طيف مدينة كان يراقب ندف الغمام الرقيقة، من نافذته الباريسية، وهي تتهادى كوصيفة حسناء، تمهد الطريق لموكب الغيمات السخيات، لتفترش مساحات الأزرق الواسعة. وفي لمحة خيال أزهق ذرات مزاجه الملونة طيف مدينته البعيدة الشاحبة. وهي مسجاة على صدر مسائها الفقير.لا تدري كيف تداري عورات الإملاق من أعين البرق الكاشفة. كل يوم يخرجون كل يوم من شقوق الأمكنة. وحولهم كل ذلك القش القاسي الذي لم ينقصم به ظهر الاصطبار. تتسورهم مدن الغبار. قد يخرجون أحياناً عن صمتهم الشمعي، ليوسعوا الظل طعناً. بينما تحملهم المركبات الكهلة إلى بيوتهم. ليغفوا، كما كل يوم، مضرجين بالتعب. صعود إنسل فجأة من الزحام. أصبح جسده خفيفاً مأهولاً بالهواء. تقشعت الظلمة عن حواسه، ليبصر الجموع وهي تتزاحم ضريرة الخطو، تجس زوايا العالم. عاد كل شيء إلى سديم عدمه أبيض أبلق، قبل أن يدهمه الصعود.