لم يكن هجوم الجبهة الثورية على منطقة «سدرة» العسكرية في ولاية شمال كردفان مفاجأة بل هو نتاج طبيعي للأزمة والصراع على السلطة في دولة جنوب السودان بعد ان أقال الرئيس «سلفاكير» والي ولاية الوحدة «تعبان دينق» ثم قام بحل حكومته نتيجة لتداعيات القرار الأول الذي لم يجد استحساناً من نائبه الأول الدكتور رياك مشار وبعض قيادات الحركة الشعبية النافذين في الحكومة المقالة والذين يؤيدون الجبهة الثورية في حربها ضد الدولة السودانية في المناطق الحدودية خاصة تلك المتاخمة لولاية الوحدة التي كان يسيطر على القرار فيها «تعبان دينق» دون تنسيق أو تفاهم مع المركز في «جوبا » بل فقط لعلاقاته الحميمة التي تربطه بقيادات الحركة الشعبية في قطاع الشمال الذين ساندوه ليصبح أميناً عاماً بديلاً «لباقان أموم» حينما انعقد المؤتمر الثاني للحركة الشعبية بالعاصمة «جوبا» عام 2008م والذي لم يتحقق له مراده بعد انحناء «سلفاكير» لعاصفة المؤتمرين وأيد ترشيح «باقان» للأمانة العامة . وبعد ان تمت إقالة «تعبان دينق» مؤخراً أحست مجموعة قطاع الشمال بأنها فقدت أهم داعم لها في الحرب ضد الحكومة السودانية وقد تم تفسير إقالة كل الحكومة بأنه يصب في التطبيع الكامل مع السودان على طريق معالجة كافة الإشكالات العالقة والإلتزام بالمصفوفة والتي يأتي على رأسها وقف الدعم والمساندة للجبهة الثورية التي تقف بشدة ضد كل قرارات «سلفاكير» المتعلقة بإقالة الحكومة ووالي ولاية الوحدة الداعم للجبهة الثورية بالسلاح والمال والعتاد مما جعل تلك المعارضة المسلحة في مفترق الطرق إذ لم تعد جزءاً من إهتمامات «سلفاكير» أو الجيش الشعبي الذي كانت تنتمي إليه قبل ان ينفصل جنوب السودان عن شماله وقبل ان يتخلص الرئيس من كل مراكز القوى التي كانت تساند قطاع الشمال في السنوات الماضية مما جعل الجبهة الثورية تتحرك في كافة الاتجاهات حتى تصبح لاعباً مهماً في المشهد السياسي الجنوبي بعد ان فقدت كل شئ وحتى إن استجابت للحوار والتفاوض مع الحكومة السودانية فسيكون ذلك خصماً عليها مما جعلها تعجل بالهجوم العسكري على منطقة «سدرة» في محاولة لتشويه صورة «سلفاكير» أمام الحكومة السودانية التي قد ترى في ذلك الهجوم مساندة ودعماً من حكومة الجنوب لهم لتنهار مرة أخرى كل مساعي التطبيع والالتزام بالاتفاقيات وهذا ما يرفضه «سلفاكير» في ثورته التصحيحية القائمة على المعالجات الاقتصادية بضخ النفط عبر الشمال واستقرار العلاقات السياسية والاجتماعية مع الخرطوم ، وأيضاً من غير المستغرب ان تبحث الجبهة الثورية عن وسيلة للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة السودانية لم تجدها إلا في ذلك الهجوم البائس على «سدرة»...