قاعدة مألوفة ومعروفة ، منذ قديم الزمان يوجد عداء (فطري ) ، بين سائقي المركبات العامة ومساعديهم وبين الركاب ، ومن النادر جدا أن يبتسم (الكمساري او السائق ) في وجوه الركاب ، ( فالتكشيرة ) صفة تصاحب الجميع .. ولكن هناك من يبعث الامل والسرور في النفوس, ففي مثل الظروف الصعبة التي يمر بها المواطنون وتأتي في مقدمتها ازمة المواصلات , يحلم الركاب بتعامل جيد من اصحاب المركبات العامة تعاملا خالي من ( الحقارة ) يجعلهم يدفعون التعريفة دون أي نقاش او مشاجرة . في ظل الازمة الحالية والتي يشكو منها الجميع ، يصادفك سائق (هايس ) مريح يوزع الابتسامات شمالا ويمينا للركاب ويمحو تلك الصورة الذهنية (الشريرة ) لسائقي المركبات ومساعديهم التي رسخت في الاذهان ، مثل ذلك السائق وجوده معجزة في هذا الزمن الصعب ، زمن المشاكسات والضرب داخل ساحة المركبات العامة ، فأسلوبه الراقي في التعامل مع الركاب ، بدأ وكأنه يمارس سياسة (الحنك ) حتى يحصل على اكبر عدد منهم ، ويغادر مسرعا قبل ظهور حافلة او بص الوالي (يلفح ) منه الركاب ، ومن المعلوم ان الهايس لا تنافس امام الحافلة نسبة لارتفاع ثمن التعريفة ، بجانب ان سائقي الهايس عملوا على زيادة التعرفة من انفسهم ورفعوها الى (2) جنيه للراكب ، دون تدخل من الجهات المختصة ، ودائما ما يتشاجر الركاب مع السائق عند وصولهم المحطات المعنية ، وربما خير وسيلة لتفادي تلك المشاحنات وضمان دفع الراكب للتعريفة كاملة دون هرج او مرج ان يبتسم السائق ويتعامل معهم معاملة راقية تخجلهم عن السؤال من الباقي ، هذا السائق النادر يعمل في خط (الشقلة الفتيحاب ? الخرطوم ) ، يقوم بإرجاع الباقي بكل أريحية ويستلم المبالغ من الركاب بفرح وطيب خاطر ، التعامل الذي بدا من ذلك السائق استغربه كل من بالهايس لدرجة انه اصبح نقطة للنقاش والتعارف بين الركاب ، يا سلام .. مالو لو كل اصحاب المركبات العامة ومساعديهم إنتهجوا ذلك التعامل بالتأكيد سوف تتحول مواقف المواصلات ، والمساحات الداخلية للمركبات العامة ، اروقة تعارف وتآلف . فالتعامل مع الناس فن من اهم الفنون نظرا لاختلاف طباعهم فليس من السهل ابدا ان نحوذ على إحترام وتقدير الآخرين وفي المقابل ليس من السهل ان نخسر كل ذلك وكما يقال ( الهدم دائما اسهل من البناء ) .. (حضرة المسؤول ) تشيد بسائق تلك الهايس صاحب الذوق الرفيع .