استعصى العُقم على حركة الحياة وعلى علوم الأحياء لقرون حتى برزت فكرة تهيئة لقاء (غرامى) لبويضة الأنثى وحُيّى الذَكَر خارج مكان لقائهما المعروف... وتحدّد ذلك اللقاء فى انبوبة صناعيّة... وبدأت تجارب الطبيب البريطانى روبرت ادواردز منذ الخمسينيات حتى أثمرت نهاية السبعينيات عن مولودة أنثى فضربَ هذا الميلاد اليأس على رأسه وفتح باباً من أبواب (وفى أنفسكم أفلا تبصرون)، فانضمّت (لأنفسنا) شريحة مهمّة: انسان الأنابيب! لويس براون ليس رجلاً فهى أنثى، لا تحمل فى سيرتها الذاتية عامل (تمييز) سوى انّها أوّل طفل انابيب فى العالم... لويس براون (عميدة) عائلة الأنابيب! عند ميلاد لويس براون لاحقتها وكالات الأنباء والدوائر العلمية وغير العلمية قبل (حدوثها) وقبل تشريفها... استقبل الناس ذلك الخبر آنذاك بين فرحة وصعقة، وبين تصديق وتكذيب، وسافر بعض المؤمنين فى رحلةٍ من الشك الى اليقين ذهاباً واياباً... وطفقَ كثيرون يسألون مُجَمّعات الإفتاء: أليس ذلك (تدخّلا) فى أخص خصائص الألوهيّة... واضطربت الحقيقة وقتذاك بين السائل والمسئول دونَ أن يتذكّر الطرفان أنّ صانع كل شئ خلق الانسان أيضا فى انبوبة: انبوبة فالوب بمن فيهم صاحب فكرة الانبوبة الصناعيّة! تقنية حَمْل وميلاد لويس براون صارت اليوم شيئا مألوفا فى عيادات النساء والولادة ومراكز الخصوبة حتى مركز الخصوبة السودانى، فهو يطرح اليوم عطاءً لتوريد (مُدْخَلات) التخصيب الصناعى... فالفرضيّات القويّة تصبح حقائق راسخة بعد أكثر من ثلاثين عاماً، بل تصير بديهيّات يتراءى فيها ما ظنّوه مظهر غيب فى عالم الشَهَادة... وبعد بلوغ لويس براون عمر الثانية والثلاثين وبعد أن صارت هى نفسها أمّا لأطفال من غير أنابيب لم يعد ما حدث لها سرّا علميّاً! لويس براون إلى ما قبل اسبوع كانت اشهر من الطبيب الذى نَصَبَ لها شَرَكَاً (أنبوبة)... حتى نال دكتور روبرت ادواردز جائزة نوبل فى الطب... بدأ تجاربه فى الخمسينيات وفتح الآفاق فى آخر السبعينيات ثمّ نالَ نوبل الاسبوع الماضى... الآن لويس براون في الثانية والثلاثين، وروبرت ادوارز عمره خمسة وثمانون عاماً ، ومشوار البحث يقع بين العُمْرَين!!