زووم ابوعاقلة اماسا المريخ.. أزمة رئيس.. أم منظومة؟ إثناء رئيس نادي المريخ عن فكرة الإستقالة كان هو العنوان الأبرز للأخبار المريخية في ظرف أسبوع مضى، وهي النتيجة التي أعلنتها لجنة رأب الصدع بقيادة المرضي والزعيم محمد إلياس محجوب، ولكنه لم يكن الحل النهائي لمشكلة المريخ وأزمته التي يبدو أنها لم تشخص حتى الآن بالشكل الذي يساعد على حلها جذرياً.. فاستمرار الرجل لا يعني أن المشكلات القائمة قد حلت وأنه سيواصل ويكمل هذا العام في جو أريحي، وموافقته من حيث المبدأ لا تعني أنه لن يكرر التلويح بالإستقالة خلال هذه الفترة، وكنت أتطلع كمراقب أن تعكف هذه اللجنة في البحث عن محور الأزمة المريخية بشكل عام ومن ثم وضع الحلول الدائمة لها، فإن كانت الأزمة مالية في المقام الأول فهنالك أسباب توضع على خلفية ان المريخ لم يكن في يوم من الأيام من أندية البورصات العالمية وإنما هو من اندية المجهود الشعبي، وهذه الأسباب تتشعب وتتفرع وتصب جميعها في مكان واحد فقط وهو سوء إدارة المال، وغياب مبدأ ترتيب الأولويات، ودليلي على ذلك أن الأرقام الضخمة التي أنفقت على فريق كرة القدم في العشر سنوات الأخيرة ذهبت أدراج الرياح ولم تترك إنجازاً ينسجم مع الأرقام، وبهذه اللغة.. نجد أن عدداً من الأندية التي تصنف مع القوى الصاعدة على المستوى الأفريقي قد أنفقت على فرقها ما بين (5 – 10%) مما أنفقه المريخ، ومع ذلك حققت إنجازاً أفضل.. ونستشهد دائما بليوبار الكنغولي والجيش النيجري. كرة القدم لها لغة أخرى أهم من المال، وحسابات ترتبط بالسلوك وهي مرحلة تسبق الحديث عن الإمكانيات، مثل المعيار الذي يحدد الموهبة والمواصفات المطلوبة للاعب في مستوى نادٍ قمة يمثل بلاده في المحافل الدولية، ثم.. ما هي اللوائح التي يجب العمل بها لتوحيد السلوك نحو هدف واحد.. كيف تكون العلاقة بين النادي ولاعبيه، وبين اللاعبين والإعلام، وبينهم ورئيس ناديهم.. وهكذا.. ولو كان العالم كله يتعامل مع كرة القدم بمنطق الإمكانيات فقط لما رأينا كوستاريكا في ربع النهائي في كأس العالم بينما خرجت دول مثل اليابان وكوريا وإسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة من الدورين الأول والثاني وهي من حيث الإقتصاد والجغرافيا تبتلع الجزر الكوستاريكية مائتي مرة. قيادة المريخ في السنوات الأخيرة كانت تنفق المليارات على فريق كرة القدم دون أن تنتقل بالسلوك الإداري إلى حيث نصف الأمر بالإحترافية أو على الأقل بالحضارية، فكان الفشل دائماً في جوانب لا تتعلق بالمال، في مسائل التنظيم الإداري في بعض المناصب الحساسة، فما زلنا تائهين ما بين الجهاز الإداري المحترف، وبين مجموعة من الهواة يتخللون ذلك.. فالمريخ حتى الآن لديه رئيس قطاع رياضي ومدير كرة.. ومجموعة عاملة حول الفريق بمسميات مختلفة ما أنزل الله بها من سلطان.. وعلى سبيل المثال لا الحصر: لدينا مسؤول ملف الأجانب (ناصر محي الدين).. وهو شخص لم يمارس كرة القدم، ولم يكن من الشغف بحيث نقول أنه كان حريصاً على مشاهدة المريخ ومتابعته.. ولا أي مؤهل يجعله إستثناءً نقفز به فوق طبيعة الأشياء.. وكذلك أيمن بكراوي.. وفي فترة من الفترات كنا نرى أحدهم من رواد المنتديات يدعي أنه صديق للألماني كروجر.. وهذه الصفة تمنحه الحق في دخول المعسكر في أي وقت.. بل يتعدى ذلك إلى غرفة الملابس حيث المحاضرات وغيرها من الأجواء التي لا تحتمل الزحام وتتطلب التركيز العالي. حقيقة هنالك تفاصيل كثيرة جداً تجعل المريخ غير قادر على الإنطلاق كفريق كبير، رغم الإمكانيات التي تحدث الناس عنها، وأرقام الصرف المخيفة.. وما سردته ليس أكثر من أمثلة ونماذج فقط.. وما خفي أعظم… وولكن العبرة هنا أننا مطالبون بمعالجة هذه الوضعيات بغض النظر عن إستقالة الرئيس أو موافقته على الإستمرار لأن الأزمة في المقام الأول ليست أزمة رئيس بقدر ماهي أزمة منظومة تفشل كل مرة في الإنسجام مع بعضها.. وإذا استمر مائة عام في ظل هذا الوضع فإنه لن ينجح في تحقيق مكاسب تذكر.. وسوف تستمر شعبيته في الهبوط إلى أن يصطدم بانتفاضة شعبية على غرار الربيع العربي.. وليس شرطاً أن نراهن على وضع أفضل بعد هذه الإنتفاضة. حواشي مهمة المرضي ومحمد الياس لم تنته بإثناء الرجل عن الإستقالة.. فالمشكلة لم هكذا.. إلا إذا بحثنا عن الأسباب التي لغمت الأجواء.. والأسباب الحقيقية التي جعلت الوالي يلوح بالإستقالة كل سنة ويهدد بالذهاب.. لدرجة أنه لم يكمل دورة منذ ظهوره في 2003 وحتى الآن بدون أن نشاهد هذه المسرحية. الحديث عن أرقام الإنفاق الخرافية.. وأنها سبب يهدد إستقرار النادي فيه الكثير من الخلل.. لأن هذه الأرقام تضخمها بنود يمكن إزالتها بنهاية هذا العام.. فهنالك أجانب يتقاضون مرتباتهم بالدولار ولا تأثير لهم على المستوى الفني.. والنادي يكتظ بالموظفين والمتطوعين الذين طمسوا هوية ما يجري بتدافعهم المخل. المريخ يستأجر عقارات ولديه عقاراته التي تظل خارج الخدمة بسبب غياب التخطيط.. ولديه مساحات جاهزة للإستثمار.. ولكن قصة الإستثمار هذه لا يستطيع أحد الحديث عنها.. فكثير من العروض تصطدم بما يحول بينها والتنفيذ.. بفعل فاعل..! فسخوا العقد المبرم بين النادي وكزام للدعاية والإعلان لاحتكار الإعلانات حول الملعب، وقد كان يدر على النادي سنوياً مائة وخمسين ألف دولار تزيد بواقع عشرة آلاف كل سنة.. وتحول العقد بطريقة أو بأخرى إلى سما ميديا.. ولا أحد يعلم حتى الآن مقدار الفائدة التي عادت إلى المريخ من ذلك.. ولكن الشيء المؤكد أن اسم المريخ قد تمرمط في المحاكم في قضية كزام. كانت للنادي صحيفة ناجحة بكل المقاييس.. مهنياً ومادياً.. تؤدي الرسالة الإعلامية للنادي بكفاءة.. وكثيراً ما أسهمت في سد ثغرة من الثغور مالياً.. فأصدروا قراراتهم بإيقافها. كثيراً من جوانب الإخفاق التي تدل على الإهمال.. وذلك لا يحرم المجتهدون أجر اجتهادهم.. ولا يعني أنهم لم يقدموا شيئاً للمريخ.. ولكن.. العبرة بالنهايات..!