ظهيرة أمس، وعند مَدخل القاعة بادية الفخامة والجمال بمقر وزارة تنمية الموارد البشرية، بدا رجال المراسم بالوزارة في شئٍ من الراحة، فقد كان الوزير كمال عبد اللطيف يقف بنفسه لاستقبال رؤساء تحرير الصحف وكُتّاب الأعمدة وممثلي الأجهزة الإعلامية ممن توافدوا وقتها لحضور اللقاء التفاكري الثاني، بعد أن جاءوا إلى الأول قبل نحو ثلاثة أشهر شهدت إنجاز الكثير من الأعمال التي شَكّلت مادة دسمة للقاء، فاقتسم كلاهما هَم الموارد البشرية في البلاد بعد أن وضعت أخيراً على منصات التطوير. تأخر اللقاء التفاكري لبعض الوقت عن موعده المحدد قبلاً، إلاّ أنّ الوقت قد شهد استغلالاً جيداً فيما يتصل بأعمال الوزارة الوليدة، فرغم أن عمرها لم يتجاوز الثلاثة أشهر إلاّ قليلاً، لكنّ من الملاحظ أنها تمكنت من إنجاز مهامٍ تتطلب من الناحية النظرية وقتاً أطول. ما لم ينضج بعد من مشروعات وبرامج الوزارة، لم يُقدم لضيوفها أمس. فقد إبتدر الوزير كمال عبد اللطيف حديثه - بعد تقديم مقتضب من مدير الإعلام بالوزارة ابراهيم شقلاوي - بما تم عمله بالفعل في مجال القوانين والتشريعات، ثم دلف إلى ما تم في المحور التنظيمي والمبادرات والمشاريع المختلفة، وما تم كذلك فيما يتصل بالتعليم التقني والتقاني والتدريب وبناء القدرات وانتهاءً بالخطط الاستراتيجية، حيث تم قطع خطوات واثقة في هذه المحاور كافة. أولى الخطوات حسبما أكّدَ الوزير كمال كانت في مجال القوانين والتشريعات المنظمة لعمل الوزارة قبل الدفع بها إلى مجلس الوزراء. وهدفت التعديلات إلى إعطاء المجالس دوراً أكبر في مَجال تَرقية المهن والاهتمام بالقيمة الأخلاقية لها وإعطائها دوراً أكبر في مجال الضبط المهني. وفيما أشار إلى استكمال البناء التنظيمي للوزارة وإجازة هيكلها ووصفها الوظيفي والإداري ووضع خُطتها للعام المقبل إلى جانب تكوين مجلسها الإستشاري، قال كمال عبد اللطيف إنّ وزارته قامت في محور المبادرات والمشاريع بخطوات تنسيقية تضمنت عقد لقاءات ثنائية مع الوزارات ذات الصلة ووقّعت معها مذكرات تفاهم لتنظيم علاقات التكامل والتنسيق. وفي السياق ذاته، تمّت مخاطبة الولايات لتحديد مسؤول دستوري يكون مُشرفاً على ملفات التنمية البشرية، واتجهت وزارة تنمية الموارد البشرية لتوقيع مذكرة تفاهم مع رصيفتها بالجنوب إسهاماً منها في تدعيم خيار الوحدة. السماني الوسيلة وزير الدولة بالوزارة، الذي غاب عن لقاء الأمس لسفره خارج البلاد، كان قد التقى بعشرين سفيراً لدول أجنبية أبدوا إستعدادهم جميعاً على تقديم خبراتهم في هذا المجال - حسب الوزير كمال - فيما تمّ التوصُّل لتفاهمات واتفاقيات مع منظمات دولية راكزة في مجال تنمية الموارد البشرية. وبعد أن أبْدى اهتمام وزارته المتعاظم بالتعليم التقني والتقاني، قال الوزير كمال عبد اللطيف بوضوح فوق المعدل، إنّ التدريب كان يتم بشكلٍ خطأ في المكان الخطأ للشخص الخطأ، كما انّ إدارات التدريب كان يوزع عليها المغضوب عليهم وهم في الغالب بلا تدريب وبلا فاعلية، وبالتالي هم فاقدون لأشياء لا يمكن أن يُعطوها، ثم أشار إلى التعديلات المقترحة في قانون التدريب بتقنين وإلزامية التدريب، وتطوير مؤسسات التنمية الإدارية بالوزارة، إلى جانب التفكير في ربط الترقي للدرجات الأعلى باجتياز الدورات الحتمية ورسم مسار تدريبي لكل موظف بالخدمة القومية من التعيين وحتى التقاعد. شارك في اللقاء التفاكري، مديرو المؤسّسات التي تتبع للوزارة وتحدث منهم د. عادل كراداوي مدير أكاديمية السودان للعلوم الإدارية، ود. قرشي بخاري مدير الأمين العام لصندوق دعم وتشغيل الخريجين الذي أشار إلى سعيهم لابتداع مواعين كبيرة لاستيعاب الخريجين عبر شركات كبيرة مع القطاع الخاص. وكان رؤساء تحرير الصحف وكُتّاب الأعمدة قد رفدوا ذات اللقاء بأفكار عديدة سجّلها الوزير في مفكرة قلّما تفارقه، وطرحوا تساؤلات أخرى وُضِع أمامها، ما تتطلب من إجابات وافية. مهما يكن من أمرٍ، فإنّ ما دأبت عليه وزارة تنمية الموارد البشرية من عقدها لقاءات دورية مع قادة الرأي والإعلام في البلاد، يتيح فرصة للوقوف على ما تمّ فعله في الوزارة وفرصة كذلك لتبادل الآراء والملاحظات بشأن برامجها المختلفة، حيث يتم كل ذلك في الهواء الطلق وفي أجواءٍ من الشفافية تسْهم بالضرورة في تقديم رؤية ناضجة لعمل مؤسس من جهة، وتعكس شراكة نادرة بين الإعلام ووزارة تنمية الموارد البشرية من جهة أخرى.