توج الرئيس الصيني (هوجينتاو) زيارته التاريخية للسودان في فبراير من العام الماضي بالتوقيع على (7) اتفاقيات تعاون بين البلدين في مختلف مجالات التعاون الاقتصادي والفني، شملت اتفاقية العون الإنساني لدارفور، وهي منحة من الحكومة الصينية تبلغ (40) مليون يوان أي ما يعادل (4.8) ملايين دولار. .ووقع الجانبان على اتفاقية قرض بدون فوائد لتنفيذ مشروع القصر الرئاسي الجديد في حدود ال (100) مليون يوان، واتفاقية قرض ب (90) مليون يوان من القروض القديمة المقدمة من الصين إلى حكومة السودان، وبروتوكول إعفاء جزء من مديونية السودان المستحقة للصين حتى العام 2005 البالغة حوالى (470) مليون يوان بالاضافة إلى (19) مليون دولار وتقدر جميعها في مجملها بنحو (70) مليون دولار، واتفاقية التعريفة الصفرية وهي اتفاقية تفضيلية لعدد (44) سلعة مصدرة من السودان إلى الصين. كما وقع البلدان اتفاقية لتنفيذ مشروع مدرستين في مناطق الريف السوداني سيتم تحديدهما لاحقاً، بالاضافة إلى اتفاقية لتجديد الأثاثات بقاعة الصداقة واتفاقية أخرى لإنشاء مركز للتقنية الزراعية. الملف الزراعي ولكن تلاحظ ان الصين حركت ملف الزراعة في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع السودان إبان زيارة الرئيس الصينى للسودان. حيث وقع وزير الزراعة والغابات مع السفير الصيني بالسودان الاسبوع الماضى اتفاقاً على انشاء المركز الصيني لنقل التقانة والارشاد بالسودان بمنطقة (الفاو) بتمويل صيني يبلغ (4.5)ملايين دولار، ويكتمل تنفيذه خلال (18) شهراً من تاريخ توقيع الاتفاق، على ان تقوم الصين بتنفيذ المركز وتشغيله لمدة (3) سنوات تؤول بعدها ادارة وتشغيل المركز الى السودان على ان يقوم المركز بتدريب السودانيين والكوادر الزراعية من الدول الافريقية الاخرى . ومن المقرر ان يشمل المركز كل التقانات الزراعية من انتاج للمحاصيل والاعلاف، والانتاج الحيوانى والتصنيع الغذائي والتنمية الريفية بالبلاد. هذا التحول في التوجه الصينى نحو السودان من قطاع النفط الى قطاع الزراعة بعد نجاح استثماراتها النفطية التي حققت من خلالها اهدافاً عديدة اهمها تأمين امداد دائم من النفط، طرح عدة اسئلة حائرة تبحث عن اجابة من بينها الدوافع الحقيقية وراء هذا التحول في العلاقات، والاستثمار في الزراعة ماذا يعنى للصين والسودان، وهل سيكون توفير تكنولوجيا صينية بديلا للتكنولوجيا الغربية، وما الذى سيستفيده السودان من هذا التحول في علاقاته مع الصين لتطوير الزراعة وغيرها من الاسئلة. آراء الخبراء يرى كثير من الخبراء والمهتمين بالعلاقات السودانية الصينية ان هذا التحول في التوجهات الصينية تجاه السودان ايجابى، وسيسهم في تطوير قطاع الزراعة بالسودان ويوفر تكنولوجيا بديلة تمكنه من تفادي الحظر الاقتصادي، وتدريب الكوادر السودانية، وطرح نموذج جديد يغير من سلوك السودانيين في العمل بالاستفادة من التجربة الصينية بينما بالمقابل ستستفيد الصين من استثماراتها في المجال الزراعى بالسودان في تأمين الغذاء لنحو ملياري شخص، وتوفير مدخلات الانتاج للصناعات السودانية وخلق فرص عمل بجانب تأمين احتياجات الصين من الاعلاف والزيوت خاصة زيت الكانولا الذى تستورده الصين سنويا بما قيمته نحو ملياري دولار والذى اثبتت الدراسات نجاح زراعة مادته الخام في السودان بالولاية الشمالية، حيث تمت تفاهمات في هذا الصدد في عهد وزير الزراعة الراحل د.مجذوب الخليفة الذى اصدر قراراً بتكوين لجنة لدراسة زراعة بذرة زيت الكانولا بالولاية الشمالية تمهيداً للتصديق على انشاء المشروع الذي تقدمت به شركة اماراتية - سودانية تشاركها في تنفيذه شركة صينية تابعة لوزارة الزراعة الصينية ولكن لم ير المشروع النور. ويؤكد سرالختم عبيد رجل الاعمال السودانى المعروف الذي يمثل الطرف السوداني في المشروع وفي الشركة السودانية الاماراتية، ان شركتهم _ الشركة العالمية للاستثمار _ تقدمت بالدراسة بالتعاون مع الجانب الصيني للاستثمار في المجال الزراعي بالسودان لزراعة فول الصويا وبذرة زيت الكانولا بالولاية الشمالية في الموسم الشتوي لتأمين احتياجات الصين من الزيوت والاعلاف والانتاج الحيواني وتوفير فول الصويا الذي يدخل في صناعات عديدة. ولكن توقف المشروع نتيجة لظروف اقتصادية وتباطؤ الجانب الاماراتي في مجال التنفيذ رغم تكوين وزير الزراعة للجنة لدراسته وتأكيد دعمه للمشروع الذي تم تقديمه في فبراير من العام 2002. واعتبر سرالختم دخول الصين للاستثمار في المجال الزراعي بالسودان بأنه ايجابي وسيسهم في تحقيق اهداف مشتركة تشمل نقل التقانات الصينية واقامة مشروعات مشتركة مع القطاع الخاص السوداني واعادة احياء فكرة انشاء مشروع زيت الكانولا بالشمالية، وتدريب الكوادر السودانية بجانب توفير احتياجات الصين من الغذاء وتوفير فرص العمل والمواد الخام للصناعات الصينية. واعتبر بروفيسور علي عبدالله على الخبير في العلاقات السودانية الصينة دخول الصين مجال الاستثمار في القطاع الزراعي بالسودان بعد النفط بأنه تحول ايجابي ينبغي دعمه من كلا البلدين لتحقيق اهداف مشتركة تتمثل في نقل التقانة الصينية الى السودان وتدريب الكوادر وتأمين احتياجات الصين للغذاء لأكثر من ملياري نسمة. واضاف بروفيسور علي ل (الرأي العام) في هذا الاستثمار اشارة خفية وذكية من الصين الى السودان بأن لديكم (نفطاً حقيقياً) لا ينضب وهو _الزراعة_ وعليكم الاهتمام بالاستثمار في الزراعة كما ان شروع الصين في انشاء مركز للتقانة الزراعية يؤكد رغبتها في الاستثمار في النفط الذى لاينضب بالسودان وفق اسس علمية تقوم على تطوير المحاصيل وزراعة المحصولات التي تؤمن احتياجاتها من المواد الخام للصناعات بجانب تدريب الكوادر وتأمين الغذاء. ودعا بروفيسور على الى النظرة بايجابية الى التحول في التوجه الصيني تجاه السودان ودعم هذا التوجه في المجال الزراعي. ويعضدّ د. محمد سر الختم الخبير الاقتصادي المعروف وجة نظر بروفيسور علي عبدالله في ضرورة دعم هذا التوجه وتركيز الدولة على تشجيع الاستثمار الصيني في المجال الزراعي بالسودان للإستفادة من التقانات الزراعية الصينية وتوفير بدائل للتكنولوجيا الغربية وتجاوز حالة الحصار والحظر، وتدريب الكوادر السودانية وتغيير سلوك المزارعين ليصبحوا اكثر انتاجاً بفضل الاستفادة من التجربة الصينية، بجانب ان دخول الصين الى مجال الزراعة يؤكد رغبتها في تحقيق شراكة استراتيجية مع السودان خاصة وانها لجأت لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع السودان خلال زيارة الرئيس الصيني الاخيرة للبلاد بقطاع الزراعة، اعتبر هذه البداية بأنها ايجابية ولكنها جاءت على استحياء خاصة وان الصين منذ تسعينات القرن الماضى ابدت رغبتها للاستثمار في المجال الزراعى بالسودان،ولكن وجدت صعوبات وتباطؤاً من الجانب السودانى واردف: (الفرصة الآن مواتية لتشجيع الاستثمارات الصينية والاستفادة من السوق الصينى لتسويق المنتجات الزراعية السودانية خاصة وان الصين تستورد ما قيمته (7) مليارات دولار من الحبوب الزيتية بجانب الاستفادة من التقانة الصينية من آليات زراعية وخلافه في النهوض بالزراعة بالسودان).وفي سياق متصل اكد المهندس عبد الرحيم علي حمد وزير الدولة بوزارة الزراعة والغابات ان انشاء المركز نقل التقانة يأتي تعزيزا لعلاقات التعاون بين السودان والصين وسيسهم في رفع قدرات المزارعين بتدريبهم على نقل التقانة الصينية بعد مواءمتها على مناخ السودان. واكد الوزير ل (الرأي العام) ان زيادة الوفد الصيني للسودان تم خلالها تحديد موقع انشاء المركز بمنطقة (الفاو) والبدء في تنفيذه لتسريع خطى الاستفادة من التقانات الصينية بالبلاد.الى ذلك كشف السفير الصيني بالخرطوم لوشينغ ون عن خطوات كبيرة في مجال التعاون الزراعى بين الصين وافريقيا منها انشاء (18) مركزا في مجال التنمية الزراعية مع تخصيص مركز بالسودان. واشار السفير في منتدى صحيفة (الرأي العام) الذى عقد أخيراً بعنوان (العلاقات السودانية الصينية الحاضر وآفاق المستقبل) الى ان هنالك دراسة جدية في الصين من اجل تنمية الزراعة في السودان الى جانب تنشيط التبادل الثقافي بين البلدين.