البروفيسور عبد اللطيف البوني،يقطع يوميا 150 كيلومترا ذهابا وايابا من مقر اقامته بقرية اللعوتة بالجزيرة الى مقر عمله بالخرطوم،هذه المسافة مستمرة منذ العام 1970 حيث التحق بجامعة الخرطوم كطالب،البوني رغم انه يتملك منزلا فخيما بحي المعمورة الخرطومي ،لكنه لم يبت في الخرطوم الا ليلة واحدة لم يزدها،وكان يتقلب في سريرة حتى اسفر الصبح عن وجهه وغادر الى اللعوتة. -بروف البوني..تتذكر اول يوم جيت الخرطوم زائرا متين؟ تقريبا سنة 63 جيت كاسر يدي،وبدلا عن الذهاب للمستشفى مشيت مع خالي الى البصير ود مختار بالسجانة ما زلت اذكر ملامحه نحيلا،اشيب اللحية،وتمت معالجتي ورجعنا في نفس اليوم،عمري وقتها 6 سنوات. -والكسر يدك شنو؟ وقعت من حمارة. -جيتو بي شنو؟ بى لوري والطريق لم يكن مسفلتا،كان لحدي الباقير بس،وقريتنا تبعد عن الطريق الرئيس حوالي 7 كيلو مترات تمت سفلتتها قبل سنوات وهي تبعد عن الخرطوم حوالى 75 كيلومترا. طبعا كان في طريقة تانية نجي بيها. -اللي هي ؟ بالقطر..كان اسمو الكليتون ويأتي يوميا من مدني صباحا الى الخرطوم ويغادر مساء ناس الجزيرة كلهم كان بيركبوا فيه..شفت نحنا تدهورنا كيف؟ ?هي طريقة عملية لحل مشكلة المواصلات؟ بالتاكيد..مفروض يفكروا في القطر دا تاني. -هل تكررت زياراتك للخرطوم؟ في المتوسطة والثانوي بنجي عادي لكن ما ببيت. -اول مرة قضيت ليلك في الخرطوم؟ في الثانوى سنة 70 بت ليلية مع زميلي الدكتور لقمان وهو بالسعودية الان فى داخلية البركس ورجعت الصباح.واذكر دخلنا سينما كلوزيوم حضرنا فيلم اسمه شئ من الخوف بطولته لسعاد حسني وجابت اسم خرطوم ساي خلال الفيلم الجماعة افتكروها جابت سيرة خرطومنا السينما دي كلها بقت تصفر وتهلل. -ولما جيت الجامعة؟ سكنت فى داخلية البركس،واتحين الفرض لأذهب للعوتة،طيلة مكوثي فى الخرطوم لم ابت فى مكان غير داخلية البركس ومرة واحدة بمنزلي بالمعمورة. -ما سكنت عزابي؟ ولا حصل بت مع زول في بيتهم في حياتي ..تصدق؟ ?ولا مرافق في مستشفى خرطومي؟ ابدا.. -بعد التخرج والتوظف؟ اغتربت في السعودية 3 سنوات ،ولنفس سبب ارتباطي باللعوتة عدت ،والتحقت بالعمل في المركز الاسلامي،واهو في شارع اللعوتة.الكلام دا سنة 84. -طيب ..الزمن داك المواصلات شاق الحصول عليها؟ فعلا..كنا بنركب بص المقابلة وهو بص من كنبتين فى النص بيكون فى العيش واللبن والخضار والجداد والحمام..ونحنا راكبين معاهم عادي،البص اما هوستن 5 طن او بدفورد سفنجة،انا ركبت المواصلات من الزمن داك لحدي ما وصلت مرحلة الروزا وهي ارقى وسيلة مواصلات عالمية. -وانت زول استاذ جامعي ..كيف انت وسط الركاب؟ زول وبس..بالمناسبة فى دكاترة من المنطقة بيركبوا ذات الوسيلة. ?ليه الارتباط الشديد دا باللعوتة؟ ارتباطي بوالدي..ابي رحمة الله عليه وامي،واخواتي،تعرف ما بقدر انوم برا حوشنا هناك. -البوني ولد وحيد وسط شقيقاتك..هل دللك ابواك؟ بالعكس ابي كان رغم حنيته يعاملني بشدة متعمدة،الحنان والدلع من امي..كنت بسرح بالغنم،وابيت فى المشروع وانا ابن الخامسة..حتى بعد بقيت استاذ جامعي وكاتب نفس المعاملة وكأني ابن الخامسة. ?...........؟ البيت الساكن فيهو دا..صرتي مدفونة فيهو ومابحب ابيت برا منو. ?ولذا ترفض السفر للخارج بحكم وظيفتك كاستاذ جامعي او كاتب يتلقى دعوات؟ وغير كدا لدى فوبيا طيران..المطار والمستشفى اكتر محلين بخاف منهم،ما بحب اسافر،مؤخرا تخلصت من الخوف دا ومشيت السعودية وقطر والسنغال واثيوبيا وبورتسودان. ?بورتسودان زرتها لاول مرة؟ لا زرتها في الثمانينيات وكانت اجمل بكثير رغم الحسن الذي يبدو عليها الان. ?سواق في خط اللعوتة بذاكرة البوني؟ ابوي..كان سواق ماهر واول زول طلع رخصة في المنطقة سنة 48 وعلم الناس السواقة،بس مشكلتنا بنسرح في الطريق ..انا اتعلمت القيادة في الابتدائي ولم اسق عربة الا بعد التوظف في الجامعة ،،كانت بوكس موديل 74 اشتريتها بعد عودتي من السعودية،امتلكت بعدها انواعا اخرى من العربات. ?لكنك تهوى ركوب الحافلات اكثر؟ فعلا..الحافلات بتاخد ليها حوالي ساعة ونص الساعة لمن اصل بكون اتونست مع الركاب وبطلع لي بي عمود عمودين. ?بالمناسبة الكتابة بديتها ميتن؟ هي والتدريس في وقت واحد بداية التمانينيات كانت هواية وتحولت لمهنة رديفة. ?اول مشوار قدته بعربتك للخرطوم؟ منتصف التمانينيات معاي زميلي واي زول بجي قدامنا بولع لي اشارة معناتا سواقتي ما صاح في الاخير وصلت..حاليا بسوقوا لي اولادي واولاد اخواتي..وبهوى الاستماع للغناء في الاذاعة وعادي مرات بعد اوصل مكاني بنتظر الاغنية تنتهي وانزل. ?هل انت من ناس الحقيبة؟ لا وما بدورها..انا استمع لمرحلة ما بعد الحقيبة من ابراهيم عوض وانت ماشي..تأسرني الحان صلاح مصطفى والكلمات في غناء وردي وصوت ود الامين..واهوى زيدان ابراهيم وابراهيم عوض بصورة مبالغ فيها ليه ما بعرف. -البوني بعد وصوله اللعوتة خلع رداء الخرطومية..ككاتب معروف واستاذ جامعي يدير كلية اقتصاد الاسلامية؟ بقعد قدام الدكان مع ناس الحلة واصلي في الخلوة وحكاية كاتب واستاذ دي تنتهي مع لفة اللعوتة.بعدين في ظل الثورة التقنية مافي فرق بين اي محل والعاصمة اي محل بقى فيهو ترباس وشباك وثلج وانترنت. -البوني..كاستاذ جامعي،هل تمازج المحاضرات بمرح كتاباتك المعهود؟ طلبتي اعاملهم بود شديد/ومحاضراتي يقدم اليها غير طلابي ،لكنني اتشدد في الدراسات العليا /ويتهيب الطلاب اشرافي على رسالة الماجستير والدكتوراة. -هل يناقشك طلابك فيما تكتب؟ لحدي بداية الالفية كان الطلاب على وعي سياسي ،وانا استاذ علوم سياسية وعميدا لكلية الاقتصاد بالاسلامية الفرقة ما كبيرة بين ما اكتب وادرس،الجيل دا لو كتبت في الكورة بناقشوني غير كدا مافي اهتمام ودا مؤشر خطير,طلاب العلوم السياسية غير مكترثين بالسياسة وما بكتبوا حولها . -طبعا في الكورة هلالابي..؟ لكنني جمدت هلاليتي مؤخرا. -لم؟ صادفت فريق الهلال عائدا من مالي فى طائرة واحدة،كانوا مهزومين طبعا،اكبر زول فى البعثة احمد آدم وناقشته ليه مافى اداري يقوم بمقام الابوة حتى يطمئن اللاعبون فى الملعب يكون رفيقا لكم،وعرفت انه بعد الهزيمة التلفونات قفلوها منهم. صدقني منظر الاولاد ديل حنني شديد وهو مغلوبين على امرهم..الهلال يفقتد الى الجانب التربوي. -ازمة الهلال الحالية كان برنس كان برير؟ اسمعها مني..البرير اسوأ رئيس يمر على نادي الهلال،والبرنس اسوأ كابتن يمر على النادي،وصلاح ادريس اسوأ رئيس سابق للهلال لو لم يذهب هؤلاء عن سماء الهلال الحال لن ينعدل..مش يتنحوا ،يختبئوا تماما بعد داك الحال بينعدل. -اللاعب الذي يحتاجه الهلال؟ مش الهلال بس،الكرة السودانية كعموم،تحتاج للاعب مثل مدثر كاريكا،الخلق والمهارة والثقافة مثل كاريكا يمكن ان يطوروا كرة القدم .. يجب ان يكون كاريكا هو قدوة اللاعبين ..اعتبره النموذج الافضل للاعب الكرة ويشبه نجوم زمان الذين عرفناهم داخل وخارج الملعب. -منزلك بالمعمورة ،نطلع من الكورة شوية..برضو ما مفكر تستقر فيه؟ ابدا،هو لأولادي بعدين براحتهم يقعدوا هنا يجونا هناك.انا رغم انه بيتي وبنيتو بقروشي لم ابت فيه غير ليلة واحدة وما نمت للصباح كنت جاي من السنغال والوقت اتاخر ..الصباح رجعت اللعوتة وجيت راجع تاني الشغل..بعدين لمن اكون طالع منها بدي الشمس ضهري،ولمن اجي راجع العصر بدي الشمس ضهري دي مش نعمة؟ -من اين يستقي البوني مادة كتابته؟ من الرادي وملاحظة الشارع العام،بستمع لكل الاذاعات ،وعربيتي لو ردايها خسران ما بسوقها سنتمتر،بقصر لي مسافة ال75 كيلو الماشي وجاي.الحافلات برلمان مصغر وسودان كبير،وبتلفت كتير فى الشارع ..بلقط لي حاجة حاجتين.