ضمن فعاليات ملتقى مجلة العربي السنوي، الذي يحمل هذا العام عنوان »الثقافة العربية في المهجر« افتتح وزير الاعلام الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح معرض العربي للفنون التشكيلية الذي حمل عنوان »فن عربي وطنه العالم«، وشارك السودان ممثلا في التشكيلي الفرنسي الجنسية السوداني الاصل حسن موسى بلوحات خارج المألوف وجدت المتابعة من جمهور التشكيل ونقاده بالكويت ، وضم المعرض بحسب ما جاء بصحيفة القبس الكويتية أعمال باقة من الفنانين التشكيليين العرب من الكويت ومصر والسودان والعراق وتونس ولبنان والمغرب وسوريا، وغالبيتهم لهم تجارب لامعة في عالم المهجر، وكان عنوان المعرض »فن عربي وطنه العالم« ملخصا بدقة لتجاربهم، فلكل فنان تجربة تتعدى النطاق المحلي وتحلق عاليا باتجاه العالم بأسره في أعمال التشكيلي التونسي أحمد الحجري المقيم في فرنسا، نلمح مشهدا تشكيليا مفعما بالحضور والغرائبية، فلوحات الحجري التي تجمع بين الحلم والواقع، تصور أبطاله في اوضاع حركية مسرحية تبدو كأنها تعيش خارج نطاق الجاذبية، ورغم أن ألوانه تعكس بعض الهدوء فانها تحمل في هدوئها صخبا تشكيليا يجعل المتلقي يتوقف بكثير من التأمل أمام مشاهده المعنى وراء الرمز ..اما أعمال لوحات الفنان جعفر إصلاح فعندما يتوقف المتلقي أمامها يشعر بهذه البساطة المدهشة التي تطلق في رأسه عصافير الدهشة، فرغم أن لوحات إصلاح لا تحتوي على الكثير من التفاصيل والألوان ، إلا ان وراء كل مشهد تكمن الكثير من المعاني الإنسانية الكبرى التي تختبئ خلف الرمز.وقد تشعر أمام أعمال الفنان التشيكلي الفرنسي السوداني الاصل حسن موسى ببعض الارتباك كقارته السوداء التي صنعت تجربته، لكن تكفيك لحظات من التأمل لتفك رموز لوحات موسى التي تحملها داخلها تلك النظرة الانتقادية للعالم الذي نعيش فيه من فوضى وصراع وتظللها أبعاد إنسانية ودينية وسياسية خارج المألوف ، في حين تستعيد أعمال الفنان التشكيلي المصري حلمي التوني روح الموروث الشعبي من خلال لوحات تخلط الواقع بالأسطورة ويسيطر على أعماله في المعرض تكرار تيمة الحصان بتناقض لوني يجمع بين الغامق والفاتح فتتحول كتلة الفراغ إلى مساحة نابضة بالحياة.ولعل ما يميز لوحات الفنان العراقي ضياء العزاوي هذا الحضور الطاغي للثراء اللوني ضمن جماليات المشهد التجريدي التي تجعل من الرموز أكثر ألفة للمتلقي، بينما تتميز لوحات الفنانة العراقية عفيفة العيبي بأن جميع بطلاتها من النساء المكتنزات والوحيدات، فلا تحتاج إلى جهد لترصد هذا الهاجس النفسي الذي يسيطر على ريشة العيبي وعلى بطلاتها في الوقت نفسه، إنه الإجبار على الصمت والانزواء في عالم صاخب يشبه ألوانها تماما ، وتجمع لوحات الفنان العراقي علي طالب بين الجانبين الفلسفي والجمالي من خلال مجازية التعبير التي تظللها الألوان الرمادية، أما الفنانة غادة الكندري فتبحر بريشتها إلى عالمها المفضل، حيث تجسد صورة المرأة في لحظات ضعف أحيانا، وتضفي ألوانها على ملامحها تفاصيل قوة أحيانا أخرى. وتستحضر لوحات الفنانة اللبنانية فاطمة الحاج الكثير من التفاصيل في مشاهد لونية مكثفة لا تخلو من المتعة البصرية، أما لوحات الفنان السوري مروان باشي فتمتزج فيها الخطوط مع الألوان لتكون في النهاية وجوهاً مفعمة بمشاعر الوجود المتناقضة، وأخيرا تبدو ريشة الفنانة المغربية مليكة أكزناي وكأنها مجهر تلتقط الخلايا وتكبرها على اللوحة لتأخذ أشكالا مختلفة يسيطر عليها البعد التجريدي.