اقل من نصف عام تفصل البلاد عن صناديق الإقتراع لإختيار حكومة جديدة أول مهامها قيادة البلاد نحو خط نهاية الفترة الإنتقالية بصورة سلسة تحول دون إنزلاق نحو حافة الحرب، وذلك بغض النظر عن خيار أبناء الجنوب في العام (2011). غير ان اسئلة عديدة تدور عن حالة الطقس السياسي خاصة في الجنوب ومدى ملاءمة الأجواء لقيام إنتخابات تتسم بالمعايير الدولية (الحرية، النزاهة، الرقابة) وفي هذا الصدد نظم المركز السوداني للخدمات الصحفية (اس. ام. سي) ندوة حول (الحريات السياسية في جنوب السودان) لعكس الإستعدادات بالإقليم خاصة وان مرحلة السجل الإنتخابي إنطلقت منذ مطلع الشهر الجاري. ----------------------------------------------------------------------------------------- مشكلات في الطريق وابتدر النقاش في الندوة الأسقف قبريال رورج أمين أمانة بحر الغزال الكبرى بالمؤتمر الوطني بالحديث عن أهمية الإنتخابات بإعتبارها مدخلاً لتقرير المصير. وحذر من المآلات الخطيرة للإنفصال حال وقوعه. وبعد التوطئة التي وضعها رورج أبتدأ بسرد المشاكل والعقبات التي تعترض مسيرة الإنتخابات في الجنوب وأولها المشكلات المتعلقة بعملية السجل الإنتخابي، ودلل على ذلك بإحتجاز قوات الحركة الشعبية لطائرة رئيس المؤتمر الوطني في أويل. وأشار الى ان الأخير قدم الى المدينة لأغراض تتعلق بالسجل الإنتخابي كما أستدل بإعتقال الحركة لعشرة من عضوية حزبه بواو على خلفية اتهامهم بالإنتماء لقوات الدفاع الشعبي. ووصف كل تلك الخطوات التصعيدية بسوء التفاهم حول الإنتخابات. وشدد رورج على إنعدام برنامج واضح للحركة من شأنه حث المواطنين لتقييد أسمائهم بالسجل الإنتخابي وذلك بهدف ممارسة حقوقهم الدستورية. مشاكل حدودية وأشار الأب رورج لوجود مشكلات تتعلق بترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وقطع بأهمية الأمر لإنعكاساته المباشرة على عمليتي التصويت للإنتخابات وحق تقرير المصير. غير انه عاد وجزم بأمكانية تجاوز الأمر عبر الحوار بين الشريكين. مزيد من النشاط ووجه رورج الدعوة للشماليين داخل الحركة لأجل دفع المساعي الداعمة لخط وحدة البلاد وتساءل: هل الشماليون داخل الحركة يعملون على دعم الوحدة؟ وأضاف متسائلاً: إن كانوا يدعمون الوحدة فلماذا تحدث كل تلك المشكلات في وجودهم؟ ومن ثم نادى الأسقف بأهمية أن ينشط الجنوبيين داخل حزبه لدعم الوحدة، كذلك إضافة لأن يعملوا على تذليل العقبات للتوصل لحلول مرضية حول العقبات التي تعترض مسار الشراكة. العودة لطريق العقبات وواصل رورج رصد المشكلات التي تقف في وجه عملية أبريل (2010) وذكر في هذا السياق غياب البنى التحتية، وتردي الخدمة المدنية، ومشكلات أمنية متعلقة بتحول الجيش الشعبي لحزب سياسي، وأنعدام الأمن. واشار لعدم إنفاذ بروتكول الترتيبات الأمنية كما نصت على ذلك إتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) إضافة لقضية أبيي التي قال إنها ورغم التوصل الى نتائج مرضية بشأنها فإنه من غير المستبعد أن ينعكس توتر العلاقة بين الشريكين على الأوضاع الأرضية للمنطقة. وطالب الأسقف بتحويل عاصمة البلاد لأبيي دعماً لخط الوحدة. الحرية منعدمة: ولكن شارلس كاسينغا الأمين العام للحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي شد الندوة لدرجة كبيرة بحديثه القاطع عن إنعدام الحريات في الجنوب وبصورة تامة، وجدد إتهاماته للحركة الشعبية بقمع كل الأنشطة السياسية في الإقليم عبر وسائل الإعتقال، والتعذ يب، وإحتلال الدور الحزبية من قبل قوات الجيش الشعبي، وإحتجاز وسائل ممارسة النشاط الحزبي وتجييرها لصالح الحركة. واستشهد على حديثه بالإشارة لعدة تجاوزات مارستها الحركة ضد حزبه، ولفت كاسينغا الى تعرض عضويتهم بالنيل الأزرق لذات الأساليب القمعية. وقال: يتم حرماننا من الدعاية الإنتخابية في النيل الأزرق والولايات الجنوبية بوسائل قمعية وتساءل: كيف نفوز في الإنتخابات في ظل تلك الظروف التي تكتنف المسرح السياسي؟ ودعا الأمين العام للتغيير الديمقراطي المراقبين الدوليين لدفع الحركة الشعبية لإتاحة الحريات في الجنوب أمام الأحزاب السياسية حتى تتمكن من خوض الإنتخابات. الحريات متوافرة ولكن كوال بول السكرتير الإداري لحزب سانو وعضو لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الوطني إختار أن يوجه دفة الحوار نحو وجهة أخرى بالتأكيد على أن الحريات في الإقليم الجنوبي مكفولة للقوى السياسة كافة. وأعتبر وجود مجالس تشريعية في مختلف ولايات الجنوب وتضم في داخلها كل الطيف الجنوبي بالدليل الدامغ على توافر الحريات هناك. وأضاف لدليله ذلك وجود: آليات تكفل حماية الحرية بالإقليم، ومكتب لمفوضية حقوق الإنسان، والعمل على محاربة الفساد. ولكن بول عاد وأعترف بوجود قصور في جوانب الأمن، بداية الحركة من الصفر في مجالات البنى التحتية. وفي نهاية حديثه دافع بول عن إنسحاب كتلة الأحزاب الجنوبية من البرلمان إبان أزمة الشريكين الأخيرة وأرجع موقفهم لإحتجاج الكتلة على تلكؤ المجلس في إجازة القوانين الممهدة لقيام الإنتخابات الحرة والنزيهة. خطوات لدعم الوحدة وأكد بول حرص حزبه المحافظة على تراب الوطن من خلال إحياء المشاريع القومية، وتخصيص نسبة (15%) من الميزانية المقبلة لتنمية الجنوب، إضافة الى إحالة ثلث قروض البلاد وتوجهها نحو الجنوب. واجبات ويتوجب على الشريكين فتح الباب على مصراعيه أمام القوى السياسية كافة لخوض الإنتخابات المقبلة وترك الأمر لحكومة أبريل لتقود البلاد عبر خارطة طريق دقيقة نحو بر الإستفتاء وتبعاته.