على طريقة السيد الصادق المهدي عندما ذهب إلى جيبوتي لتوقيع إتفاق نداء الوطن مع الرئيس البشير وقال قولته المشهورة: (ذهبت لأصطاد أرنباً فوجدت فيلاً).. فقد ذهبنا الى الفندق لمقابلة السيد جبريل باسول الوسيط الدولي للامم المتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور، وخرجنا من الفندق وقد جلسنا الى باسول وإلى رودلف أدادا الممثل الخاص للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي في دارفور. لم يتأخر السيد باسول في النزول إلى صالة مقر إقامته بالفندق، حيث كنا ننتظره مع عدد من مرافقيه.. وكان الزمن المخصص لنا يقارب العشرين دقيقة بسبب ازدحام جدول الوسيط الدولي. والحوار يمضي بين أسئلتي وأجوبة باسول جاء السيد رودلف أدادا وجلس على يميني مباشرة يستمع ويرسل اشارات الرضاء على أجوبة باسول، ولكنه لم يجد بدا من ان يتولى الاجابة بنفسه في نهاية المطاف. بعد ان اكملت الحوار السريع قلت للمترجم: ارجو ان تخبر السيدين انني صحافي محظوظ. وما ان تلقى باسول وأدادا العبارة باللغة الفرنسية حتى انفجرا ضاحكين. ? سيد جبريل باسول كيف تقيّم زيارتك الحالية للسودان؟ - كما تعلمون فقد تم تعييني من قبل الأمين العام للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي ككبير مفاوضين لعلاج مشكلة دارفور، وأنا كنت وزير خارجية بوركينا فاسو التي هي دولة شقيقة وصديقة لجمهورية السودان، وقد حرصت كل الحرص على القيام بهذه الزيارة لأحاول تقييم الظروف قبل بدء مهمتي بشكل رسمي، وقد سبق لي أن قابلت بعض الأطراف المتحاربة في دارفور وسأحاول مقابلة بعض منهم لأتعرف عليهم قبل أن أبدأ مهمتي بشكل رسمي في أغسطس القادم. ? البعض يقول إن السيد جبريل باسول جاء للسودان في ظرف معقد وصعب بعد إعلان أوكامبو عن مذكرة التوقيف بحق الرئيس؟ - بالفعل تم تعييني في ظرف صعب، لكن ذلك لا يعني أن ننسحب من المهمة التي تندرج في إطار حوار داخلي، انا لا أود أن أفتي في هذه المسألة ولكن ما يهمني أن أواصل الإتصال مع الحكومة والإخوة حاملى السلاح في دارفور بعدها أقوم بتقديم تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة أوضح فيه ما لديّ من اقتراحات. ? السؤال بصورة أخرى، ألا يعتقد السيد باسول أن إعلان أوكامبو سيحد من نجاح مهمته في دارفور؟ - السيد أوكامبو هو قاض ومدعي عام للمحكمة الجنائية الدولية وقد جمع المعلومات والأدلة وقدمها للمحكمة التي لم تتخذ قرارها بعد، وسيكون القرار الذي ستصدره المحكمة لاحقاً هو الجدير بالإعتبار. ? سيد جبريل ألم تشعر بأن هناك أشياءً عملية ترتبت على قرار أوكامبو هنا في الخرطوم؟ - يفترض أن أوجه لك أنا هذا السؤال لأنك مقيم هنا وتعرف مثل هذه الأمور وتستطيع منحي معلومات حول الموضوع. ? كثير من الناس يعتقدون أن إعلان أوكامبو سيؤثر على مشكلة دارفور وسيزيد الأوضاع تعقيداً؟ - سنعمل على أن لا يحرفنا هذه الإعلان عن أهدافنا، أكرر مرة أخرى أن هدفي هو السلام وإعادة البناء والاستقرار في دارفور.. ? كيف سيستطيع السيد جبريل باسول الوصول إلى هذا الهدف؟ - هذا من ضمن الاستراتيجيات التي سأضعها بعد الاتصالات مع الأطراف كافة عندما أبدأ عملي بشكل رسمي. ? هذا يقودنا إلى السؤال، هل لدى السيد باسول خطة معينة لتفادي الفشل الذي وقع فيه سالم أحمد سالم وإلياسون؟ - قبل كل شيء أنا لا أعتقد أنهما قد فشلا في مهمتهما.. ? هل نجحا إذاً؟ - ولا أقول كذلك أنهما قد نجحا لأنهما لم يكملا مهمتهما حتى النهاية، في مثل هذه الوساطة لا بد من التدرج والتمرحل، وانا أعتبر أن ما قاما به يشكل خبرة أعتمد عليها لأستمر، وأنا سأكون موجودا هنا في السودان بالفاشر والخرطوم، وسأبقى على اتصال دائم مع الأطراف كافة، ولا أقول إنني سأنجح، لكن سأبذل كل ما في وسعي لنتقدم سوياً، ومن المقرر أيضاً أن أقابل السيد وليامسون وسالم لأستفيد من خبرتهما في هذا المجال. ? هل يتوقع السيد باسول زمناً محدداً لينهي فيه مهمته في دارفور؟ - أرجو أن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن، لكن هذه المشكلة معقدة وتحتاج إلى كثير من الإلتزامات والصبر والإصغاء إلى الآخرين، والحلول التي سنقدمها ستكون مرضية للجميع ومتفقاً عليها، وكما يقال فليس هناك من يفوز بكل شيء في المفاوضات وليس هناك من يخسر كل شيء، لكن كل طرف سيقدم تنازلات حتى نتحصل على الحل الوسط الذي يفيد السودانيين، يجب أن نعمل ليكون السودان دولة كبيرة ومستقرة في أفريقيا.. مزدهرة ومستقرة.. ? هناك مشكلة اشتكى منها الوسطاء وهي العدد الكبير للحركات المسلحة، حتى أن الناطق الرسمي باسم البعثة المشتركة قال إنه لا يعرف كم حركة توجد في دارفور، وقد سمعنا السيد باسول يقول إنه غير منزعج من عدد الحركات المسلحة في الوقت الذي يعتبرها البعض إحدى المشاكل الرئيسية في عملية السلام؟ - الأولوية هي الحصول على حل أو إيجاد حل لمشكلة دارفور، علينا أن نعمل ليعيش السودانيون معاً في تفاهم واستقرار وسأطلب من السلطات السودانية العمل للحصول على حل للمشكلات، وبعدها سأتصل بحملة السلاح لأقدم لهم المقترحات، الذين يريدون الاستقرار والسلام سيلبون بالتأكيد هذه الدعوة، أما من لا يريدون المقترحات، فسنعرف أن الوقت لم يحن بالنسبة لهم لإيجاد السلام. ? عادة ما تتجه المطالب إلى الحكومة وتغفل الحركات المسلحة رغم أنها مسؤولة الى حد كبير عن الإنفلات الامني، في دارفور ومهاجمة قوات حفظ السلام هناك؟ - كما أسلفت يجب على كل طرف أن يقدم تنازلات حتى نصل إلى حل سلمي وتسوية، لن يكون هناك من يفوز بكل شيء، ولن يرضى أحد بخسارة كل شيء يجب أن نبحث عن التوازن لمصلحة السودانيين جميعاً. ? هنالك ما يقارب ثلاثة آلاف موظف في البعثة المشتركة بدارفور تم إجلاؤهم بعد مذكرة أوكامبو، هل لدى السيد باسول أية معلومة حول مواعيد عودتهم إلى السودان مرة أخرى؟ - السيد أدادا يجلس الآن بجانبك ويمكنه أن يجيب على السؤال بشكل أفضل.. وهنا تولى الاجابة السيد أدادا: - هذا كذب لا صلة للاجلاء بالمذكرة، فبعد الهجوم على قوات (اليونميد) وبناءً على زعزعة الاستقرار الامني في تلك الفترة تم إعلان درجة الاستعداد الرابعة، لذا كان من واجبنا أن نحيل بشكل مؤقت الموظفين المدنيين الذين لا تعتبر إقامتهم ضرورية، فيما تتواصل المهمة الانسانية والدفاع عن المناطق، واضطررنا إلى دفع الإجازات غير الدائمة للجنود الذين تم الهجوم عليهم، والذين كانوا في الأماكن غير المستقرة تمت إحالتهم إلى المدن الكبري في الجوار، والبعض أرسلناهم إلى الأبيض فيما توجه جزء قليل منهم إلى عنتيبي في يوغندا، وفي الأيام القادمة سيعودون، ومجموع عدد الذين تم تحويلهم أقل من ثلاثمائة شخص، وعلى العكس فإن عدد موظفينا في زيادة، إذ وصل كما هو معروف عدد من الأعضاء الصينيين لينضموا للبعثة أخيراً، وهذه مشكلة سوء تفاهم لا أكثر.. ? هل هو سوء تفاهم أم سوء تقدير من جانبكم، وهل كان قرار التحويل إلى عنتيبي أو الأبيض خاطئاً؟ - القرار كان مبنياً على دواع أمنية، تتعلق بسلامة أعضاء البعثة.