من زعماء المعارضة العلمانية مقاعدهم في البرلمان، وبشكل عام فقد حزب الوفد الليبرالي مقعدا ليحصل في النهاية على ستة مقاعد وانخفض عدد مقاعد حزب التجمع من ستة الى اثنين كما فقد الناصريون مقاعدهم الثلاثة. وجاء الفوز الوحيد الذي حققه حزب الغد من خلال أحد المنشقين عن الحزب. وشدد نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على ضرورة الحوار لانه الوحيد الذي يحول دون الحرب الأهلية التي يمكن أن تشتعل نتيجة رفض الآخر وتبادل السب والقذف بين الاحزاب المصرية. وقال “إن مصر ظلت نموذجا رائعا على مدار 14 قرنا في التعايش بين مختلف الأديان ، ولابد من الحفاظ على هذه المفخرة”. وحذر شيخ الأزهر من تخبط تيار العلمانية الداعي للتغريب وبناء الدولة المصرية على أسس غربية، وانتقد في نفس الوقت التيارات الدينية التي “تقدم القشور الإسلامية فتزيد غربة المسلمين عن ثقافتهم الإسلامية، وتجعل المجتمع في واد وواقعه في واد آخر”.