صورة وجدانيّة تستقر في قلبي... في أيّام طفولتي كنت من مُحبّي ومردّدي أغنيات سيّد خليفة فأهداني ذات مرّة أكبر أشقّائي في برنامج (ما يطلبه المستمعون) أغنية سيد خليفة (أنا قلبي بدق) وبعد سماع والدي إهداء شقيقي أهداه فاصلاً من (الدق)... ومع ذلك دام صوت أبو السيد في حياتي عبر الأثير مُعطّراً! علاقتي اليوميّة بكم تلزمني بالبوح لكم انّني كلما حوصرت بطلب الغناء أيام الدراسة في الليالي الترفيهيّة أو نهاراتها أقوم باللجوء الفنّي إلى سيّد خليفة، لجأت إليه في المدرسة الابتدائيّة فغنيت (نانا)، وفي المتوسطة (داري عينيك)، وفي الثانوية (انشودة الجن) والجامعة (على الجمال)، وفي الدراسة العليا (يا مسافر وناسي هواك)! غناء سيّد خليفة مطلوبٌ خارج السودان أكثر من داخله، ولذلك فوصفه بسفير الأغنية السودانية غير دقيق ففي السلك الغنائي السوداني كان هو وزير خارجيّة ... أمّا في الداخل فمن الصعب أنْ يقول لك أحد بأنّ فنانه المفضّل سيد خليفة ولكنْ إذا (سيد الناس حضر) يصبح هو الفنان المفضل لمجموعة من الناس في لحظةٍ غناء واحدة! شهادة الجودة في غناء سيّد خليفة أنّه واحدٌ من (عقد اللولي) الذي يؤدّي أصعب غناء الفصحي وهل هناك أصعب من أنْ تُغنّي للتيجاني يوسف بشير وإدريس جمّاع وسُقاة الكأس من عهد الرشيد ثمّ تنزل بالسلالم الموسيقيّة لتؤدّي العاميّة السهلة الممتنعة قبل إعلانات سوداتل فتغنّي ألو ألو وتطلب من الرمّالي أنْ يضرب رمله! مِنْ عِبَر الأقدار أنّ الذي كان يغنّي (أنا قلبي بدق) اضطرته الأيام لدخول غرفة العمليات لجراحة قلبه بعد أنْ ضاق شريانه التاجي فتهدّدت عضله قلبه بالتوقّف عن الدق... أجرى سيد خليفة جراحة (by-pass) وهي نقل قطعة غيار من وريد بالساق لاستبدال الشريان التاجي الذي يغذّي القلب ليواصل الدق! عاش قلب سيد خليفة بعد تلك الجراحة ثلاثة عشر عاماً لكنّه لم يغنِ (أنا قلبي بدق)، حتى أضربَ قلبه عن الدق الفعلي في الثاني من يوليو قبل 11 عاماً ... لكنّي كلما أتذكّر (دقة) والدي لشقيقي الأكبر فإنّ قلبي يدق!!