السجن وإن هو نوع من الأسر الا انّه أشدّ من الأسر درجة ... فما بين الآسر والأسير التعاليم الاسلامية و الصليب الأحمر وميثاق جنيف ... لكن ما بين السجّان و السجين لوائح السجن فقط ! بين السجّان والسجين لائحة ... هذه اللائحة كثيرا ما ينتهكها السجّان ... وقليلا ما ينتهكها السجين ... وربما ينتهكها طرف ثالث ... وقد وقع فى سجن قندهار الافغانى قبل أيام انتهاك من النوع الثالث ... فقد اقتحم ذلك السجن عناصر من جماعة طالبان وتعاملوا مع الحرّاس (بما يليق) ثمّ قاموا بتحرير ألفين من السجناء طالبانيّين وغيرطالبانيّين ! قبل شهرين حدثت واقعة لعلاقة مقلوبة بين السجين و السجّان ... ففى سجن رومية اللبنانى قام المساجين باحتجاز حرّاس السجن و وضعهم فى الزنزانات ... فانقلب السجين سجّانا والسجّان سجينا ! سجن كوبر سجن فيدرالى من حق كل الولايات استضافة مساجينها فيه ... ومن يقرأ تاريخ سجن كوبر من النقوش التى على جدرانه يدرك أنّ شيئا قريبا ممّا وقع بسجن روميّة وبعيدا ممّا وقع بسجن قندهار حدث بسجن كوبر ... حدث ذلك بعد انتفاضة ابريل بشهور قليلة ... حينذاك قام سجناء (عاديّون) وليسوا سجناء سياسة بانتفاضة ... انتفض السجناء انتفاضة داخلية احتجاجا على أوضاع السجن (المزرية) وسوء الخدمات (المقدّمة) ! فى يوم من أيام دراستى الجامعية شاهدت فيلما سينمائيا من الانتاج الضخم : الهروب الكبير (Great Escape) ... يحكى سينمائيا ما حدث يوما بأحد سجون ايطاليا على الأرض ... حيث استطاع السجناء حفر نفق من داخل السجن الى خارجه استغرق عمله شهورا ثمّ هربوا منه ... شاهدت هذا الفيلم فى سينما اوديون القاهرية ... يستغرق عرض الفيلم أربعة و نصف من الساعات ... و لا أدرى كيف يستطيع طالب فى عامه الدراسى مشاهدة فيلم (الهروب الكبير) ما لم يمارس هو نفسه (الهروب الصغير) من يومه الدراسى ! واقعة سجن قندهار الأخيرة تقوم مقام النسخة المعدّلة لفيلم (الهروب الكبير) ... لكنّها عرضت على شاشة الحياة لا شاشة السينما ... هروب كبير بدون حفر نفق ... فقد غدت افغانستان كلها نفقا !!