خاض رجل الاعمال اللامع معارك ثلاثة امتصت منه زهرة عمره ورحيقها... وخسر الرجل معارك الثلاث بالمعايير الدقيقة للربح والخسارة! فى بداية الاسبوع الجارى تحوّلت الأصول الثابتة والمتحرّكة لمحلات (هارودز) اللندنيّة وعلاماتها التجاريّة بين غمضة يورو وإنتباهة استرلينى من رجل الأعمال محمّد الفايد إلى شركة قطر القابضة... وبهذه الصفقة صار الفايد أوّل رجل أعمال يتقاعد طوعاً وهو على قيد الحياة، فرجل الأعمال إذا رأى بعينيه عزرائيل مُقْبِلاً عليه لن يتردد فى غرس شيك مالى فى سوق العمل! حينما بدأ محمد الفايد رحلة عصاميّته واستقرت به طائرات الهجرة فى انجلترا وتسكّع فى شوارع لندن كان يشاهد محلات (هارودز) وهى تشمخ فى نايتسبريدج فيسرح بخياله بأنّه هو مالك (هارودز)... ولأنّ المسافة بين الخيال والواقع عند أمثال محمد الفايد تُقاس بالكيلومترات فقد تمكّن بعد زمن من اقتناء مخازن (هارودز) بمبانيها ومعانيها... وامتزج اسم (هارودز) باسم الفايد... وبلغ عدد زوار (هارودز) خمسة عشر مليونا سنويّاً... وباع بالتجزئة من اليخت إلى ساندويتش الكافيار على نظام (الديليفرى) من لندن إلى ضاحية بيفرلى هيلز بهوليود الامريكيّة! معارك رجل الأعمال الفايد كانت معارك مركزيّة ومعارك جانبيّة... كانت أهم معاركه المركزيّة هى سعى لا يهدأ للحصول على الجنسيّة البريطانيّة والتى برغم ملياراته الاسترلينيّة لم يحزها مع إنّ آلاف المهاجرين العاطلين حازوها عبر بوّابة اللجوء... خَسِرَ معاركه المركزيّة لإستغراقه فى معاركه الجانبيّة مع بعض خصومه البريطانيين المتنفّذين! أهم معاركه الجانبيّة كانت محاولته (للإستثمار) فى وفاة ابنه عماد والأميرة ديانا فى نفق باريسى ليثبت بها أنّه لولا هذا الموت المُدبّر لكان هو وابنه من الأسرة المالكة ومن ساكنى قصر بيكنجهام... بلغت معاركه الجانبيّة درجة مصارعته للأسرة الحاكمة والمَلَكِيّة الدستوريّة فى عُقر دارها! خَسِرَ رجل الأعمال الفايد معاركه المركزيّة والجانبيّة... معركة الجنسيّة البريطانيّة ومعركة ابنه (دودى) ومعركة أن يعيش فى (هارودز) أبدا... ولم يبق له الآن غير أرباحه الملياريّة من الصفقة وهرمٍ زجاجى فاخر سيُدفن فيه بعد موته ويوضع فوق سطح محلات (هارودز)!!