فيما لا تزال أجواء الحزن مسيطرة على الكثيرين، إلا أن الفراغ السياسي والإداري الذي خلّفه رحيل الأستاذ فتحي خليل بالولاية الشمالية، طرح العديد من التساؤلات عن كيفية سده على الرغم من أن البعض لم يفق بعد من صدمة الحادث الأليم الذي جعل كرسي الوالي شاغراً في انتظار قادم جديد. مهمة البحث عن مَن سيخلف الراحل فتحي خليل في كرسي الولاية تظل حاضرة في أذهان الكثيرين من أهل الولاية، بعد أن أضحى المنصب الذي وصل إليه فتحي من خلال صناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية أبريل 2010م شاغراً، لذا يبقى التساؤل قائماً حول شكل وكيفية شغل منصب الوالي بالولاية الشمالية. وبحسب دستور السودان الانتقالي للعام 2005 وقانون الانتخابات للعام 2008م، فإن خلو منصب الوالي المنتخب بسبب الوفاة يدعو السيد رئيس الجمهورية إلى انتخابات في الولاية المعنية خلال ستين يوماً من خلو المنصب ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين والٍ مؤقت يقوم بتسيير أعباء الولاية إلى حين إجراء انتخابات جديدة تكون تحت إشراف ومتابعة الهيئة القومية للانتخابات. لم يكن أول منصب والٍ منتخب يخلو هو منصب الوالي فتحي خليل بالطبع، فقد سبقه كرم الله عباس والي ولاية القضارف الذي استقال من منصبه من الولاية بعد سلسلة من المناكفات والمناوشات بينه وبين الحكومة الاتحادية وقيادات من الحزب الحاكم، ليعين الضو محمد الماحي والياً مكلفاً إلى حين انعقاد انتخابات لمنصب الوالي، وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن وتأجل لأكثر من مرة بذرائع متحركة. وفي ظروف استثنائية في ظل قانون الطوارئ، أصدر رئيس الجمهورية خلال الفترة الماضية تحديداً في أغسطس من العام المنصرم قراراً قضى بعزل والي النيل الأزرق مالك عقار بعد أن قاد تمرداً مسلحاً بالولاية هدّد أمنها وروّع مواطنيها، ونازع السلطة الاتحادية التي يتبع لها، مما دعا الرئيس البشير إلى تعيين اللواء الهادي بشرى حاكماً عسكرياً على الولاية التي فرض فيها قانون الطوارئ. وفي ولاية جنوب دارفور خلا منصب الوالي المنتخب بعد أن تقدم عبد الحميد كاشا باستقالته ورفض أن يذهب والياً على أهله في شرق دارفور الأمر الذي جعل الرئيس يعيّن والياً آخر في شرق دارفور إلى جانب حماد إسماعيل بجنوب دارفور. تأجيل الانتخابات لمنصب الوالي أكثر من مرة في ولاية القضارف جعل البعض يتوقّع تكرار ذات السيناريو بالولاية الشمالية خاصة وأن هنالك الكثير من المتحفزين للجلوس على مقعد فتحي خليل بعد الفراغ الدستوري الذي تركه رحيله المفاجئ وربما يكون الوضع في الولاية الشمالية مختلفاً عن كل من النيل الأزرق والقضارف لما كان يمثّله فتحي خليل من رمزية وقيادة من شأنه أن يخلف فراغاً عريضاً بالولاية، خصوصاً وانّ الولاية الشمالية هي أيضاً لم تسلم من التراشقات السياسية والمماحكات التي تحدث داخل الحزب الواحد، إذا أخذنا في الحسبان أن فترة الستين يوماً (المرحلة الانتقالية) غير مسلمٍ بها رغم دستوريتها مما يزيد من احتمالات تدخل ما هو طارئ الذي ربما يزيد من مدة الفراغ السياسي والإداري الذي ستُعاني منه الولاية الشمالية، مثلما ما يحدث الآن في ولاية القضارف التي تطاولت أشهر انتظارها للانتخابات التي تأجّلت بسبب الأمطار تارة والخلافات الداخلية بوطني القضارف تارة اخرى. عموماً وبنص القانون فإن فترة الستين يوماً تظل مرحلة لابد منها سواء قصر أمدها أو طال لخلافة الوالي، أي والٍ يغادر كرسيه بالموت أو بغيره، وفي هذا السقف الزمني يتوقع أن تحدث مفاجآت في من يجلس على مقعد الوالي بالولاية الشمالية، حيث يوجد أكثر من شخص يمكن أن يشغلوا هذا المنصب في الولاية والمركز ولكن من غير أن تكون لأحدهم ميزة تفضيلية على الآخر، مما يعني أن الشمالية مقبلة على معركة حامية بمجرد أن تكفكف دموعها.