ضعف الرقابة الحكومية وترك الحبل على الغارب لأصحاب المخابز يخبزون ما يشاءون وبالأحجام والنوعية التي تزيد من أرباحهم يهدر أموالاً ضخمة تنفقها الحكومة على دعم سلعة الدقيق . فالخبز المنقوص وزنه والسيئة أنواعه والمتدنية جودته تدفع بالمواطن المستهلك لهذا الخبز ألا يصدق أن الحكومة تدعمه ليستقر سعره ويكون في متناول عامة الناس .أتابع هذه الأيام نقاشاً وآراءً تنقلها صحف دولة خليجية يتضرر فيها أصحاب المخابز في هذه الدولة من قرار السلطات الصحية بألا تتم تعبئة الخبز إلا في عبوات بلاستيكية صحية لا تسبب أضراراً على المستهلكين إذ يرى أصحاب المخابز أن هذا النوع من العبوات البلاستيكية يرفع تكلفة الإنتاج ولكن القرار الحكومي مضى والتزم به أصحاب المخابز لأن صحة المواطنين والمقيمين في هذا البلد فوق كل مصلحة .الرقابة الإدارية والصحية على صناعة الخبز في السودان لا وجود لها والدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم قبل أن يعلن أن سلعة الدقيق خط أحمر عليه أن يؤكد على ذلك من خلال جهاز رقابي إداري وصحي على مخابز ولاية الخرطوم كافة . إذ الواضح أن الكثيرين من ضعاف النفوس لا يلتزمون بأوزان الخبز المقررة وتتفاوت هذه الأوزان خلال اليوم الواحد في المخبز الواحد فأوزان منتصف الليل وقبيل الفجر غير أوزان النهار خاصة وأن انتاج الأولى يذهب ليباع بعيداً عن المخابز في البقالات والمطاعم مما يبعده عن عين الرقابة . وأما القواعد الصحية الملزمة لإنتاج الخبز فإن القليل من المخابز هي التي تراعي بعضها وتلتزم بها ولو دخل المستهلكون الى غرف اعداد الخبز في مراحل إنتاجة لتأففوا من شرائه لقذارة الأدوات والأواني التي يعد ويقدم فيها ولقد سبق لنا أن أشرنا في أعمدة سابقة أن 70% من الخبز الذي يباع مباشرة في ولاية الخرطوم ملوث بالبصاق إذ يبلل بائعو الخبز أصابعهم ببصاقهم لفتح الأكياس البلاستيكية ومن ثم وضع الخبز بذات الأصابع داخل هذه الأكياس لزبائنهم .والنواحي الصحية تشمل أيضاً أنواع محسنات الخبز التي تضاف للعجين وتناسبها للإستهلاك الآدمي خاصة وقد أثبتت الدراسات العلمية أن الكثير من هذه المحسنات تحتوي على مواد مسرطنة .وحتى يكون الخبز خطاً أحمر في عاصمة البلاد فعلى السلطات فيها ألا تمالئ أصحاب المخابز وتصرف النظر عن تشجيع الانتاج الكبير للخبز من خلال مصانع تنتج الثلاثين مليون رغيفة التي تستهلكها ولاية الخرطوم يومياً إذ ان تأمين الخبز في العواصم لا يعتمد على مثل هذه المخابز التي تخبز في اليوم ما لا يزيد عن الألف كيلوجرام من الدقيق ومثل هذه المخابز الكبيرة تتوافر فيها النواحي الصحية إذ لاتدخل الأيادي البشرية المطهرة أو الملوثة ولاتمسه كما أن الأوزان والجودة لا يتلاعب فيها من اعتاد أن يتلاعب ويتاجر في قوت الناس . وعلى وزارة المالية والإقتصاد وشئون المستهلك في ولاية الخرطوم ألا تستجيب لضغوط أصحاب المخابز التي فشلت في تقديم خبز صحي وذي جودة للمقيمين في الولاية وأن تسعى وتشجع كل من يقدم على الانتاج الكبير من خلال المخابز العصرية ومن أراد الخبز الحالي بتلوثه وصغر حجمه فله ذلك إذ السوق حر والتنافس مشروع والخط أحمر .