لم يعد سراً أن مليشيا التمرد السريع قد استشعرت الهزيمة النكراء علي المدي الطويل    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    تحرير الجزيرة (فك شفرة المليشيا!!)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان والتغير المناخي


الاستاذ سنهوري عيسى، المشرف على صفحة الاقتصاد ب (الرأي العام) الغراء. لقد قرأت مقالة بقلم م. محمد عبد القادر خليل حول الموضوع اعلاه في عدد الاربعاء الموافق 2 ديسمبر 2009م، وارجو ان يجد تعليقي هذا مساحة في صحيفتكم الغراء. مما لا شك فيه ان قمة كوبنهاجن مهمة للغاية، حيث ان تغير المناخ مشكلة عالمية وتستحق ان تستحوذ على اهتمام كل الدول في العالم بما في ذلك السودان. ولكن لا بد من استيعاب طبيعة المشكلة وابعادها العلمية والاجتماعية والاقتصادية وموقعها في خارطة المشاكل البيئية في السودان. ففي الفقرة الثانية من المقالة المشار إليها أكد الكاتب على أهمية مشكلتي الجفاف والتصحر في السودان. وهنا اصاب الكاتب، فالتصحر يعتبر باعتراف كل علماء البيئة بما في ذلك الدكتور سعد الدين ابراهيم - الامين العام للمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية - هو المشكلة البيئية الأولى في السودان، فقد ذكر ذلك في عدة منتديات وآخرها في المنتدى القومي للزراعة المطرية المستدامة في السودان الذي نظمه كرسي اليونسكو للتصحر في يومي 17 - 18 نوفمبر 2009م، ولكن اخطأ الكاتب عندما اوحى للقاريء بأن تغير المناخ هو السبب الرئيسي للتصحر، فهذا خلط بيِّن يسهم في عدم فهم التصحر ويعرقل مسيرة استراتيجية مكافحته، وظهر ذلك جلياً في بقية المقالة التي انطلقت في الفقرة الثانية من التصحر وانتهت بتغير المناخ. فالتصحر حسب التعريف الوارد في اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة التصحر: «هو تدهور الارض في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وتحت الرطبة الجافة لعدة اسباب بما في ذلك تباين المناخ وانشطة الانسان». فالتصحر هو تدهور الارض في الاراضي الجافة وتباين المناخ هو التباين السنوي لعناصر المناخ وهو سمة مميزة للاقاليم المناخية التي تقع في اطار التصحر. فالعمليات الاساسية التي تسبب التصحر تشمل تدهور الغطاء النباتي والتعرية الريحية والمائية وتملح وتصوديوم التربة واندماج التربة وتراكم المواد السامة في التربة. وكل هذه العمليات تؤدي الى تقلص الرقعة الزراعية وتخفيض خصوبة التربة ومن ثم تخفيض الانتاج الزراعي والغابي والرعوي والحيواني. هذا فضلاً عن مجمل التأثيرات الاقتصادية والصحية والاجتماعية وما يصحبها من تدهور نوعية الحياة عامة. ولذلك فقد اكد معهد دراسات التصحر واستزراع الصحراء، وكرسي اليونسكو لدراسة التصحر بجامعة الخرطوم دوما وفي كل المنتديات والمحاضرات العامة التي قدمناها ان التصحر هو المعوق الاساسي للتنمية الحيوية المستدامة. أما آلية تغير المناخ فهي انبعاث ما يسمى بغازات بيت الزجاج أو الغازات الدفيئة وأهمها ثاني أكسيد الكربون. والمؤشر الرئيسي لتغير المناخ هو التسخين العالمي (Global warming)، وتأثيره الرئيسي هو ذوبان الجبال الثلجية (Glaciers) وتمدد البحار والمحيطات وارتفاع مناسيبها وذوبان ارضية الجزر القائمة على طبقات التربة دائمة التجميد (Permafrost)، وكلها تؤدي الى تآكل تدريجي قد يؤدي في نهاية المطاف لاختفاء بعض الجزر مثل جزر «تفالو» و«المالديف» وسواحل البحار والمحيطات. وقد دلت الدراسات انه منذ بداية القرن العشرين ارتفعت درجة حرارة الارض ب (0.6) درجة مئوية. وبالطبع قد ترتفع أكثر بازدياد انبعاث الغازات الدفيئة وأهمها ثاني اكسيد الكربون. فالتأثير الرئيسي لتغير المناخ في الانتاج الزراعي لا بد ان يكون عن طريق ارتفاع درجة الحرارة وهذا لم يثبت في السودان، علماً بأن كل محصول له مدى حرارة امثل للنمو وليس درجة واحدة بعينها. أما فيما يختص بتأثير تغير المناخ على معدلات الامطار فقد تكون سلباً أو ايجاباً. علماً بأن التباين الموسمي في الاقاليم الجافة عالٍ جداً قد يتعدى ال (100%)، ولقد عجز علماء المناخ في العالم عن التنبؤ بمناخ ثلاثة ايام ناهيك عن سنة او عدة سنوات. وكلنا يعلم بأن الامطار قد تنزل في ام درمان ولا تنزل في الخرطوم وقد تنزل في المحطة الوسطى في بحرى ولا تنزل في الصافية. وقد ذكر درقني (Dregne) في كتابه عن التصحر: «إننا إذا قلنا ان التصحر ناتج عن الجفاف فإننا لن نستطيع التصدي، له ولكن اذا قلنا انه نتيجة لانشطة الانسان غير المستدامة فاننا سوف ننجح في مكافحته». ومع ان تدهور الغطاء النباتي (إزالة الغابات والرعي الجائر والقطع الجائر للاشجار) وهي احدى عمليات التصحر تسهم في انبعاث الغازات الدفيئة، إلاّ ان مساهمتها ضئيلة مقارنة باستخدام الفحم الاحفوري (Fossil fuel) في الدول الصناعية. أما من حيث مساهمة السودان في مشكلة تغير المناخ، نجد انه حسب تقديرات الامم المتحدة في العام 2004م فان الانبعاث السنوي لثاني أكسيد الكربون من العالم كله يساوي (27245758) ألف طن متري وانبعاثه السنوي من السودان يساوي (10372) ألف طن متري أي ما يعادل (0.04%) (اربعة من مائة في المائة) من الانبعاث العالمي، علماً بأن الانبعاث السنوي من الولايات المتحدة يساوي (22.2%) ومن الصين يساوي (18.4%)، ومن أوروبا (14.7%) وتدل هذه الاحصائيات على ان مساهمة السودان لا تذكر وان الدول الصناعية هي المسؤولة عن تغير المناخ وهي وحدها يمكن ان تحد منه. وان عملية زيادة الغطاء النباتي بالتشجير يسهم معنوياً في مكافحة التصحر ولكن لا يسهم معنوياً في وقف تغير المناخ. وفي منتصف الفقرة الثانية ذكر كاتب المقال «ان التصحر مشكلة عالمية وليس مشكلة دولة لوحدها لذلك فالسودان ليس مؤاخذاً ان فشل محلياً في الخروج منها». اقول لان التصحر مشكلة بيئية رئيسية في العالم، فقد افردت له الامم المتحدة اتفاقية قائمة بذاتها، ولم تدخل مكافحته في اطار اتفاقية تغير المناخ، لذلك يحق للكاتب القول بأنه مشكلة عالمية، ويتعدى الحدود الجغرافية ويتطلب التعاون والتنسيق على كل المستويات الاقليمية والعالمية، إلاّ ان هذه الاتفاقية وضعت آلية مفصلة لمكافحته محلياً في اطار برنامج عمل وطني لمكافحة التصحر ينفذ عبر مشاريع ولائية تهدف لتحقيق تنمية مستدامة على المستوى المحلي، ولا اظن الكاتب يعلم بأن وحدة تنسيق برامج مكافحة التصحر بوزارة الزراعة والغابات قد بلورت هذا البرنامج بالتعاون مع كل الاطراف ذات الصلة، فالتصحر مشكلة دولة لوحدها اذا اظهرت الدولة جدية في هذا الأمر فسوف تستقطب الدعم العالمي، واود ان أؤكد ان التصحر ومكافحته مسألة واضحة للعاملين في هذا المجال وفي اعتقادي للسودان مقدرة مالية كافية للبدء في مكافحة التحصر اذا اعيد ترتيب أوليات الصرف واخذت توصيات المختصين والعارفين بجدية، وفي السودان قدرات تخصصية وتدريبية. وذكر الكاتب «ان السودان لا يمتلك مركزاً متخصصاً في البحوث والدراسات البيئية وما يوجد هو فقط اجتهادات لغير المتخصصين». هذه الجملة خطأ جملة وتفصيلاً. وحقيقة لا ادري ان كان الكاتب يعلم ان جامعة الخرطوم قد انشأت معهداً للدراسات البيئية قبل ما يزيد عن ربع قرن خرج المئات من المتخصصين في مجالات البيئة المتعددة. وفي العام 1996م انشات معهداً لدراسات التصحر واستزراع الصحراء خرج عشرات المتخصصين في هذا المجال واتبعته بكرسي اليونسكو لدراسات التصحر. وهنا لا بد من ذكر معهد البيئة والموارد الطبيعية ومعهد ابحاث التصحر في المركز القومي للبحوث. الدور الآن على الدولة عامة ووزارة الزراعة والغابات والوزارات ذات الصلة خاصة لتستفيد من هذه الموارد البشرية المتخصصة للتصدي لمشكلة التصحر. وفي الختام اعجب لاهتمام الدولة عامة ووزارة الخارجية خاصة باتفاقية تغير المناخ وتجاهلها لاتفاقية التصحر، علماً بأن التصحر هو المشكلة البيئية الأولى في السودان باعتراف كل المتخصصين، وهي مشكلة ماثلة للعيان وتؤثر على حياة كل فرد في المجتمع السوداني بطريقة مباشرة وغير مباشرة. ومع ذلك كيف نفسر مشاركة السودان بوفد كبير في مؤتمر اطراف اتفاقية تغير المناخ في كوبنهاجن واستهانة السودان بمؤتمر اطراف اتفاقية التصحر الذي عقد في الارجنتين؟ علماً بأن التصحر مشكلتنا البيئية الأولى التي تحد من التنمية الحيوية المستدامة والتي يمكن التصدي لها ومكافحتها، وعلماً بأن السودان لا يمكن ان يحدث فرقاً معنوياً في الحد من انبعاث الغازات الدفيئة في العالم وبالتالي لا يستطيع المشاركة معنوياً في تغير المناخ، إلاّ اذا كان الغرض من المشاركة الحصول على تعويض من الدول الصناعية الكبرى التي تسببت في تغير المناخ والمستعدة لتعويض الدول الفقيرة المتضررة على ان تواصل تلويثها للعالم بمزيد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ? مدير كرسي اليونسكو لدراسات التصحر

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.