منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير بدأت الحركة للدبلوماسيين في الخرطوم أكثر وضوحاً، وبعد سقوط البشير عين السلطات لم تغب عن عمل الدبلوماسيين، سواء كانت خلال فترة حكم الحرية والتغيير، أو في الفترة التي أعقبت انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر المنصرم. السودان عقب الثورة وخلال فترة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك فتح السودان أبوابه للمجتمع الدولي، عبر ممثليها في السفارات ومقار للأمم المتحدة أو المنظمات الدولية. أثمرت تلك العلاقات إلى العديد من النتائج التي تصب في خانة المواطن السوداني. مجلس السيادة إلى وقت قريب، لم يكشر عن أنيابه تجاه البعثات الدبلوماسية، المجلس السيادي وتحديداً المكون العسكري على علم بتحركات الدبلوماسيين أو بالمنظمات الدولية التي تعمل في السودان، فبين ليلة وضحاها أعرب مجلس السيادة السوداني أمس عن قلقه إزاء نشاط البعثات الدبلوماسية الأجنبية. وأوضح وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق للمجلس حول "أنشطة بعض البعثات الدبلوماسية المقيمة في الخرطوم والمخالفة للأعراف الدبلوماسية والمنتهكة لسيادة البلاد". بيان وزير الخارجية لمجلس السيادة لم يسمِ سفارة بعينها، بجانب عدم ذكر تفاصيل أكثر حول الأنشطة التي تقوم بها البعثات الدبلوماسية الموجودة في السودان. القوى السياسية انقسمت على ما بين الداعم لقلق مجلس السيادة باعتباره حصوة جاءت بعد غفلة، وما بين ما يعتبر المجلس ليس شرعياً وليس من حقه أن يمارس شيئاً لا يعينه. القيادي بالمؤتمر السوداني نور الدين صلاح يعتقد أن السلطة الانقلابية ليس لديها الحق في التحدث في مثل هذه الموضوعات. وقال نور الدين ان مجلس السيادة هو سلطة لا شرعية ولا قانونية، وليس لها قبول داخلي جماهيري، ودعا نور الدين الانقلابيين بالانشغال بالجرائم التي ارتكبت في حق السودان. وأضاف السلطة الانقلابية تواجه حالياً مأزقاً كبيراً، بعدما تبعثرت حساباتها، حيث كانت تظن أن الأوضاع تمضي بحسب رغبتهم، إلا أن الأوضاع انقلبت رأساً على عقب وذهبت في اتجاه أبعد ما يتصوره، وحالياً الخنق يزداد عليهم يومياً، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي غير متقبل للانقلاب الذي حدث منذ وقوعه، في مخرجات اجتماع وزراء الخارجية بالاتحاد الأوروبي، وغيرها من المؤسسات الدولية أدانت في بياناتها انقلاب 25 أكتوبر، وبهذا الموقف أصبح وضع الحالية غير مشروع، وعلى الانقلابيين مغادرة السلطة فوراً. وقال نور الدين هذه المواقف الدولية بلا شك لن تنال رضا السلطة الانقلابية. وتابع قائلاً الآن لديهم لسانان الأول مع مبادرة فولكر والآخر يخرج أنصاره بالذهاب لمقر البعثة الأممية ترفض تدخلها في الشأن الداخلي. وفي الضفة المقابلة لرفض تصريحات مجلس السيادة حيال القلق تجاه البعثات الدبلوماسية، وصف القيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق تصريح مجلس السيادة بالإيجابي، وقال: كنت أعتقد أن المجلس في غفلة تامة، لأن سلوك المجلس في الفترة السابقة لم يكن موفقاً من حيث التزام البعثات بالأعراف الدبلوماسية، ووفقاً للمعاهدات التي تحدد مهامها، لافتاً إلى أن المظاهرات التي خرجت أخيراً أكسبته شيئاً من الجرأة في الموقف تجاه البعثات الدبلوماسية. ومضى بقوله: من المعلوم أن أي سفير أو ممثل لمنظمة دولية أن ينسق في حركته ومقابلة السودانيين مع وزارة الخارجية وجهاز الأمن، عبر وحدة الأمن الخارجي، مشيراً إلى أن مجلس السيادة بات جريئاً أم وعي بعد غفلة، وفي الحالتين يعتبر إيجابياً. ويعتبر ما قام به مجلس السيادة انتصاراً للسيادة الوطنية، وفقاً ل"أبوبكر عبد الرازق"- وزاد عليه، الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحدد حركة وعمل البعثات الدبلوماسية، باعتبار السودان واحداً من المنظومة الدولية، وأن تلجأ البعثات إلى وزارة الخارجية وإدارة الأمن الخارجي بجهاز الأمن في تحركاتها وفي مقابلتها للشخصيات السودانية، حتى لا تنتهك السيادة الوطنية. فما يرى المحلل السياسي مصعب محمد علي قلق مجلس السيادة إزاء البعثات الدبلوماسية يأتي في سياق خروج مسيرة الأسبوع الماضي، التي ترفض وجود البعثة الأممية في السودان،وترفض كذلك تدخلها في الشأن السياسي. وقال مصعب إن تصريح مجلس السيادة بهذا يشير إلى إمكانية أن تصدر قرارات بخصوص البعثات الدبلوماسية التي تتدخل في البلاد، مشيراً إلى احتمالية طرد بعض منها، وإن تصريح مجلس السيادة يمهد لذلك. وأضاف أن مجلس السيادة لم يسمِّ هذه الجهات، لكن من الواضح أن المجلس غير راضٍ عن بعضها وعن عملها في الفترة السابقة بالسودان، ومن المتوقع أن يتم استدعاء بعض ممثلي البعثات الدبلوماسية في حال إن كانت هناك خطوة إجراءات ضدها. بدورها أجرت المصادر اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية المكلف علي الصادق، بشأن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة تجاه البعثات الأجنبية وتسميتها، لكنه اعتذر عن الكشف عن تلك البعثات المشار إليها، وطلب التواصل مع الناطق الرسمي للوزارة. تقرير مبارك ود السما