أمام نواب المجلس التشريعي بولاية النيل الأبيض ضرب وزير المالية الحافظ عطا المنان علي المنصة عدة ضربات بالقلم الذي يحمله وقال: (ولايتنا هي الولاية الوحيدة على مستوى السودان لم تشهد حالة اعتداء واحدة على المال العام خلال العام 2012م)، ولكنّ الأثر الذي كان يبتغيه الوزير من وراء صوت ضربات القلم على المنصة الخشبية ضاع بتأثير ما كشفت عنه الصحافة بعد أيام قليلة من ما جرى في المجلس التشريعي وكان تقرير صادر من مدير إدارة المراجعة الداخلية بوزارة التربية أوصى بسداد مبلغ (76,256) خلال (72) ساعة كانت بطرف مدير احدى المناطق التعليمية فشل في إثبات كيفية التصرف فيها، وكشف التقرير الذي تسرّب للصحافة ان هنالك عجزاً في توريد رسوم الامتحانات في احدى المحليات بلغ (100,180)ج، وأوصى التقرير بأن يخاطب مدير المنطقة التعليمية المعني لإعادة المبلغ فوراً حسب المادة (208) من اللائحة المالية لسنة 2011م لاحقاً، وعقب نشر الصحافة لتقرير المراجعة الداخلية أخضع موظف بوزارة المالية تحقيق داخلي لمعرفة المصدر الذي سرب اليه المستندات ولنشره تفاصيل القضية ونقل الى محلية تندلتي، فيما تم نقل مدير المراجعة الداخلية بوزارة التربية عبد المحسن شانقي الذي كتب التقرير لمحلية قلي الوليدة والفقيرة، وان تم تبرير التنقلات التي تمت بانها في اطار قوانين الخدمة المدنية، الا ان توقيت النقل الذي تزامن مع نشر تفاصيل قضية التربية والتعليم اثار غباراً من الأسئلة، ويدور همس تحول لجهر بين نواب في المجلس التشريعي حول الاختفاء غير المبرر لتقرير المراجع العام لعامي 2010 - 2011م، وقال النائب ياسر زين العابدين إن رئاسة المجلس هي المسؤولة عن تقديم تقارير المراجع العام للمجلس، وذهب الى القول: (أعتقد أنّ وراء عدم عرضها على النواب اشياء يريد البعض إخفاءها)، فيما قال النائب موسى فضل الله ان هنالك خللا كبيرا في الجهازين التنفيذي والتشريعي، واضاف: (نحن نحاول ان نفعّل دورنا الرقابي ولكن الجهاز التنفيذي لا يعمل بتوصياتنا، كما اننا في حاجة للجان متابعة فعّالة للضغط على أية جهة لا تعمل بتوصيات المجلس)، ولكنّ وزير المالية الحافظ عطا المنان قلل كثيراً من حالات الاعتداء على المال العام الذي يشكل رأس رمح الفساد في الولاية، وكان عطا المنان قال خلال استعراض اداء وزارته للربع الأول للعام 2013م إنّ الولاية خلال العام الماضي كانت (خالية من الاعتداء على المال العام)، وأضاف: (لن نتسامح مع أي شخص نلقي القبض عليه متلبساً في حالة فساد لأن هذا المال ليس مال الحافظ عطا المنان او الوالي)، وكان عطا المنان اعترف تحت ضغط أسئلة النواب حول عمل المتحصلين قائلاً: (المتحصلون كلهم ما حرامية)، ولكنه عاد وقال: (ومع ذلك نحن ألقينا القبض على متحصلين يحلمون دفاتر تحصيل من 2006م وحُكوموا)، غير ان محاكمة المتحصلين لم تكن بمثابة اجابة شافية للنواب. فالوزير اقر بأن لجنة الرقابة على المال العام التي تعقد اجتماعاتها في مكتبه كل اربعاء استدعت (25) مسؤولا مثلوا امامها بينهم وزراء ومعتمدون ومديرون عامون، ولكنه لم يوضح الإجراءات التي اتخذت لاحقاً وهل تمّت محاسبة أيِّ مسؤول كبير وتقديمه للمحاكمة كما فعلت الوزارة مع بعض المتحصلين الصغار، وتبقى الحرب على الفساد في النيل الأبيض رهينة بأحاديث تطلقها وزارة المالية الوصي على المال العام عن خلو الولاية من حالات الاعتداء على المال العام خلال العام الماضي، بينما لا يزال نوابٌ في المجلس التشريعي يطرحون الأسئلة حول تقارير المراجع العام لعامي 2010 -2011م، وما لم يتم الكشف عما ورد بتلك التقارير، إذ أنها الوسيلة الوحيدة لمعرفة اذا ما كان هنالك فساد أم لا، فان حديث وزير المالية عن الحرب على الفساد يبقى بلا سند حقيقى يوضح بالأرقام ماذا اذا كانت الولاية قد بلغت مرحلة الشفافية في التعامل مع المال العام.