أقرت الحكومة بان العجز في ميزانية العام المقبل 2013 لن تختلف عن مثيلها في العام المنصرم. وقال مجلس الوزارء في بيان عقب اجازته ميزانية العام 2013 في جلسة استثنائية الاثنين ان العجز سيصل الي 1.5 مليار دولار اي حوالي 10 مليارات جنيه سوداني، فيما أعلنت وزارة المالية انه لن تكون هناك اي زيادة في المرتبات ، ورهنت أي زيادة محتملة برفع الدعم عن المحروقات والسلع الاساسية. في غضون ذلك قال مسؤول في وزارة المالية السودانية وخبراء اقتصاديون ان الميزانية الحالية غير دقيقة ويقصد منها تفادي احتمالات نشوب احتجاجات شعبية جديدة كما حدث في يونيو ويوليو من العام الحالي وسيطرت عليها الحكومة بصعوبة بالغة رغم الاستخدام المفرط للقوة الذي تم انذاك. وتوقعوا ان يتجاوز العجز الاثنين مليار دولار ، مؤكدين ان الحكومة ستضطر الي العودة مجددا لرفع الدعم عن المحروقات والسلع الاساسية الاخري في ظل تجاهلها لباقي الوصفة التقشفية التي اعلنتها وهي تقليل الانفاق الحكومي. وقالت وزارة المالية ان ميزانية العام المقبل ستتراوح بين 3.1 الي 4.6 بعجز مقداره مليار نصف مليار دولار اذ ان الايرادات ستبلغ 25.2 مليار جنيه بينما تبلغ المنصرفات 35 مليار جنيه ، وأوضحت ان حجم العجز في التبادل التجاري سيبلغ 2.7 مليار دولار اذ ان الصادرات ستصل الي 4.5 مليار دولار بينما يبلغ حجم الواردات 7.2 مليار دولار. ، كما اقرت المالية بفشل محاولات رفع صادرات السودان من النفط من 115 الف برميل يوميا الي 180 الف برميل اذ لم يزيد الانتاج خلال العام الحالي عن 150 الف برميل يوميا. وقال مسؤول في وزراة المالية السودانية فضل حجب هويته ل ( حريات ) ان الارقام المذكورة مفرطة في التفاؤل ، مؤكدا ان حجم العجز سيزيد عن الملياري دولار ، مشيرا الي ان الاوضاع الاقتصادية في العام المقبل لن تتحسن عن سابقه وربما تزداد سوءا اذ ان العجز في الموازنة في العام السابق كان حوالي ثمانية مليار جنيه بينما يقارب في العام الحالي العشرة مليار ، مذكرا بان الايرادات بلغت 19.1 مليار جنيه بينما كان الانفاق حوالي 28.7 مليار جينه بما يعني ازدياد العجز هذا العام بحوالي ملياري جنيه ، كما ان توقعات العجز بين الصادرات والواردات او ما يعرف بالميزان التجاري لن يختلف في العام المقبل 2.7 مليار دولار عن العام الماضي الذي بلغ فيه 3 مليار دولار . واوضح المسؤول ان قيمة رسوم عبور نفط الجنوب بجانب التعويضات التي سيدفعها الجنوب في حال تنفيذ اتفاق التعاون الحالي ستصل الي حوالي مليار دولار في العام لن تسد العجز في الميزانية ، متوقعا ان تضطر الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات وبعض السلع الاساسية لسد العجز بين الورادات والصادرات وشح العملة الصعبة اذ بلغت قيمة الدولار في السوق السوداء حوالي 6.5 جنيه سوداني. وفي السياق قال خبير اقتصادي سوداني ان الحكومة تمارس التضليل علي الرأي العام ، وتعطي توقعات غير صحيحة للميزانية الامر الذي سيفقدها المزيد من مصداقيتها التي فقدتها اصلا عقب انفصال الجنوب وزادت تلك الحالة تفاقما عقب المظاهرات التي اندلعت في يونيو ويوليو الماضيين ، ما يعني بحسب الخبير ان محاولات الحكومة الخاطئة لتفادي الاحتجاجات سيقودها للوقوع في اخطاء استراتيجية أمام الشعب السوداني. ومضي الخبير للتأكيد بان اعطاء الأرقام الخاطئة يضلل ايضا جهات أخري في الدولة التي تعتمد علي تقديرات وزارة المالية ما يخلق حالة كبيرة من الارتباك ويدل علي عدم الاستفادة من تجارب الماضي القريب. وأوضح ان الحكومة عندما تقول ان الميزانية تتراواح بين 3.1 الي 4.6 مليار دولار فانها تتعمد اخفاء العجز ، مشيرا الي ارتفاع العجز في الموازنة وفي الميزان التجاري في العام الحالي عن سابقه ، الامر الذي اضطر وزارة المالية – رغم كذبها- ان ترهن زيادة الاجور برفع الدعم ، ما يدل علي عجز فني ومهني وعدم دراية أكاديمية للقائمين علي الشؤون الاقتصادية للبلاد ، لان الاضطرار لرفع الدعم يأتي بشكل اساسي لعجز الدولة عن الانتاج ورفع الصادرات مقابل الورادات وتوفير فائض من العملات الصعبة، وان واحدا من الاساليب لتفاديه أو التقليل منه هي تقليل الانفاق الحكومي وتطبيق سياسة تقشف أمينة وهو ما عجزت الحكومة عن القيام به، لانها مثقلة بالتسويات السياسية والدفع للمحاسيب والمتوركين علي حد تعبيره. مبينا ان الحكومة ستضطر في نهاية المطاف للبحث عن الحل الاسهل والسريع وهو رفع الدعم نسبة للتدمير الكامل للقطاعات الانتاجية غير النفطية الذي تم في عهد الانقاذ ، بالاضافة للفساد المستشري.