[email protected] في ذاك النهار امتلأ استقبال مكتب النائب الأول بالقصر الجمهوري بعدد من ابرز السياسيين..قائمة الانتظار حوت قامات سياسية رفيعة من بينهم الراحل محمد ابراهيم نقد..كل هؤلاء كانوا يريدون مقابلة النائب الأول الجديد الدكتور جون قرنق..الناس في ترغبهم دخل المحامي غازي سليمان دون الجلوس في طاولة الانتظار..في ذاك الاجتماع اصبغ جون قرنق لقب القائد على المحامي المثير للجدل وبعثه في مهمة سياسية الى المملكة المتحدة..في ذاكرة قرنق ان غازي دفع الثمن غاليا حينما استضاف عدد من الضيوف وجعلهم يتواصلون هاتفيا بالمتمرد (وقتها) جون قرنق..الخيانة العظمى كانت ادنى التهم التي وجهت للمحامي غازي سليمان. اللواء الهادي بشرى خرج بعد الانقاذ الى مصر معارضا يرفع السلاح في وجه السلطة الجديدة..اللواء بشرى اصبح عضوا نشطا في هيئة القيادة الشرعية التي ضمت الفريق فتحي أحمد علي واخيه الفريق عبدالرحمن سعيد..في ذات مساء فاجأ اللواء الهادي الساحة السياسية وهو يحني هامته العالية ليلج طائرة خاصة اعدتها له الخرطوم..فعل الرجل امرا جيدا حينما رفض الافصاح عن اسرار القيادة العسكرية المعارضة..الا انه ايضا لم يصرح لماذا اتخذ ذاك قرار مصالحة الانقاذ..وظللت اسأل نفسى هل هذا الرجل (جبهة) حتى رأيت مؤخرا رجلا يشبهه (تماما) مشاركا في مؤتمر الحركة الاسلامية. اللواء الهادي الشفيف يبدو ان السلطة بدلته تبديلا..منذ يومه الأول في منصب والي النيل الازرق اصر على ارتداء البزة العسكرية..رغم ان منطق الاشياء يقول ان الانقاذ كانت راضية عن اداء سلفه اللواء يحي محمد خير الا انها ارادت (تمدين) المنصب اشارة لانتهاء الظروف الاستثنائية التي جعلت المشير البشير نفسه يخلع ذات الرداء ويصبح رئيسا مدنيا كسائر رؤساء العالم. اللواء متقاعد الهادي بشرى بدأ فظا غليظ القلب حتى على اهل الجلد والرأس في النيل الازرق..لم يكن على وئام مع رئيس المؤتمر الوطني الشيخ عبدالرحمن ابومدين..اعاد الهادي بشرى مسلسل خلافات قديمة صاحبت فترته الاولى كوال على الولاية الجريحة..في مثل هذا الظرف الحرج كان ينبغي فتح صفحة جديدة. واصل الهادي بشرى نهجه العنيف والولاية تتأهب لافتتاح اكبر مشروع تنموي يجعل سد الروصريص يدخل موسوعة الارقام القياسية بطول حائطه..الهادي بشرى أكد على الملأ انه لن يفاوض المتمرد مالك عقار (ولو كسر رقبتو).. اللواء الهادي اكد انه سيتخدم سياسة (الدق) مع المتهمين بمولاة الحركة الشعبية التي يقودها مالك عقار.. ذات الوصفة الحجاجية وصلت للمرشح السابق لمنصب والي النيل الأزرق فرح عقار. حسبت بداية ان اللواء الهادي بشرى ومن تجربته الشخصية يدرك ان قلوب السياسيين معلقة بالمناصب..الرجل في بلدنا من متمرد يحمل السلاح يغدو وزيرا ثم واليا ثم نائبا..ومن مساعد رئيس يتحول الى متمرد يشهر السلاح ضد الدولة. في تقديري ان اللواء الهادي بشرى اضطر لمجاراة سياسة القطع الناشف ودبلوماسية الساطور والعصا..لأن هذا هو التيار الغالب في حياتنا السياسية.