اصدر البنك المركزي تعميماً الى المصارف كافة عدل بموجبه ضوابط تغذية الحسابات الحرة بالنقد الاجنبي. وبمقتضى هذا التعديل الذي ابلغت المصارف به يوم 16 الجاري تقرر السماح بتغذية الحسابات بمبلغ خمسة آلاف يورو وما دون او ما يعادلها من العملات الحرة مباشرة دون اي اجراء. اما المبالغ التي تتجاوز الخمسة آلاف وتصل كحد اقصى الى عشرة آلاف يورو او ما يعادلها من العملات الحرة الاخرى تتم إضافتها بموجب استمارة تحمل الرقم واحد ويملأُها العميل وترسل صورة منها لادارة السياسات بالادارة العامة للسياسات والبحوث والاحصاء.. وقرر البنك فيما يتعلق بالمبالغ التي تتجاوز العشرة آلاف يورو او ما يعادلها من العملات الحرة الاخرى ان تتم اضافتها بموجب تصديق مسبق من ادارة النقد الاجنبي بالادارة العامة للاسواق المالية بالبنك المركزي وفق استمارة تحمل الرقم اثنين. وهذا التعميم تلغى الفقرات الواردة في المنشور الصادر في 29/5/2007م التي حظرت حينها تغذية الحسابات الحرة سواء كانت جديدة او قديمة بأية وسيلة من وسائل الدفع المتمثلة في المبالغ المحمولة باليد «نقداً» او بشيكات من المصارف والصرافات او التحويلات والشيكات الصادرة من الحسابات الخاصة باستثناء «حينها» الصادر منها لاغراض سداد اقساط التأمين المدفوعة لشركات التأمين المحلية او لسداد ايجارات بعد ابراز عقد الايجار او للمساعدات والمنح. كما ألزمت المنشورات اللاحقة لمنشور شهر مايو العام الماضي المصارف الاحتفاظ بحسابات باليورو او الريال السعودي لدى مقاصة بنك السودان، وكانت البنوك وفق تلك المنشورات وعند فتح حسابات لدى مراسليها العملات الاجنبية الرئيسية الاخرى «اليورو، الين، الريال، الدرهم الاماراتي» بالاضافة لحساباتها بالدولار مراعاة التوزيع الجغرافي وحجم التعامل الخارجي لهذه العملات، ونبهت المنشورات عدم تقديم دعم لعمليات الاستيراد والتصدير الا اذا كانت الفواتير المصاحبة والعقود تمت بعملة المنطقة او الدولة. واعتبر عدد من الخبراء الاقتصاديين التعميم الجديد يفتح باباً امام قطاع من المواطنين خاصة المغتربين والمهاجرين الذين يحملون عملات نقدية او تضطرهم بعض الاجراءات الادارية الى شراء عملات اجنبية من الصرافات وايداعها المصارف. واضاف الخبراء ان هذا الاجراء الذي يتسم بالمرونة في الايداع وبالتالي في السحب سيساعد في تدفق مزيد من العملات الحرة عبر مواطنين عاديين لا يعملون في مجال الصادر والوارد. وتوقع الخبراء ايضا ان ينعش هذا القرار ويؤدي الى مزيد من الحراك في مجال العملة الحرة. واكد الخبراء ان منشورات شهر مايو احدثت ربكة في صفوف المواطنين الذين يودعون مدخراتهم ومواردهم التي تصلهم بطرق شتى بالعملات الحرة.. وادت القرارات الواردة في المنشورات الى تراجع كبير في عائدات النقد الاجنبي.. كما شكا مواطنون رغبوا في صرف مستحقاتهم المالية المودعة بالعملة الحرة. واعتبر د. محمد سر الختم الخبير الاقتصادي المعروف صدور منشور تعديل ضوابط تغذية الحسابات الحرة بأنه بداية للعودة نسبياً للتعامل بالدولار بعد ان تم التحول منه الى اليورو، خاصة وانه ثبت من الممارسة العملية ان هنالك العديد من المؤسسات الاقتصادية والمالية بالبلاد تتعامل بالدولار ولم تتأقلم على ثقافة اليورو الذي يعاني كعملة مشاكل عديدة حتى داخل اوروبا. واكد د. سر الختم في حديثه ل «الرأي العام»: الدولار ثبت انه عملة عالمية منفصلة عن الاقتصاد الامريكي ويمكن التعامل به خلافاً لليورو الذي يشهد تذبذباً في الاسعار، غير ان مشكلة الدولار تكمن في وجود المقاصة الدولارية في واشنطن التي تخضع للرقابة والمصادرة لبعض التعاملات مما كبد خسائر لبعض الافراد والمؤسسات الحكومية. وانتقد د. سر الختم عدم وجود رؤية او سياسات اقتصادية مستقرة بالبلاد الامر الذي اسفر عن تعدد صدور المنشورات التي تنظم التعاملات بالنقد الاجنبي. ونوه د. سر الختم الى ان الضوابط الجديدة لتغذية الحسابات الحرة نصت على بعض القيود في التعامل بالنقد الاجنبي قصد منها بنك السودان ضبط حركة العملات الحرة في الداخل والخارج الامر الذي يخلق صعوبات لعدد من الجهات ويضطرها للتعامل بالنقد الاجنبي خارج المقاصة مع البنك المركزي، وتابع: «هذا التقييد يقلل من حجم الحرية في التعامل بالنقد الاجنبي». إلا أن لمحمد صلاح المدير العام لبنك الخرطوم رأياً آخر فهو من مؤيدي الاعتماد على اليورو بدلاً عن الدولار لانه قرار املته الظروف والسياسة العامة للدولة التي اقرت بضرورة التقليل من التعامل بالدولار للمخاطر التي تتعرض لها الحسابات المصرفية بالبنوك الامريكية، حيث تمت مصادرة ملايين الدولار، مؤكداً ان بنك الخرطوم لديه ملايين الدولارات صادرتها الادارة الامريكية. وطالب بالتحوط من مخاطر التعامل بالدولار، وقال ان هناك تفهماً من المستثمرين الاماراتيين لهذا الامر لذلك اصبحت اغلب المعاملات تتم باليورو او بالعملات الاخرى ونقوم بتشجيع العملاء والمستوردين على التعامل وفق هذا الاجراء لتفادي مخاطر الحظر الامريكي وامكانية تعرض هذه الاموال للمصادرة، وتمنى على الدولة ان تدرس امكانية ان تتحول عائدات البترول من الدولار لأية عملة اخرى.