هل يمكن أن تهدم بيت طوب لتبني راكوبة ؟ هذا ما يحصل في الخرطوم بحري وإليكم أصل الحكاية في زمن سابق عرض مشروع قرض تركي بفوائد علي البرلمان الحكومي ، وبعد المداولات و ( الورجغة ) عن مشروعية القرض الدينية وضرورته الدنيوية مر القرض مرور الكرام دون أن يعترض عبد التام . القرض المالي الذي ( قرض الناس قرض ) من أجل سواد عيون شبكة الصرف الصحي ببحري ولم يدر أي أحد ما إذا كان هذا المشروع علي علاقة بمجمع الديار القطرية الكائن علي شاطئ النيل الخصيب قرب كوبري المك نمر . وحالما تمت الموافقة علي القرض ظهر الأتراك في شارع المعونة بالخرطوم بحري وانهالت الآليات نهشاً في الشارع الذي أعيد تأهيله بالمليارات قبل وقت وجيز . وتم تجريف الطبقة الأسفلتية ، وحفرت الخنادق العميقة من أجل وضع ( مواسير ) الصرف الصحي المنتظر . وكلما حفر متر مربع في الشارع المزدحم تعطلت حركة الناس والمركبات ، وضاعت ساعات الإنتاج وتعطلت مصالح الكثيرين . وبينما انهمك الأتراك في غزوة الخندق ، لم يفكر أي مسؤول في الخسائر الفادحة لقاء تجريف الشارع الأسفلتي . ولا يدرك معظم السدنة كم يكلف الكيلومتر الطولي من الأسفلت ، وكم خسرت الخزانة العامة جراء ما حدث . وكيف تمتد مواسير الصرف الصحي تحت الشارع ، والأرض في السودان علي قفا من يشيل ؟! ومن غزوة الخندق في شارع المعونة انتقلت معركة الحفر لميادين وشوارع داخلية كانت نتيجتها تمزيق أوصال شبكة مياه الشرب ، والتي سيعاد توصيلها بمبلغ وقدره علي حساب الميزانية المتهالكة . وقد ينتهي القرض بفوائده وعمولاته ، والصرف الصحي في مربع واحد وعندها تحتاج الحكومة لقرض آخر مدنكل يتفرق دمه بين السدنة والتنابلة . ولما تؤكل القروض تحت بصر وسمع المراجع العام يقول تنابلة السلطان ( سبحان الذي أخرج منا الأذي وعافانا ) . ولما يجرد حساب القرض التركي بعد عمر طويل ، سيكون ثلثه للوزير وثلثه للبعير وثلثه للفقير ( أي الفكي ) . وبينما يهنأ البعض بمكاسب القروض ، سيهنأ سكان بحري ( وخاصة المصابين بالأزمة ) بنكهة الصرف الصحي المميزة . وسيأكل ( العزابة ) في المطاعم الشعبية الفول ( الحاف ) بذات النكهة ، وبسعر خمسة جنيه للصحن الواحد والما عاجبو يحلق حاجبو . وعلي بال ما يرصف شارع المعونة من جديد ، وينعدل حال شبكة المياه بالدناقلة وحلة خوجلي سترتفع عمارات وبنايات وناطحات سحاب مكتوب علي سطوحها ملك الملوك إذا وهب لا تسأل عن السبب ، وعقبال الصرف الصحي في سواكن وديم عرب ودامت ( بيوت الأدب ) .