تناقض غريب تشهده ساحات الحياة في أبيي وفي حين يسعى أبناؤها من ذوي النفوذ لضمها إلى حكومة الجنوب تفشل كل المغريات لاجتذاب الدينكا نقوك ولاستمالتهم إلى هذا الهدف الذي يتناقض مع الاتفاقيات السابقة و خطوط الحدود التي تؤكد شمالية أبيي قبل الاستقلال بدهر طويل، بالأمس دعت قيادات بارزة بقبيلة دينكا نقوك لتقديم المساعدات الانسانية العاجلة لحوالي «3» آلاف أسرة فرت من جنوب السودان لمنطقة أبيي بسبب تدهور الأوضاع هناك فما الذي بقى إذاً من المغريات لدينكا نقوك لكي يختاروا الانتساب إلى حكومة الجنوب.. انه بحكم الطبيعة الانسانية والتاريخية ان هؤلاء الاقوام شماليون وهم ينبذون كل دعوة توجه اليهم لتغيير انتسابهم المندمج مع أعراب المسيرية الذين «تناسلوا و تعايشوا» معهم تحت مظلة من الوئام دامت أكثر من قرن من الزمان والذين يبتغون فصلهم عن الشمال إنما يبتغون ان يكونوا زعماء ممسكين بقيادهم امتداداً لحكومة الجنوب.. ولكن انظر إلى المفارقة على دنيا الواقع حتى خلال هذه الفترة القصيرة التي يراد فيها لأبناء دينكا نقوك ان يصبحوا جزءاً من كيان لا يعرفونه لأنهم لم يندمجوا فيه من قبل.. ها هي ذي «3» آلاف أسرة قررت الفرار من الجنوب السوداني لمنطقة أبيي بسبب تدهور الأوضاع هناك.. في ذلك قال زكريا أتيم القيادي بقبيلة دينكا نقوك لإحدى وكالات الانباء «25 يناير» ان الاسر عادت بسبب الجوع والأمراض بدولة الجنوب وأشار أتيم إلى أن اليومين المقبلين سيشهدان عودة طوعية مكثفة لأبناء نقوك إلى أبيي اعترافاً منهم بسودانية المنطقة والمعاملة السيئة التي وجدوها من حكومة الجنوب.. وأتيم يحلل إصرار الحركة الشعبية على تعنتها في مفاوضات أبيي لخطفها من البيت الأفريقي إلى مجلس الأمن لإحراز نتائج ضد حكومة السودان التي أكدت تبعية المنطقة للسودان.. وهنا استنكر أتيم القرارات التي كان جاء بها الوسيط الافريقي تابو أمبيكي بعدم اشراك رعاة المسيرية في استفتاء المنطقة.. وكما ترى فإنه موقف ظالم لأهل الارض الحقيقيين بغرض ضمان أغلبية في استفتاء كهذا بسبب التقليص القسري لحجم أعراب المسيرية وهي معادلة عرجاء لا يحتاج فهمها إلى خبير لا يعرف أحد ما هي المؤثرات التي أملت عليه هذا الموقف المعيب الذي ينقطع نظيره في أية تسوية تنتهج الاستفتاء أسلوباً لعلاجها.. ومعروف ان الاستفتاء يقوم بين أطراف متساوية في الإحصاء إلى حد كبير وليس بين مجموعة بصورة مطلقة مع مجموعة أخرى جرى تقليصها قصداً لضمان ترجيح كفة بعينها .. لتعطي نتيجة معروفة حتى لو لم يجر استفتاء.. إن مشكلة أبيي التي تشهد الآن عودة دينكا نقوك الاختيارية إليها كأنها تمضي إلى تصويب واقعها تلقائياً وينصرف أهلها الذين أقنعتهم الحقائق في الجنوب بان مصيرهم الحق هو الانتماء إلى أبيي الشمالية وأهلها المسيرية الذين كانت الحياة بوجودهم صخابة هادرة نافعة لأهلها من دينكا وأعراب..