عدد من الأعمال الشعرية تحوّلت الى أعمال غنائية دون اذن من الشاعر.. ليس لأنّ سطواً ليلياً حدث على الديوان.. و لكن لأنّ الزمان لم يكن هو ذات الزمان! مثير جدا أن يكتب الشاعر قصيدة فى زمن ليغنّيها زمن آخر.. و لا يقل اثارة عن ذلك قصيدة كتبها صاحبها فتنتقل من ديوان الشعر الى ديوان الفنانين ... أو تتسّرب من نوتة الشعر الى النوتة الموسيقية! فى الغناء السودانى كثير من هذه الحالات.. فمن القديم الذى غنّاه الزمن القادم ما فعله الاستاذ عبد الكريم الكابلى فقد غنّى لابى فراس الحمدانى و كأنّ اتحاد الفنانين له فرع بسوق عكاظ.. وفعلها ثانية حين (أمطرت لؤلؤا) بموشّحات الأمويين.. وفعلها ثالثة حين قدّم (شذى زهر) من كلمات عباس العقّاد الشعرية التى سبقت وفاته بعام حين قدّمها الكابلى.. فكانت أعظم رابط فى الدبلوماسية الشعبية بين السودان واسوان! فنانان كبيران قاما بزيارة ديوان اشراقة للتجانى يوسف بشير فأحالا كلمات صامتة الى كلمات منغّمة.. ونسأل كيف استطاع سيّد خليفة دخول عالم الجن من أجل طرير الشباب.. وفعلها عثمان حسين دون أن نعرف الأدوات التى استخدمها لسباكة أنت يا نيل يا سليل الفراديس نبيل موفّق فى انسيابك!؟ عميد الفنانين الأسبق المرحوم أحمد المصطفى حين غنّى وطن النجوم وجد فيها كل أبناء السودان والزمان نفسه.. وبعد أن بكى عليها كل مسافر من السودان ظهر أنّها قصيدة مهجرية للشاعر المهجرى ايليا ابو ماضى.. وقد فعلتها قبله حقيبة الفن حينما اكتشفت عروس الروض لالياس فرحات ثمّ قام بصقلها من المادة المهجرية للمادة السودانية عبد العزيز داوود! وشىء من ذلك ما فعله حمد الريح وعبد العزيز المبارك حين غنّيا نسختى (الصباح الجديد) لأبى القاسم الشابى.. وعبد الدافع عثمان مع على باكثير فى قصيدة البحيرة.. وزيدان ابراهيم مع الشاعر الطبيب ابراهيم ناجى شاعر الأطلال حين غنّى ابن حى العباسية لابن مدينة المنصورة قف تأمل! للمهتمين فقط بقانون الملكية الفكرية: ليست هنالك حقوق مجاورة يدفعها الزمن القادم الى الزمن القديم!!