لم أصل بعد الى ملاحظات وهوامش حول التشكيل الوزاري الاخير يونيو 2010م وهو تشكيل لافت ومهم مهما اختلفت الآراء حول معايير الاختيار لجهاز تنفيذي يواجه أخطر موقف في تاريخ السودان الحديث يتمثل في الاستفتاء وتقرير المصير للجنوب. وقصدت ومن الذاكرة الاشارة الى معايير واختيار وزراء أول حكومة وطنية برئاسة الزعيم اسماعيل الازهري (1954 -1956) وتتكون من (12) وزيراً واستندت الى معايير الوطنية والنزاهة والكفاءة والاقدمية في السجل الوطني او النضال الوطني ولم تعرف آنذاك معايير الجهوية والقبلية والعنصرية الخ... ولم يكن وزراء تلك الفترة في الخمسينيات والستينيات في حاجة الى شروط من نوع «ابراء الذمة» وتوفير المعلومات للجهات المختصة حول الوضع المالي لمن يحمل الحقيبة الوزارية، كانت النزاهة والتضحية والتجرد هي السمات السائدة لمن يشغلون مناصب دستورية او تنفيذية او نيابية، وتفيد الاشارة الى واقعة رئيس الوزراء ووزير الخارجية السيد محمد أحمد محجوب (1965 - 1969) إذ طلب منه الاطباء أخذ اجازة وراحة والسفر للخارج، فطلب تصديقاً من بنك السودان (البنك المركزي) للتصديق له بمبلغ (300) جنيه استرليني وتمت الموافقة له فسارع نائب برلماني بتقديم مسألة مستعجلة الى الجمعية التأسيسية يطلب فيها استجواب رئيس الوزراء حول تحويل مبلغ (300) جنيه من الخزينة العامة، وعندما ابلغ رئيس الوزراء بهذا الطلب، قيل إنه تسبب في سقوطه من مكتبه بمجلس الوزراء، وأراد مقدم الطلب سحب المسألة العاجلة، ولكن رئيس الوزراء طلب الاستمرار في اجراءات تقديم الاستجواب وكلف وزير التجارة والتموين بالرد طبقاً للوثائق والمستندات التي أظهرت ان رئيس الوزراء طلب التصديق كأي مواطن عادي بالتمويل بمبلغ ال (300) جنيه استرليني من البنك المركزي وأن توفير مبلغ التمويل المالي جاء من مكتبه الخاص بالمحاماة بالخرطوم الذي كان يديره في غيابه القانوني دفع الله الحاج يوسف فيما بعد أصبح رئيس القضاء ووزير التعليم أي أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية لم يستخدم منصبه ولا موقعه ولا حتى راتبه في التمويل للسفر للخارج والذي الزمه به الاطباء، وكان يمكن اللجوء لوزارة الصحة ولوزارة المالية لتوفير الاعتمادات الخاصة بعلاج رئيس الوزراء.. ولا تزال حيثيات المسألة المستعجلة حول هذا المبلغ متاحة في مضابط الجمعية التأسيسية فترة (1967 - 1969) . وأول مرة يفاجأ فيه السودانيون بوزراء لا يعرفون اسماءهم ولا خلفياتهم حدث بعد الانقلاب العسكري بقيادة الفريق ابراهيم عبود في نوفمبر( 1958م- 1964م) لقد كانت حكومة عسكرية بحتة برئاسته الى جانب وزارة الدفاع. واللواء أحمد عبد الوهاب لوزارة الداخلية، واللواء طلعت فريد للاستعلامات والعمل، وقد كان وحده الاسم المعروف جماهيرياً لارتباطه بالرياضة وكرة القدم، واللواء أحمد عبد الله حامد للزراعة والري والاميرالاي حسن بشير وزير الدولة، والاميرلاي مقبول الأمين وزيراً للتجارة والصناعة والتعدين.. اما المدنيون الاربعة فقد كان أشهرهم وابرزهم السيد أحمد خير صاحب مبادرة فكرة مؤتمر الخريجين الذي عين وزيراً للخارجية، وعبد الماجد أحمد وهو موظف سابق بوزارة المالية عُين وزيراً للمالية، وزيادة ارباب وزيراً للمعارف والعدل وهو في الاصل قانوني وعضو في حزب الأمة وصديق لرئيس الوزراء السابق السيد عبد الله خليل.. والسيد ساتينو دينق وزيراً للثروة الحيوانية، وقد كان قبلها وزيراً في أول حكومة وطنية برئاسة اسماعيل الازهري ثم في حكومة السيد عبدالله خليل (1956 -1958).. وكان الوزير الأكثر قبولاً في التشكيلة العسكرية المدنية الوزارية هو الدكتور أحمد علي الذي عين وزيراً للصحة، حيث شهد له بمبادرات انسانية في مجال الطب والعلاج والتواصل الاجتماعي. هذه اشارات مقصودة للوزراء الجدد وللقدامى. كم يبلغ عدد التشكيلات الوزارية وعدد الوزراء منذ العام 1954م الى العام 2010م؟