بكل المقاييس تعتبر هذه السنة 2010م عام الانتخابات والقضايا المهمة والساخنة في القارة الأفريقية ولا شك أن الكثير من هذه القضايا المهمة بما في ذلك الانتخابات والقرصنة والإسلام السياسي ستحتل صفحات كبريات الصحف العالمية والفضائيات المحلية والأقليمية والدولية. وفقاً للمهتمين فإن الانتخابات السودانية المزمع اجراؤها في شهر ابريل القادم لن تكون القضية الوحيدة في القارة التي تحظى بإهتمام الوسائط الاعلامية الدولية في هذه السنة. بل من المتوقع أن تجري 10 -11 دولة افريقية انتخابات رئاسية وتشريعية في هذا العام كلها في غاية الأهمية. وهذه الدول هي: توغو, وكوتديفوار (ساحل العاج) ومدغشقر ورواندا وتشاد وافريقيا الوسطي, والكاميرون وغينيا كوناكري وانغولا وبوركينافاسو. ففي توغو سوف يتوجه الناخبون الى صناديق الاقتراع في 28 من شهر فبراير لاقتراع من يمثلهم في منصب رئاسة الجمهورية والمرشح الأوفر حظاً لإكتساح هذه الإنتخابات هو الرئيس فوري غناسيغبي المنتهية ولايته ونجل الرئيس الراحل غناسيغبي اياديما. و تعتبر هذه الإنتخابات للرئيس فوري غناسيغبي فرصة واختباراً حقيقياً يؤكد مدى قدراته التمثيلية في الاستمرار في السلطة. كما يود الرئيس فوري أن يثبت لمواطنيه أنه يختلف عن والده الراحل الذي حكم البلاد بيد من حديد على مدار عقود من الزمان. وقد انتخب فوري غناسيغيبي اياديما للمرة الأولى في ابريل عام 2005 م. بعد وفاة غناسيغيبي مباشرة . وفي بوركينا فاسو، من حيث المبدأ يتوفع اجراء انتخابات الرئاسية في 10 من شهر نوفمبر القادم، ونظرا لقوة الرئيس بليز كومباوري وحنكته السياسية ومحدودية قوة المعارضة , و حتى لو اختاروا مرشحاً واحداً، فان الرئيس كومباوري من المتوقع ان يفوز بولاية رئاسية أخرى مدتها خمس سنوات. والرئيس كومباوري ظل يحكم البلاد منذ العام 1987م. في آخر انتخابات أجريت في 13 نوفمبر عام 2005 م فاز الر ئيس بليز كومباوري بنسبة (80.30 % ) من جملة اصوات الناخبين، تلتها المرشح لي بينيوندي س. سنكارا بنسبة (4.94 %) ، ثم لوران بادو بنسبة (2.61 %). وفي كوت ديفوار، بعد تأجيلات دائمة ومتكررة فقد أعلنت المفوضية القومية لانتخابات في هذا البلاد اجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في نهاية فبراير القادم ، وكان من المتوقع أن تجري انتخابات رئاسية في البلاد في 29 من شهر نوفمبر الماضي غير أن القائمين على الأمر لم يفلحوا في اجرائها. ومنذ نهاية ولاية الرئيس لوران جباجبو سنة 2005م .لم تتمكن سلطات هذا البلد من تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية . ومازالت البلاد_ حتى لحظة كتابة هذا المقال _ موزعة بين الحكومة المركزية والمتمردين في شمال البلاد منذ محاولة انقلاب فاشلة شهدتها البلاد عام 2002م. وفي غينيا كوناكري، من المفروض أن تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية في بداية هذا العام الجديد، غير أن الأزمة السياسية التي عرفتها البلاد في 28 من شهر سبتمبر الماضي ، ومحاولة اغتيال الرئيس كمارا في 3 ديسمبر فقد اثرت تداعيات هاتين الحادثتين على العملية السياسية في البلاد- وحتى لحظة كتابة هذا المقال- لم يحدد تاريخ حقيقي لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وفقا للمهتمين فان البلاد في هذا العام 2010 م ملغومة بالمخاطر والمفاجآت. وفي شرق القارة يتوقع أن تجري الانتخابات الرئاسية في كل من: جمهورية أفريقيا الوسطى، وربما أيضا في الكاميرون ، وتشاد ورواندا. ففي الكاميرون تزايدت الدعوات من حزب الرئيس بول بيا الحركة الشعبية الديمقراطية الكاميروني(CPDM)، لترشيح الرئيس بيا للفترة الرئاسية الرابعة على التوالي. وفي تشاد : وفقا للجدول الزمني الانتخابي الذي قدمته اللجنة الانتخابية المستقلة يتوقع ان تجري في هذا العام انتخابات رئاسية. وفي جمهورية افريقيا الوسطى يتوقع أن يتوجه الناخبون الى صناديق الاقتراع في 18 ابريل لانتخاب رئيسهم المقبل من بين المرشحين رئيس الدولة فرانسوا بوزيزي في السباق كمرشح مستقل ورئيس الوزراء السابق مارتن زغويلي ، وفقا لبعض المراقبين ، فان هذه العملية السياسية سوف تخلق مناخاً سياسياً دقيقاً لتحقيق الاستقرار في البلاد الذي تحتاج إليه بشدة. وتعقد هذه الانتخابات في حين أن حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى ما زالت تواجه في بعض مناطق من البلاد ، ولا سيما في الشمال، أعمال العنف من قبل جماعات المتمردين التي ترفض الانضمام الى عملية المصالحة الوطنية ، هذا الوضع يتفاقم بفعل وجود جزء من مقاتلي جيش جوزيف كوني زعيم المتمردين في أوغندا (جيش الرب للمقاومة). وفي اثيوبيا يتوقع اجراء الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية في 28 يونيو والتشريعية في 23 يوليو. وفي مدغشقر يتوقع اجراء انتخابات تشريعية في ال ( 20) من شهر مارس ورئاسية خلال شهر اكتوبر. وفي رواندا في ال ( 20) من شهر أغسطس. بينما يتوقع تأجيل اجراء انتخابات الرئاسية في انغولا لعام2012م . والقضايا الملحة التي سنشهدها خلال العام الجاري هي عمليات القرصنة فقد شكّل عام 2009 م عاماً بارزاً للقرصنة بمحاذاة الساحل الصومالي، ومن المتوقع أن يواصل الصوماليون في عام 2010م عمليات القرصنة في المحيط الهندي، لكن من المرجح أيضاً أن تشهد هذه العمليات أيضاً في مياه المحيط الأطلسي بمحاذاة الساحل النيجيري. تشهد عمليات القرصنة في نيجيريا منذ سنوات عدة، لكن يصعب التكهّن بمدى حجم هذه الزيادة فعلياً. عدد هجمات القرصنة في نيجيريا يفوق ذلك المبلغ عنه بكثير في منطقة القرن الأفريقي، ونظراً إلى استمرار الاضطرابات في دلتا النيجر، ستحول شركات النفط العالمية أنظارها أكثر فأكثر عن نيجيريا بسبب مياهها الساحلية غير الآمنة، لذلك لن تغض الولاياتالمتحدة الطرف عن انعدام الاستقرار المتزايد في أكثر البلدان اكتظاظاً في إفريقيا، وبالتالي ستساعد القيادة الأمريكية في إفريقيا الناشئة حديثاً في مراقبة المياه النيجيرية. وفي السياق تجدر الإشارة الى أن القضية المهمة التي ستشهدها القارة خلال هذا العام هي بطولة كأس العالم وبعد ظهور مخاوف كثيرة بشأن قدرة جنوب إفريقيا على استكمال بناء الملعب الضروري لاستضافة الدوري الرياضي الأضخم والأكثر شهرةً،فان جنوب إفريقيا ستحتضن في يونيو القادم بطولة كأس العالم لكرة القدم وستعرض شاشات التلفزة في أنحاء العالم كافة أحداث بلد يتوق إلى الظهور بشكل ناجح، وهكذا يأمل أفارقة كثر بأن يحسّن هذا البث صورة القارة بأسرها أمام أعين العالم، ويجري تساؤل اليوم عمّا إذا كان هذا الحدث سيغيّر نظرة شعوب العالم تجاه القارة الإفريقية نحو الأفضل.حيث أن غالبية الأخبار التي تغطيها الوسائط الاعلامية الخارجية عن إفريقيا عادةً تركز على الأزمات بينما الأنباء الإيجابية في إفريقيا لا يلاحظها أحد. فهل تتكرر نفس التجربة لأحداث 2010 م المقبلة؟؟!. * كاتب غيني