للفأر دور مهم ومحوري في حياتنا بالمعاني الحسية والتجريدية المجازية ،فنحن مدينون بالكثير من الفضل لفئران المختبرات التي تخضع للتجريب الطبي والصيدلاني كأول مرحلة لاكتشاف الأمراض وتفسير مسبباتها واختيار الدواء المناسب لها ،فالفأر على صغره بالإضافة إلى الأرانب والقرود هي من أقرب الثديات مشابهة للتكوين الشكلي والوظائف العضوية للإنسان ما يجعلها فداءنا في التجريب ،وفأرة الحاسوب أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية ،والفئران أيضاً مصدر رزق كبير لكل من يعتمد عمله على فأرة الحاسوب أو لمنتجي البرامج والأفلام الكرتونية ،ومن منا لا يحب أطفاله أفلام الفأر والقط (توم وجيري) التي اخترعها المصرفي الأمريكي جوزيف باربيرا مع شريكه وليام حنا فصارت مصدر ثراء لهما ؟ بل ذاك الصبي والت دزني الذي حول سنوات سجنه عندما كان صبياً وحيداً في زنزانته لا يجد إلا فأراً يتخذه لعبة يسلي بها نفسه ،حول تلك الذكرى إلى عمل أدر عليه مليارات الدولارات عندما إخترع على إثرها شخصية ميكي ماوس وأنتجها مسلسلات لعقود .إن كل منا يدعو كل ما رفع يديه إلى السماء فيتعوذ من الفقر وهو ترجمة جملة قلة الفئران في بيته الدالة على قلة الغذاء والمال ،وقد طالب بعض نواب البرلمان في تصريحات صحفية متكررة بزيادة مخصصاتهم لأنهم يشكون كثرة الضيوف من مواطني دوائرهم وقلة الفئران في منازلهم ،لكن الجديد في الأمر حملته إليكم الزميلة رقية الزاكي في تحقيق صحفي شبه استقصائي عن وجود مرض خطير بين العاملين في المجلس الوطني قضى بموجبه نحو أربعة عشر من العاملين والعاملات بعد أعراض وأمراض متشابهة ،رحمهم الله ،وقد رأى البعض من زملائهم وجود روائح متعفنة في المكاتب تنتج عن الفئران وتتسبب في التلوث والأمراض ،فكيف جاء هذا الفأر واستقر في ذلك المبنى البرلماني والسيادي الحصين ؟ وهل كونه يعيش بين أصحاب الحصانات من نواب الشعب ،وجد حصانة من وصول عدوه اللدود (القطط) إليه؟ وأين دور الإخوة في الشئون الهندسية بولاية الخرطوم والمواصفات في مراجعة صلاحية هذه الصروح الحكومية التي مرت عليها العقود خاصة نظم الصرف الصحي والمياه فيها التي تكون دائماً مكمن التلوث والمشكلات؟ وأين دور البرلمان في الرقابة على وحداته الهندسية والإدارية ؟ حاشية : يقول المفكر أحمد أمين : »إن العرب ما زالوا يرددون قولهم بأن الفأر وراء انهيار سد مأرب، ولم يعلموا أن عدم تعهد صيانته هو السبب الحقيقي وراء انهيار السد((،ونقول للسادة النواب فلتطالبوا بلجنة تحقيق فنية عاجلة ،فالفأر من الناحية العلمية لا يستطيع رؤية الألوان ، لكنه يميز تدرج الظلال من الأسود إلى الأبيض،فاستظل بظل القبة دون لون سياسي ،أخرجوه من هناك ورجاءً أدخلوا العينات السليمة منهم إلى كل بيوت الشعب بما فيها بيوتكم بلا قلة.