في الاسبوع المنصرم انعقد للمرة الثانية في شرم الشيخ المصرية المنتدى الاقتصادي العالميWEF) ) الخاص بالشرق الاوسط تحت شعار (التعليم من المستقبل) ويراد من هذا الشعار درء الآثار المستقبيلة لمشكلات العالم من نقص في الغذاء وفقر وبطالة وتضخم ،وقصد من عقد المنتدى في الشرق الاوسط للمرة الثانية اتاحة الفرصة للمنطقة للاستفادة من مشاريع التنمية المستدامة التي تتقدم بها الشركات العالمية الكبرى خاصة وان منطقة الشرق الاوسط تتوافر بها مقومات التنمية من فائض في الاموال واراضٍ خصبة وايادٍ عاملة مثلما تتوافر فيها الحاجة الماسة والاسباب من نقص في الغذاء وعطالة وفقر. هذه هي الاهداف المحورية لهذا المنتدى منذ انطلاق فكرته في عام (1999) بواسطة البروفسير السويسري الذي اطلق عليه (منتدى دافوس) وانطلق من دافوس الى سياتل في امريكا والى منتجع ايفيان في فرنسا ثم انطلق من بعدها الى بقية القارات وها هو ينعقد في منتجع شرم الشيخ للمرة الثانية. ورغم هذه المسيرة الطويلة إلا ان المنتدى فشل في التأثيرعلى مسارات وتطلعات الاقتصاد العالمي ،وحل قضايا الشعوب وظلت قراراته حبراً على ورق ،وقد صار المنتدى ساحة للمساجلات الكلامية والوعود الرنانة وموسماً سنوياً لرجال الاعمال والشركات الذين وجدوا فيه فرصاً لا تعوض لعقد الصفقات التجارية الجانبية وقيام الشراكات الاستثمارية مع بعضهم البعض، لهذا السبب نجد ان المنتدى رغم الفشل لم يعترف بفشله وظل يحظى بحضوركبيرمن الوفود فاق ال (1500) وفد او شخصية تجمعوا من (55) دولة ،ويحظى المنتدى سنويا بحضور بعض رؤساء الدول ،وكان اكثر الرؤساء مشاركة هو الرئيس البريطاني توني بلير ويأتي بعده حاليا الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي الذي كان متحمساً في المنتدى السابق واطلق قولته المشهورة: «يجب استغلال امكانات الجنوب بتكنولوجيا الشمال» ورغم ان المقولة تحتوي على افكار جميلة الا انها لم تذهب ابعد من حيطان القاعة التي أقيم فيها المنتدى وهي لا تختلف كثيرا عن ما اطلقه توني بلير ووزير الخزانة الامريكي في منتديات سابقة فجميعهم يبيعون الأحلام للشعوب ،وها هو جورج دبليو بوش يشرف منتدى شرم الشيخ الثانى واطلق الوعود والاحلام رغم اقتناعه في قرارة نفسه انه لا يمتلك الخلفية الاقتصادية وهو رجل سياسة وغالباً يترك المسائل الاقتصادية للمستشارين الكثر الذين حوله. المنتدى الحالي هو المنتدى الثاني في الشرق الاوسط ولا تنمية مستدامة ولا استثمارمحسوس خرج من دهاليز هذا المنتدى ولا حتى أسهم في حل قضايا شعوب المنطقة المتمثلة في الفقر والبطالة والسبب هو ان المنتدى عاجزتماماً في ازالة المعوقات التي تعيق التنمية والاستثمار في البلدان العربية، وهذه المعطيات هي أكبر من حجم المنتدى، فالمنتدى لا يملك الحلول للتوترات السياسية في الشرق الاوسط لا في فلسطين ولا في لبنان ولا في سوريا ولا في العراق ولا في السودان ،ثم ان كثيراً من رجال الاعمال والشركات الحضور هم المسبب المباشر لارتفاع الاسعار العالمية سواء اسعار النفط اواسعار الغذاء بسبب المضاربات وهم لا يأتون لهذا المنتدى المفترى عليه إلاَّ لمزيد من المضاربات ولمزيد من الصفقات وليس لخاطر عيون الشعوب الفقيرة والمغلوبة على أمرها. ولم يفشل المنتدى في حل قضايا التنمية فحسب بل فشل ايضا في التصدي للمواجهة المحترمة بين الفقراء والاغنياء في كل مرة ينعقد فيها وهي المواجهة التى تحتدم حول العدالة والمساواة في التجارة العالمية، وما يجري من ظلم داخل نظام منظمة التجارة الدولية (WTO) وقد ازدادت وتيرة هذه المواجهة في المنتدى الحالي بشرم الشيخ حيث تفجرت في موضوع آخر هو موضوع نقص الغذاء وارتفاع الاسعار، فالاغنياء يحولون انتاج الحبوب الى الوقود الحيوي حتى يصلوا الى نسبة (10%) من وقود السيارات عام (2020) والفقراء يموتون والاطفال يموتون من الجوع لانهم اصبحوا يأكلون اقل في ظل ارتفاع الاسعار،لذلك جاءت المواجهة الجديدة في شكل احتجاج رسمي للدول الفقيرة كيف يجوز تحويل الحبوب من الغذاء الى المحركات؟ اعتقد ان منتدى دافوس فشل في التأثير على قضايا العالم الاقتصادية بعد تسعة اعوام من تكوينه ،وسوف يستمر كذلك سوقاً لبيع الاحلام وسوقاً للصفقات التجارية الجانبية حتى يحل عنا.