أنهى مؤتمر الأمن الغذائي أعماله بالخرطوم بالتزام إتحاد الغرف العربية بتنفيذ أيِّ مشروع إستراتيجي للأمن الغذائي يقدمه السودان، بجانب إصدار البيان الختامي والتوصيات التي دعت للإسراع في توفير البنية التحتية للاستثمار بالسودان وإزالة المعوقات كافة التي تواجه المستثمرين العرب والأجانب. ودعا المشاركون في المؤتمر الذين يفوق عددهم (150) من رجال الأعمال والمستثمرين العرب إلى توحيد التشريعات القانونية في مجال الاستثمار في الدول العربية التي تسهم في جذب المستثمرين والعمل على تكوين قاعدة معلومات استثمارية موحدة واستقرار سعر الصرف بالإضافة لتوفير التمويل طويل المدى للمشاريع التنموية الغذائية. وطالبت توصيات المؤتمر الذي نظمه اتحاد وأصحاب العمل السوداني بالتعاون مع إتحاد الغرف التجارية والصناعية العربية، بزيادة مخصصات القطاع الزراعي في الموازنات العامة والعمل على تطوير البنية التحتية، بجانب اتباع سياسات متكاملة لتنمية الموارد الطبيعية وتكوين منظمة التعاون العربي في مجال معلومات الأمن الغذائي العربي، إضافةً للاستفادة من التجارب الاستثمارية الناجحة ومعالجة العقبات التي تواجه الاختلاف في التشريعات القانونية بين الدول وتمليك الأرض للمستثمرين، وأشارت التوصيات إلى أهمية توفير النقد الأجنبي للمستثمرين وتسهيل تحويل أرباحهم، كما أكدت على ضرورة إجراء دراسات وبحوث زراعية وتقديم حوافز للعاملين مع أهمية استيعاب المستثمر لثقافة أهل البلد. ونادت التوصيات بضرورة الاهتمام بالصناعات التحويلية وتفعيل التجارة الإقليمية وتكوين شركات للنقل البري والبحري، بجانب توجيه الاستثمار على أُسس مستدامة للنهضة الزراعية وتطوير الأسواق والحد من ظاهرة الإغراق في الأسواق العربية. وأعرب د. عماد شهاب الأمين العام لمجلس الغرف العربية خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية عن رضائه بنجاح المؤتمر الذي حقق الأهداف المنشودة منه من خلال اللقاءات الثنائية التي جمعت بين المستثمرين العرب والاستفادة من تجاربهم ، كما أزالت الخوف عن المستثمرين الذين كانوا يتخوفون من فكرة الاستثمار في السودان ، كما اطمأن المستثمرون على الإمكانيات التي يزخر بها السودان وامّنوا على مبادرة الرئيس وتحويلها لواقع ملموس سيما في مجال البنيات التحتية. من جانبه، أعلن سعود مأمون البرير رئيس اتحاد أصحاب العمل، عن التزامه بالتعاون مع إتحاد الغرف العربية بتنفيذ أي مشروع إستراتيجي للأمن الغذائي يقدمه السودان. وفي السياق، اكد نائب محافظ بنك السودان المركزي الأستاذ بدر الدين محمود عباس على ان الدولة تبذل قصارى جهدها من خلال السياسات المالية والاقتصادية لتحسين البيئة الاستثمارية في السودان ايماناً منها بدور القطاع الخاص في قيادة الأنشطة الاقتصادية وتحقيق الامن الغذائي، مشيراً الى ان هناك مزيداً من الجهود من أجل استقرار سعر الصرف وتنفيذ مبادرة رئيس الجمهورية للأمن الغذائي. وأوضح الاستاذ بدر الدين في تصريحات على هامش مشاركته فى مؤتمر الاستثمار في الامن الغذائى العربي ومتطلبات تعزيز دور القطاع الخاص المنعقد بالخرطوم ان معالجة المعوقات التي تعترض المستثمرين مطلوب، مشيراً الى اهمية ان تقدم الدولة التسهيلات اللازمة للاستثمارات التى توطن التكنولوجيا وتستخدم اكبر عدد من العمالة. وجدد تأكيده بأن السياسات النقدية والمصرفية واستقرارهما هما من متطلبات المستثمرين، مشيراً الى ان البنك المركزي يبذل جهوده في هذا الشأن، وأشار الى استقرار سعر الصرف. وامّن على أهمية تخفيض العجز والتضخم والالتزام بالبرنامج الاقتصادي الثلاثي وتقليل الواردات من السلع الهامشية لترشيد الطلب على النقد الأجنبي، وأشار الى ان الدولة ستستضيف في ديسمبر المقبل اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية والذي سيبحث موضوعات ذات علاقة بالزراعة والأمن الغذائي العربي. من جانبه، اوضح الأستاذ بكري يوسف الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني أن انعقاد مؤتمر الأمن الغذائي يهدف لوضع خارطة طريق لإنفاذ مشروعات محددة يتم تحديدها بمشاركة مستثمرين عرب. وأكد بكري ضرورة أن تطرح الحكومة السودانية خيارات على نظام البوت لتمويل مشروعات البنية التحتية من خلال وضع سياسة تمويلية وان تستفيد من التجارب في هذا المجال كتجربة الزوايا التي اثبتت نجاحها في مجال الاستثمار في البنية التحتية، بجانب تفعيل العلاقات بين مؤسسات التمويل العربية والقطاع الخاص، وكذلك منظمات العمل العربية كالهيئة العربية للاستثمار ومنظمة الزراعة العربية للاستفادة من برامجها. وقال بكري إنّ السودان في أشد الحاجة لتهيئة مناخ الاستثمار، وأن تجعله الحكومة من أولوياتها وتعمل على إعادة صياغة آليات الاستثمار برؤية واضحة وتحدد مناطق اقتصادية لتنفيذ مشروع الأمن الغذائي العربى، بجانب الدعوة لمراجعة القوانين التي لها صلة بالاستثمار كقانون العمل والتأمينات الاجتماعية في إطار النظرة المتكاملة لصياغة القوانين والتعامل مع المستثمرين من خلال نافذة واحدة. وكشف في هذا الصدد عن إنشاء اتحاد أصحاب العمل نافذة لمتابعة قضايا المستثمرين ونخبة للتوفيق والتحكيم تكون وسيطاً بين المستثمرين والمسؤولين في الدولة تعمل علي إزالة معوقات الاستثمار وتحقق الهدف المنشود. وكان المؤتمر قد ناقش في الجلسة الختامية عدة ارواق عمل منها مبادرة الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في مقابلة متطلبات إنتاج الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي العربي، قدمها د. شعلان علوان المشايخي مدير إدارة نقل التقانة بالهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، مؤكداً أن المبادرة تعتمد على تنفيذ أربع ركائز منها: إنشاء مناطق حرة للإنتاج الزراعي مع تقديم ضمانات للمؤسسات المالية التي تقوم بتمويل مشاريع المشروعات الزراعية والبنى التحتية، بالإضافة الى استغلال القيمة المضافة للصناعات الغذائية ومزايا التجارة البينية العربية وإنشاء صندوق تمويلي خاص للأمن الغذائي العربي مع استغلال الميزة النسبية لتوزيع الموارد الزراعية والبشرية في الوطن العربي. ودعا د. شعلان إلى إنشاء مناطق إنتاج زراعية حرة تتمتّع بالامتيازات والإعفاءات كافة لمنح المشروع الحرية في الإنتاج والتسويق والتصدير وتوفير المدخلات دون تدخل من الجهات الحكومية مما يشجع الاستثمار ويجذب رؤوس الأموال لذلك البلد. وطالب بإنشاء صندوق مالي عربي زراعي خاص بالأمن الغذائي برأسمال يعادل قيمة فاتورة الفجوة الغذائية لعام واحد (37 مليار دولار)، يهدف الصندوق إلى تمويل المشروعات الزراعية، والبنيات التحتية للمشاريع الزراعية المخصصة لإنتاج السلع الغذائية الرئيسية في المناطق الزراعية والمساهمة في إنشاء مشاريع زراعية صناعية متكاملة تعمل في مجال إنتاج السلع الغذائية الإستراتيجية، مع تشجيع توظيف واستثمار أموال القطاعين العام والخاص في مجال تنفيذ المشاريع الزراعية والبنى التحتية الزراعية في مناطق الإنتاج والتصنيع الزراعي الحرة. وأشار إلى أنّ السودان مؤهلٌ وحاضنٌ للاستثمار الزراعي ويصلح لإنتاج السلع الغذائية الرئيسية كالحبوب والسكر والبذور الزيتية واللحوم والألبان، التي تشكل نحو 91% من قيمة الفجوة.