فجّر ديوان الضرائب أزمة جديدة في الوسط الرياضي ستؤدي بكل تأكيد لإغلاق الأندية أبوابها بالضبة والمفتاح، وعندما أؤكد الإغلاق لأن حالة الفقر المدقع التي تعيشها الأندية تؤكد ذلك، فقد طالب ديوان الضرائب بخطاب بعث به أمس الأول للإتحاد العام بدفع ضريبة الدخل الشخصي على لاعبي أندية الدوري الممتاز وتجاوز الرقم المطلوب مليارين من الجنيهات (بالقديم). ولم يتوقف الأمر عند المطالبة، بل أصدر الديوان قراراً فورياً وخطيراً أورد نصه كما جاء في خطابه للإتحاد العام: (عملاً بالسلطة المخولة لي بمقتضى المادة 69 من قانون ضريبة الدخل الشخصي لسنة 86 وبهذا أعلن الإتحاد العام لكرة القدم السوداني بمقتضى المادة 64 من قانون ضريبة الدخل لسنة 86 ممثلاً في السيد أمين الخزينة وكيلاً عن ديوان الضرائب لتحصل الضريبة المستحقة والبالغ قدرها 632.113.2 جنيهاً على الأندية الرياضية المذكورة بالكشف المرفق في هذا الأمر وذلك بالحجز على دخل جميع المباريات التي تكون الأندية الوارد اسمها بالكشف طرفاً فيها وتوريدها فوراً لديوان الضرائب الإدارة العامة للدخل الشخصي على أن يستمر الحجز إلى حين استيفاء كل مستحقات الضرائب ولا يرفع الحجز إلا بعد موافقة الديوان) انتهى. ومثل ما ذكر أحد الإداريين بالأندية (ما عارفين نلاقيها من رفع الدعم عن المحروقات واللاّ من ديوان الضرائب) قرار الديوان بالحجز الفوري على دخل المباريات (قاتلٌ) ومُدمِّرٌ ومضحكٌ في ذات الوقت، ولا توجد مُفارقة في هذا الأمر القاتل، والمدمّر أن الحكومة التي لا تقدم خدمات مقابل الضرائب وهي شاطرة في (فرضها) و(تحصيلها) وتحديد طريقة التنفيذ، ولكن في حال سألنا ما هي الخدمة التي تقدمها للرياضة حتى تستقطع منها؟ والقاعدة المعروفة في كل الدنيا سواء في دول رأسمالية أو اشتراكية أن دافع الضريبة يتمتّع بجملة من رفاهية الخدمات مقابل الضرائب التي يدفعها. أما المُضحك في موضوع حجز الدخل أنّ الأندية شكت لطوب الأرض من العجز المستمر في دخول المباريات، بمعنى أن تدني دخل المباريات جعلها في حالة خسارة دائمة وببساطة أكثر لن يجد ديوان الضرائب دخلاً ليحجزه. هجمة الحكومة على الرياضة والتضييق عليها والاستفادة من أموالها لم تأت مع قرار (حجز دخل المباريات)، فلها تاريخ قديم مع (تذكرة المباريات) التي تتعرض لخصومات ضريبية متنوعة وقاسية تجعل ثلاثة أرباع قيمتها في خزانة الحكومة، فقد ظلت (تغرف) سنوياً أموالاً طائلة من (التذكرة) لتدعم بها الخزينة العامة دون أن تسهم (بمليم أحمر) لدعم الرياضة. كنت أتوقع قبل أن يقدم الإتحاد العام لديوان الضرائب الكشف الذي بنت عليه تقديراتها أن يقف في وجهه ويعلن عليه العصيان رافضاً أن توريط أنديته في أزمة قد تؤدي لنسف النشاط الكروي من جذوره وأن يُبرِّر هذا الرفض بالأموال الطائلة التي تدعم بها (التذكرة) خزانة الدولة دون أيِّ شكل من أشكال الدعم المالي. ويصر على الرفض أن الصرف اليومي على النشاط الرياضي يتم والحكومة تلعب دور المتفرج وكأنّ الأمر لا يهمها من قَريبٍ أو بَعيدٍ. كنت أتوقع أن يعيد الإتحاد العام الخطاب لديوان الضرائب ويقول لهم لن أسهم في تدمير نشاط يعتمد على التبرعات والديون من الأفراد. كنت أتوقع أن يطالب الإتحاد ديوان الضرائب بفتوى قانونية عن الضريبة على التبرعات والديون. ألا يعلم الإتحاد أن تعاقدات اللاعبين التي سلّمها للديوان يدفعها أفراد كتبرعات والبعض الآخر يطالب باستردادها لأنّه قدّمها كديونٍ؟ الإتحاد بكل أسف وضع أنديته تحت رحمة الضرائب ووقف يتفرج.. والأدهى والأمر ما تردّد عن تنفيذه لقرار الديوان بحجز دخول المباريات فوراً مع انطلاقة الدورة الثانية. السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يبحث الديوان عن مصادر دخل الأندية قبل أن يفكر في فرض الضريبة. خاصةً وانّ المبالغ مطلوبة من الأندية وليس اللاعبين والدخل يخص النادي وليس اللاعب. كما أن الأندية ليست مؤسسات أو شركات وحسب قانون الرياضة تقوم بعمل طوعي؟ (قَفِّلوها) وسلِّموها الضرائب