القرصنة التى تمارسها الجماعة الحوثية فى عرض البحر الأحمر سبقتها قرصنة من نوع آخر فى البر على مدى سنوات، وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تراها، ثم تقف متفرجة، وربما متواطئة، وكان العالم يراها، ثم يلتزم الصمت، ويتصرف وكأنه لا يراها. إن جماعة الحوثى تعلن ولاءها السياسى لإيران على الملأ، ولا تُخفيه، وهى منذ دخلت العاصمة اليمنية صنعاء فى 2014 خرجت منها الحكومة الشرعية فى البلاد، ولا تزال الجماعة منذ ذلك التاريخ تعربد فى أنحاء اليمن السعيد دون رادع. وإذا كانت إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن قد قررت تشكيل تحالف بحرى من عدة دول فى مواجهة ما تقوم به الجماعة فى جنوب البحر، فهذا فى الحقيقة تحرك متأخر جدًّا عن أوانه، ولو كانت واشنطن قد تحركت مبكرًا لما كان الحال قد وصل إلى حد أن 55 سفينة شحن حاويات قد حولت طريقها من البحر إلى رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا. حدث هذا بدءًا من يوم 19 نوفمبر عندما هاجمت عناصر الجماعة سفينة فى البحر، للمرة الأولى، إلى يوم 16 من هذا الشهر، عندما أعلن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، حصيلة القرصنة على مدى ما يقرب من شهر.. وخلال الفترة نفسها كانت القناة قد استقبلت 2128 سفينة لم تغير مسارها، ومضت فى طريقها المعتاد. وفى وقت سابق، كانت الجماعة قد هاجمت الكثير من الأهداف فى السعودية، وكانت تفعل ذلك بطائرات مُسيرة، وكانت هذه الطائرات إيرانية الصنع، كما ثبت من بقايا بعض الطائرات التى سقطت فى مكانها، بعد أن أصابت أهدافها.. وقد وصل الأمر فى مرات إلى حد مهاجمة شركة أرامكو فى شرق المملكة، وفى مرات أخرى هاجمت طائراتها المسيرة العاصمة الإماراتية أبوظبى!.. وقبل ساعات، قال عبدالملك الحوثى، زعيم الجماعة، إن جماعته ستستهدف البوارج الأمريكية فى البحر الأحمر ومعها الملاحة الصهيونية. وآخر ما قالته الولاياتالمتحدة إنها ستنشئ ممرات آمنة للسفن فى البحر، وإنها ستستخدم قدرات الدول التى يضمها التحالف البحرى فى ذلك، وإن هجمات جماعة الحوثى يجب أن تتوقف لأنها تهدد حركة التجارة العالمية. ولم تتحرك إدارة بايدن إلا بعد أن أحست بأن القرصنة الحوثية تصيب مصالحها بشكل مباشر أو تكاد، ولكنها فى وقت مضى كانت تغمض عينيها، وكانت لا ترى ما تُلحقه الجماعة من أضرار بالغة بدول فى المنطقة هى حليفة للولايات المتحدة.. واليوم، قد جاء الدور على أمريكا لتذوق بعض ما ذاقته الدول الحليفة لها جراء العبث الحوثى، وسوف يكون عليها أيضًا أن تجنى حصيلة إغماض عينيها عن هذا العبث فى المنطقة لما يقرب من عشر سنوات!.
