الحوار الطلابى داخل الجامعات منذ أمد غير قصير اتّخذ وضعاً هندسيّاً استثنائيّاًً: الرُكن... وأُطْلق على ذلك اسما مثيراً: أركان نقاش... بدأ الرُكن النقاشى لقاءاً عفويّاً بين التابعين لتنظيم طلابى وبعض الحضور من جمهور الطلاب... يطرح التنظيم أفكاره ومواقفه ويناقشه فيها الطلاب... ثمّ تطوّر فأصبح نقاشاً بين التنظيمات مع بعضها... يسخر تنظيم من تنظيم فيبادله التنظيم الآخر السخرية بسخرية أكبر... و يشاهد ويسمع الطلاب فاصلا متواصلاً من التحرّش السياسى... ولذلك تحوّلت أركان النقاش إلى أركان حرب! ركن النقاش هو صاحب الملكيّة (الفكريّة) للعنف الطلابى... انتاج الأسلحة الطلابيّة, والعنف اللفظى واستعمال الأسلحة الحادة والحجارة المدبّبة والمسنّنة تصنعها أركان النقاش! بإستثناء الأحزاب القديمة التقليديّة كانت معظم التنظيمات الطلابيّة هى المكوّنة للأحزاب والقوى السياسيّة قبل أن تصبح تنظيمات شارعيّة... الإتجاه الاسلامى الطلابى هو صاحب الامتياز فى تشكيل جبهة الميثاق الاسلامى والجبهات الاسلاميّة... مثلما كانت التيّارات العروبيّة والقوميّة تكوينات طلابيّة فى بدايتها... والحزب الشيوعى السودانى ابتدر نداءاته ونضالاته لنُصرة الطبقة العاملة من الجامعة ومن تنظيم الجبهة الديمقراطيّة الطلابى! مهّدت التنظيمات الطلابيّة لأحزاب القوى الحديثة... لكن اليوم صارت أحزاب الشارع هى التى تحرّك تنظيمات الطلاب... تنقل أحزاب الشارع خصوماتها ومواجهاتها إلى الساحة الطلابيّة فى الجامعات... فصارت تنظيمات الطلاب تابعة للأحزاب بعد أن كانت رائدة لها... تنتقل خلافات الشارع والمفاوضات ومعارك الميدان إلى أركان النقاش فى الجامعات... حتى الحركات المسلّحة صار لها أفرع فى تنظيمات الجامعة... لذلك صارت ساحة الجامعة فرعا من ميدان القتال... وأركان النقاش نالت رتبة أركان حرب! والحل الممكن هو أن تعود الجامعة كما كانت... هى صانعة البيئة السياسيّة... أن تنتج الجامعة تياراتها وتنظيماتها... وأن يعود الفكر للجامعة ليقدّم له الطلاب صوت لوم لإنقطاعه عنهم زمناً! يعود الحوار الطلابى إلى قنواته الشرعيّة بأن ينسحب الحوار الطلابى من أركان النقاش ليعود إلى القاعات والمنابر الطلابيّة... فالمنبر لا يسعه رُكن... وبدون ذلك ستكون الجامعات هى مركز إنتاج الحركات المسلّحة... ستخرج الحركات المسلّحة من الجامعة ثمّ تسير بنا فى طريق الجامعة!!