على نحو قد يكون مفاجئا للقوى السياسية اعلن المؤتمر الوطني ان بعض الطلاب الذين تتحفظ عليهم الشرطة على خلفية مقتل طالب جامعة الجزيرة معتصم حامد هم من منسوبي الحزب، ووصف الوطني الحادث بالمعزول والفردي.. وقد لا يكون الأمر جديدا ، ولكن الجديد هو ردود الأفعال على هذا الإعتراف الذي تضمن كذلك تأكيد الحزب على أن الحادث لا يمثل خطا سياسيا للاسلاميين الوطنيين ، مما أدى إلى تباين في تفسيرات الخطوة بين مؤكد على جدواها ومفسر لها بالغرض السياسي. ويتحدث بعض المراقبين عن الحادثة بإعتبارها نقطة تحول في تاريخ التنظيم على إعتبار أن الإعتراف بإنتماء الموقوفين للمؤتمر الوطني سيلقي بالكثير من الأعباء على الحزب مستقبلا داخل الجامعات السودانية بما يقلل من كسبه، خاصة وأن بعض الناشطين من الطلاب يقولون إن تأريخ الإغتيالات السياسية داخل الجامعات غير معزول عن السلطة السياسية مع المطالبة في نفس الوقت بفتح ملف إغتيالات الطلاب في الجامعات من لدن تسلم السلطة الحالية لمقاليد الحكم وحتى الآن. واعتبر محمد حسن التعايشي رئيس اتحاد جامعة الخرطوم السابق أن إعتراف المؤتمر الوطني الاخير بأن بعض المتحفظ عليهم ينتمون له تحصيل حاصل فقط، لكنه قال إنها مرحلة جديدة وتعني مسؤولية الوطني ضمنيا عن كل الإغتيالات التي تمت في الجامعات السودانية منذ تسلم الإنقاذ الحكومة في السودان على حد تعبيره.. وأضاف أن الأمر ليس له أي مدلول إلا بالنسبة لعضوية الوطني فقط، ورسم التعايشي صورة قاتمة لمستقبل الطلاب الوطنيين داخل الجامعات السودانية بقوله أن تنظيمهم ووجه بعزل منذ وقوع الإنقلاب فيما سمي بمقاطعة طلاب المؤتمر الوطني وأنهم دفعوا ثمنا سياسيا لذلك بسقوطهم المتكرر في الانتخابات ، وقال إن الحادثة ستزيد من عزلهم وسوف تفتح إدانة أخلاقية وسياسية واسعة، واضاف أنها ضربة قاضية تلقاها الوطني، فبعد ان كان حزبا سياسيا مقاطعا أصبح حزبا في قفص الإتهام. معتقدا ان إعتراف المشتبه به سيفتح النار أكثر باعترافات أخرى عن التخطيط والتدبير. وكذلك اعتبر الكادر الطلابي وائل طه محيى الدين أن الخطوة التي قام بها المؤتمر الوطني ليست موقفا مبدئيا، وأن الفكرة هي إمتصاص غضب الشارع وإتجاه للتمويه، مبديا عدم تفاؤله بالوصول بالقضية إلى نهاياتها، ووصف إقرار الوطني بأنه للإستهلاك السياسي فقط، وقال ان السلطة إذا كانت جادة يمكنها أن تتخذ تدابير لمنع العنف بتغيير قوانين الجامعات، واتفق وائل مع التعايشي في عدم وصف الحادث بالمعزول وقال إنه مرتبط بمئات الأحداث في الجامعات المختلفة، واضاف ان مسؤولية الحزب عن الاحداث كاملة فالمسؤوليات غير مجزأة. وفي الجهة الأخرى ينظر المراقبون إلى موقف الوطني من العضو المعتقل بأنه موقف عاقل في هذه المرحلة تجنبا لردود الأفعال غير المسؤولة ومحاولة للمضي بالقضية إلى أجواء صحية.. وأوضحت الامين السياسي للطلاب بالمؤتمر الوطني سناء حمد رؤية الوطني في هذا الجانب بقولها إن التنظيم كان بين خيارين إما أن يكون مبدئيا أو إنتهازيا فاخترنا أن نكون أصحاب قيمة واخترنا الحساب لقاتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ونحن تحدثنا من قبل عن ضرورة الحساب وأن تأخذ العدالة مجراها، وليس ذلك موضوع للمكسب السياسي، فالاغتيالات ليست من خط الحزب.. ورفضت سناء وصف مستقبل الوطني بأنه قاتم بقولها أنه لو حدث وتساقط جزء من عضوية الحزب فليذهب من يذهب وتبقى القيمة، وأشارت إلى أن طلاب الوطني ليسوا معصومين ويمكن ان تحدث مثل هذه الأحداث الفردية، والتنظيم غير مجبر على تحمل أخطاء الأفراد لكنه يدافع عن العضو ويسانده، وذكرت أن الطلاب نخبة مجتمع لذلك تفهموا موقفناوالتقارير الواردة الينا اشارت الى أن الطلاب احترموا موقفنا، ودعت لوضع ميثاق شرف لمحاربة العنف ونبذه. وعضد د. إبراهيم محمد أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا من رؤية سناء بقوله إن الطلاب بطبعهم مندفعون، وأنه لا يوجد حزب سياسي لا يشهد تصرفات فردية ولكن يجب ان تتم محاسبتهم كأفراد ولا يجرم الحزب برمته ، واضاف ان العضو نفسه عندما يقدم على مثل هذه التصرفات فإنه لا يقصد جر حزبه إلى مثل هذه المزالق، ووصف بيان الوطني بأنه جاء في وقته، واشار الى انه إتجاه جيد يجب أن تحذوه كل الأحزاب في مثل هذه المواقف. وكيفما كان الامر فإن مقتل معتصم ليس حادثة جديدة في الوسط الطلابي ولكن الجديد هو إعتراف حزب ما بأن الموقوفين هم من منسوبيه.. وقد يرفع الاعتراف من اسهم الوطني ويعلي من قيمة ايمانه بالعدالة والنظام او قد يأتي بنتائج عكسية فيعيد العلاقات مع بعض التنظيمات إلى المربع الأول بعد ان قطع شوطا طويلا في تقريب وجهات النظر