رفضت الحكومة بشدة اعلان واشنطن عن حوافز مقابل اكمال الاستفتاء، وقالت إنها لن تنتظرها لإجراء الاستحقاق في موعده أو القبول بنتائجه، ووصفت الحديث عن الحوافز بأنه (جري وراء السراب). واستبعد علي محمود وزير المالية والاقتصاد الوطنى وفاء أمريكا بتعهداتها التي قطعتها عبر سكوت غرايشون مبعوثها للسودان من إعفاء للديون أو رفع الحظر الاقتصادي عن السودان ودعم مسيرة التنمية في حَال بقاء السودان مُوحداً أو أصبح دولتين. وأكّدَ الوزير فِي حوار مع «الرأي العام» - يُنشر لاحقاً - أنّه بحث مع المبعوث الأمريكي مترتبات ما بعد الاستفتاء ولم يجد منه إلاّ الوعود التي استبعد الوفاء بها على غرار التي أعقبت اتفاقيتي سلام نيفاشا وأبوجا، وأضاف أن الحكومة لا تنتظر أمريكا لتمنحها حوافز، وقال: نتخذ قرارنا بمفردنا وندافع عنه من بعد في وجود حوافز أو عدمها، وأردف: «يجب عدم الجري وراء السراب». وفي السياق قال د. غازي صلاح الدين مُستشار رئيس الجمهورية، إنّ هذا الأسلوب من واشنطن غير مقبول، وتابع: (نحن لسنا بصدد تَلقي صدقات من أحد وما هو حَقٌ لنا ينبغي أن نأخذه وما هو حقٌ للآخرين ينبغي أن يأخذوه)، وأضاف: (إذا كانت هناك خُطة بناءة لإصحاح العلاقة بين البلدين وإسْهام أمريكا الإيجابية لحل قضية دارفور سننظر فيها، أمّا أن تُعرض المسائل بأنها مسببات أو مداخل لتوقيع عقوبات أو إعطاء حوافز كما يقال فهذا غير مقبولٍ). وقال د. مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية، إنّ تصريحات الخارجية الأمريكية الأخيرة هي بمثابة تشجيع على انفصال الجنوب والعمل على تهيئة المجتمع بقيام دولة جديدة في الجنوب مما يمثل دعوة صريحة لتمسك الانفصاليين بهذه التصريحات التي وصفها بالزائفة، وزاد: إن إدارة أوباما لم تقدم ايّة خطوات ملموسة تجاه السودان مما يؤكد سيطرة اليمين الامريكي المتشدد على إداراته. وأكّدت الحكومة طبقاً لمصدر حكومي رفيع أنّ قيام الاستفتاء إلتزام أخلاقي وقانوني، الحكومة ماضية في تنفيذه، وأنّ حتمية قيامه لا تخضع لجزرة أو عصا الولاياتالمتحدة، وممارستها السّياسيّة الترغيب والترهيب، واعتبر المصدر في حَديثه ل «الرأي العام»، ربط واشنطن لتطبيع علاقاتها بعد قيام الاستفتاء وضعاً غير سليم، وقال: على واشنطن أن تشرع أولاً في تطبيع العلاقات حتى تُساعد في خلق أجواءٍ صحية وعلاقات حسنة تدفع بوتيرة التفاهم بين الشريكين لدفعهما لإنهاء ما تبقى من بنود الاتفاقية وقيام الاستفتاء في موعده، وأشار إلى أن أبجديات العمل الدبلوماسي بين الدول هو العمل على تطبيع العلاقات فيما بينها، ثُمّ الشروع في حل القضايا الخلافية بينها، واستبعد المصدر أن تفي واشنطن بوعودها حتى وإن قام الاستفتاء في موعده، وقال إنّ الولاياتالمتحدة سبق وأن أعطت وعوداً مماثلة إبان التوقيع على إتفاق نيفاشا ولم تفِ حتى الآن بأيٍّ منها، مُضيفاً بأنّ التجرية أثبتت عدم إلتزام واشنطن بالوعود، وشدّد المصدر تأكيداته بأن الاستفتاء قائم في موعده باعتباره التزاماً دستورياً وأخلاقياً، وأن الحكومة مُلتزمة بالقبول بنتائجه.