قبل أيام ضبط اللواء الهادي بشرى متلبساً بحضور مؤتمر صحفي للحزب الحاكم.. والي النيل الأزرق المكلف حاول أن يجلس بعيداً عن الأضواء لأنه يدرك حساسية موقعه وموقفه.. تحت ضغط من أهل المراسم اضطر الحاكم العسكري أن يزحف ليجلس في المواقع الأمامية. نقلت صحيفة «آخر لحظة» أن خلافات النيل الأزرق قد اشتعلت مرة أخرى.. المكتب القيادي للحزب الحاكم بالدمازين بعث وفداً رفيعاً للخرطوم حاملاً رسالة آن لهذا الجنرال أن يترجل.. مشكلة اللواء الهادي تكمن في أنه أراد أن يدير الناس ببزة عسكرية.. لم يستوعب الهادي بشرى المعادلة التي نقلت له السلطة في أعالي بحر أزرق كانت تستهدف الإيحاء أن الولاية تجاوزت مرحلة الحرب.. سلفه اللواء يحيى محمد خير أدار الولاية بسلاسة بعد إقالة الوالي الأسبق مالك عقار.. حكمة الجنرال يحيى أنه يدير الولاية الكبيرة بصورة استثنائية.. عطفاً على ذلك لم يغرق اللواء يحيى في تفاصيل الخلافات التي تعشعش في الولاية المثيرة للاهتمام. اللواء الهادي بشرى منذ يومه الأول في المنصب جاء يحمل ثأراً قديماً.. الهادي شغل بملابسه المدنية من قبل ذات المنصب في النيل الأزرق وكان جزءاً من كثير من الخلافات.. جاء سعادة الوالي وفي ذهنه أن الحسم العنيف يجعل الطريق سالكاً في حكم الولاية.. استأذن الوالي الجديد القائد الأعلى ليرتدي لامة الحرب.. هذه البزة جعلت وضعه مميزاً ولكنه صعب.. اللواء الهادي يرأس الحكومة في الولاية.. فيما يتولى الشيخ عبدالرحمن أبومدين مقاليد قيادة المؤتمر الوطني. في تقديري أن على القيادة السياسية أن تدرك حساسية الأوضاع في النيل الأزرق.. خصوم اللواء الهادي بشرى يطالبون بتعيين والٍ من أبناء الولاية.. فيما الأوفق أن يطالبوا بانتخابات تنهي الوضع الغريب والشاذ في النيل الأزرق.. انتخاب والي سيقلل من حدة الصراعات ويمنح شاغل المنصب حصانة شعبية. ربما يكون الوقت مناسباً لقيام انتخابات جديدة في النيل الأزرق.. ومن الأنسب أن تشمل الانتخابات كل الولايات وفي وقت واحد.. الآن أكثر من ثلث ولايات السودان تسير بمراسيم مؤقتة.. سبع ولايات تنتظر موعداً لانتخاب حكامها.. شمولية الانتخابات تنشط من حركة الدم في أوصال أحزاب المعارضة خاصة إذا تضمنت الانتخابات ولايات خالية من هيمنة الحزب الحاكم.. مثل أن يعلن المؤتمر الوطني أنه لن يرشح أحد كوادره في الولاية الشمالية. التاريخ القريب يؤكد أن الحزب الحاكم عاش فترة طويلة من الهدوء عقب إنهاء نظام الرأسين.. المفاصلة التي فرقت ما بين القصر والمنشية جعلت المشير البشير يستطيع اتخاذ قرارات صعبة وإستراتيجية من بينها توقيع اتفاق السلام الشامل الذي وضع حداً لأطول حرب أهلية في أفريقيا. من حسن الحظ أن الوضع في النيل الأزرق لا يحتاج إلا تخيير اللواء بشرى ما بين البزة العسكرية والمقعد السياسي.