ظل الامام الصادق المهدي رئيس حزب الامة منذ أكثر من عامين يطالب بعقد مؤتمر شامل يضم الاطراف الوطنية كافة (لمعالجة السلبيات التي تعاني منها اتفاقية السلام الشامل). وبدا المهدي في مؤتمره الصحفي الذي عقده بدار الحزب أمس، اكثر ثقة من أن المؤتمر الوطني وعلى رأسه المشير عمر البشير اكثر استعداداً لاعتبار دعوته للمؤتمر الشامل هي الآلية المناسبة للخروج من عنق الزجاجة الذي انحشر فيه الوطن في بعض منعطفاته المهمة. ولم يأل المهدي جهدا في تطوير فكرته والدفع بها كلما تأزمت الامور. واعتبر زعيم حزب الامة أزمة ابيي المستعصية على طرفي نيفاشا التي تكاد تعيد البلاد للمربع الاول سانحة لتطبيق فكرة المؤتمر الشامل في نطاق المنطقة، وذلك على أمل أن تمتد إلى بقية القضايا في حال نجاحها في نزع فتيل الازمة. واطلق على مبادرته في هذا الشأن (الطريق الثالث الذي نرجو ان يجد تأييداً واسعا). واحتوت مكونات هذا الطريق على الدعوة (لعقد ملتقى جامع ممثل لاهل المنطقة بمكوناتهم السياسية والقبلية والمدنية لايجاد حل شامل يتجاوز العوامل التي فجرت الإقتتال). وعزا المهدي أسباب المشكلة (بالاستقطاب السياسي الشامل واقتصار التفاوض حول أبيي على المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مما جعل المجموعات التي تكون مجتمع المنطقة في حالة توتر). سبب المشكلة في رأيه (يحتم أشراك القوى التي عزلت عن المشاركة في برتكول أبيي). والمؤشرات في تقدير زعيم الامة ايجابية (فالمؤتمر الوطني والحركة الشعبية لايريدان تصعيد الازمة الحالية، ويرجى أن يكونا مستعدين لتجاوز الصيغة المعيبة والتطلع لصيغة تراضٍ جديدة، هذا طريق ثالث). وبما جبل عليه من براعة سياسية كان المهدي قادراً على اعادة دمج كل القضايا التي طرحها في المؤتمر الصحفي مع المؤتمر الجامع. فعندما سئل عما إذا كان الحوار الجاري الآن مع المؤتمر الوطني يستهدف المشاركة في السلطة قال اننا نقترب مع كل القوى وليس معه وحده، وبعض الاطراف التي نتصل بها حلفاء، والبعض الآخر نختلف معه، ونبحث مع البعض الاخير قضايا معينة..) واضاف (ان الذي يدور حول قضايا معينة وأن هذا الذي يدور الهدف النهائي منه أن نصل الى شيء يكون مقبولاً لكل الاطراف الوطنية). أي مؤتمر جامع بشكل أو آخر فالاتفاق من خلال الاطراف المختلفة حول الثوابت الوطنية والطريق الثالث للقضايا محل الخلاف يعد جسراً آمناً يؤدي الى جلوس كل الاطراف فقط للتوقيع. ولايعد المؤتمر الجامع هدفا في حد ذاته لحزب الامة بل هو وسيلة للعبور الى التحول الديمقراطي عبر (الاتفاق الشامل على المباديء والاسس اللازمة لضمان نزاهة الانتخابات حتى نطمئن ونجنب بلادنا ما حدث في كينيا وأثيوبيا وغيرهما). وشدد المهدي على هذه الجزئية اكثر من مرة في المؤتمر. فقال رداً على اسئلة الصحافيين (حول امكان المشاركة، لحزب الامة قرار لا يمانع في المشاركة في حكومة قومية حقيقية او عن طريق انتخابات حرة نزيهة. ما عدا هذا نحن لا يمكن ان نشترك في أي شكل حكومي هذا لا يمنع من التعاون مع الحكومة في القضايا الوطنية المختلفة التي تكفل انتخابات حرة نزيهة). المهدي كان في هذا المؤتمر اكثر تفاؤلا من مناسبات عديدة حول الوفاق الوطني، فقد اكد (ان الحوار الآن من اجل الوفاق القومي تحرك في الاتجاه الصحيح ويرجى ان يكتمل في اسابيع) هذا التفاؤل يرتكز في رأي مراقبين على نتائج اللقاءات الايجابية بين رئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية مع رئيس حزب الامة ولجان الحزبين والمرونة التي بدت لجهة بحث فكرة المؤتمر الجامع دون أن يكون في شكل محدد.