مشكلة توفير الغذاء تعتبر من أعقد المشاكل التي يواجهها العالم الآن، لن يكون السودان بمعزل عنها مهما أوتينا من تحوطات. وبحسب خبراء الاقتصاد فالاتجاه الى الزراعة سيعيننا على مواجهة الأزمة وإن قلت تبعاتها. والمرأة لها دور كبير في تأمين الغذاء، فبحسب الإحصاء السكاني أن نسبة النساء الناشطات اقتصادياً تبلغ (24.7%) وتختلف من ولاية لأخرى. حيث تبلغ في الشمالية (6.1%) ترتفع الى (60%) و(75%) في ولايتي كردفان ودارفور. ومساهمة المرأة الريفية تتعاظم بصورة أكبر، إذ تعتبر المسؤول الأول في تحقيق الأمن الغذائي وتتراوح نسبة مساهمتها بين (50 - 75%) وترتفع الى (80%) في غرب وجنوب السودان كنتاج طبيعي لهجرة الرجال للمدن. وعلى الرغم من أن المرأة الريفية ظهرت كقوة اقتصادية فاعلة يقع على عاتقها معظم العمليات الزراعية الخاصة بإنتاج الغذاء، فحسب المراقبين وخبراء الاقتصاد، فإنها لاتزال تمثل عمالة غير مدفوعة الأجر، عطاؤها غير مقيَّم في إحصاءات بعض المشاريع، وبالتالي لم تستفد من الجهود المبذولة لإرساء دعائم التنمية الريفية كنتيجة حتمية للسلبيات التي صاحبت بعض مشاريع التنمية. فالنسبة التي تم تخصيصها لتمويل المشاريع النسائية في إطار التمويل الأصغر لم ينفذ بالصورة المطلوبة ولم تستفد منه هذه الشرائح. وهذا مادعا الاتحاد العام للمرأة السودانية مناقشة هذه القضايا عبر المؤتمر القومي حول قضايا المرأة الريفية تحت شعار «نحو دور رائد لنساء الريف». لذا ركزت رجاء حسن خليفة في حديثها على أهمية أن نعمل جميعاً حتى تجد المرأة الريفية مكانتها الطبيعية وتدعم القطاع الغذائي بضمان توفير الدعم المخصص لها عبر التمويل الأصغر. وأرسلت رسائل واضحة للولاة والمسؤولين بولايات السودان أن يستوصوا بالنساء خيراً بتوفير الأراضي الزراعية والتمويل وتمليكهن المشاريع الصغيرة، وأكدت على أهمية أن يخرج المؤتمر بحلول لمشكلات المرأة الريفية والضغط لإيصال التمويل لنساء الريف. وفي ذات المنحى جاءت كلمات سامية أحمد وزيرة الرعاية وشؤون المرأة والطفل بأن المرأة في الريف هي سيدة الموقف لتأمين الغذاء، مشيرة الى قدرة المرأة الريفية على تفكيك آليات الفقر وتجفيف ينابيعه إذا وجدت الرعاية والدعم، مؤكدة أهمية تطوير إمكانيات المرأة في الريف الاقتصادية والقيمية لتكون متماسكة قوية معطاءة تمتزج فيها أخلاقيات الريف وقيمها الفاضلة، وإمكانيات المدينة المتطورة وفوق ذلك نوفر لها التمويل اللازم حتى تنطلق وتقوم بدورها الفاعل في دعم الاقتصاد. هذه الكلمات التي انطلقت من قيادات مهمة في مؤسسة الدولة حفزت وشجعت المؤتمرات أن يناقشن قضية المرأة الريفية بعمق واستفاضة، حيث حظيت ورقة التمويل الأصغر للمرأة الريفية بنقاش واسع وتركز الحديث حول أن المرأة بالريف رغم أنها تشكل (85%) من القوى العاملة في مجال الإنتاج والتصنيع الغذائي إلا أنها تعاني من فجوة بين مقدراتها الحقيقية والإنتاج الفعلي مما يؤكد أهمية أن توجه نحوها مجهودات التنمية والاستثمار. وأشار المؤتمر خلال نقاش دور المرأة في تأمين الغذاء الى أنه توجد مشكلات تواجه المرأة لتلعب دوراً مهماً في هذا المجال، منها سيادة فرضية في التخطيط والتنمية ترتكز على أن ما يفيد الرجل يصل تلقائياً للمرأة، فلم تؤخذ النساء كفئة منفصلة وإغفال المرأة في برامج التنمية يمثل أحد الإشكاليات التي تحول دون أهداف التنمية المستدامة والتوسع في الإنتاجية. ونبه المؤتمر الى أنه رغم الجهود المبذولة لترقية دور المرأة الريفية خاصة في مجال الزراعة لكنها لا تزال تواجه بعض المشكلات التي تحد من زيادة إنتاجها أهمها عدم حصول المرأة على الأراضي الزراعية التي يخضع توزيعها للتقاليد الاجتماعية، وهذا يمثل عائقاً للحصول على القروض ونقص التدريب وإكتساب المهارات الصناعية اليدوية. هذا فضلاً عن عدم سهولة توفير وإيصال التمويل من خلال التمويل الأصغر. ومهما يكن من مشكلات ومعوقات تواجه المرأة في الريف يبقى الأمل معقوداً على أن توضع السياسات التمويلية وضرورة تنفيذها وإيجاد آلية لإيصال الدعم اللازم حتى تستطيع المرأة الريفية أن تلعب دورها الفاعل في تأمين الغذاء في ظل الأزمة العالمية التي قد يتأثر بها السودان.