اعتباراً من اليوم تتبدل الخارطة الاقتصادية للبلاد عما كانت في السابق. وبعد ان كان اقتصاد الجنوب والشمال يعتمد على موارد بعينها بالتركيز على النفط المستخرج بنسبة اكبر بالجنوب، فان هنالك جملة من المتغيرات الاقتصادية ستحدث منذ اليوم بعد خروج نفط الجنوب من ايرادات وعائدات البلاد، وستكون هنالك تداعيات وصعوبات تواجه الاقتصاد الوطني وستتأثر الميزانية الحالية 2011 بهذه التحديات بصورة مباشرة لخروج الايرادات النفطية من الخزانة المركزية التي تعتمد في (60%) من ايراداتها على العائدات النفطية، مما يؤثر على حجم احتياطات النقد الاجنبي في البلاد، وبالتالي على سعر صرف العملات الاجنبية مقابل الجنيه، كما اكد من قبل رئيس الجمهورية، والذي قال (كلنا نعلم ان للانفصال آثاراً اقتصادية وسنفقد نصيبنا من بترول الجنوب وهذا سيكون له آثار سواء على الموازنة أو الميزان التجاري الخارجي والذي تمثل صادرات البترول جزءاً كبيراً جداً منه). وتفيد متابعاتنا بأن الحكومة وضعت تحوطات ومعالجات وموازنة بديلة ، إلا ان وزارة المالية والاقتصاد الوطني لم تكشف حتى الآن عن الموازنة البديلة، وتحفظ الاستاذ علي محمود وزير المالية والاقتصاد الوطني فى سؤال ل(الرأي العام) عن الاجابة حول الترتيبات التي وضعت من قبل المالية عن الموازنة البديلة، كما تحفظ ايضا وكيل وزارة المالية بالانابة مصطفى حولي عن الكشف عن الموازنة البديلة، الا انه قال ان الترتيبات الجديدة للاقتصاد بعد الانفصال ستعلن في الايام القليلة المقبلة من قبل الدولة. وكانت وزارة المالية قد كشفت عن وضع برنامج ثلاثي اسعافي لمجابهة التداعيات الاقتصادية بعد الانفصال، وقال رئيس الجمهورية في زيارته الاخيرة للصين لدينا برنامج ثلاثى يستند الى التركيز على سلع معينة للصادرات مثل الصمغ العربى والثروة الحيوانية وايقاف استيراد سلع محددة كالزيوت والدقيق وتسريع عمليات استكشاف النفط بشمال السودان، وأضاف: سنعمل على تخفيض الصرف الحكومى وقد بدأنا هذا البرنامج بنسبة (30%)، وسنحاول زيادة الايرادات بتفعيل العمل الضريبى وليس زيادة الضرائب، وإنما بتوسيع القاعدة الضريبية ومحاربة التهرب الضريبى. وقال الرئيس سنفقد بترول الجنوب وسيكون لذلك أثر بارز لأنه يمثل نسبة كبيرة من الموازنة، وأكد البشير ان التحدى الرئيسى الذى يواجه البلاد فى هذه المرحلة يتمثل فى مواجهة العجز فى الميزان الخارجى الذى يعتمد بصورة أساسية على النفط، وقال ستواجهنا مشكلة كبيرة فى الميزان الخارجى لان البترول يمثل العنصر الرئيسى لايراداتنا بالعملة الاجنبية، وتابع: (لدينا برنامج لزيادة الصادرات غير البترولية كما سنعمل على تقليل الواردات لكى نقلل من صرف العملات الاجنبية، ولدينا تحرك خارجى لمحاولة ايجاد موارد للمساهمة فى سد النقص) . وقال د. بابكر محمد توم نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني ان للدولة خطة خمسية من العام 2012م حتى 2015م داخلها البرنامج الاسعافي الثلاثي وتركز الخطوة في الاطار الكلي على زيادة الانتاج وترشيد الانفاق وتقليل اية فجوات ايرادية لزيادة عائدات الصادرات واضاف التوم في حديثه ل(الرأي العام) ان من اولويات المرحلة المقبلة الاهتمام بالنهضة الزراعية الشاملة والاهتمام بالقطاعات المختلفة كالتعدين والصناعة، واشار الى التوازن والتكامل لتطوير القطاعات المختلفة، وأن الخطة الخمسية تهتم وتضع في اولوياتها الاهتمام بكل هذه القطاعات. ونوّه الى اهمية تفعيل قوانين وتنظيم القطاعات المختلفة في الجمهورية الثانية. والى اهمية ترابط وتكامل القطاعات لزيادة معدل النمو ولخلق فرص العمل. وتشجيع الاستثمار في المرحلة المقبلة بفتح النوافذ وازالة العقبات والعوائق والاهتمام بالحركة التجارية وزيادة فرص الاستثمار و الاهتمام بالقطاع الخدمي وتشجيع الصادرات من خلال وضع سياسات واضحة لذلك. واشار الى اهمية المراجعة المرنة والدورية لعمل هذة القطاعات مع ضرورة مواكبة المتغيرات من حولنا. واشار د.عادل عبد العزيز الخبير الاقتصادي الى أهمية التوصل الى موارد جديدة تعوض الانفصال عن طريق الاستثمار في المجال الزراعي عبر وضع خطة للتصنيع الزراعي من اجل الصادر مع ضرورة وضع سياسات تشجيعية محفزة على حيازة المستثمرين على الاراضي الزراعية. ودعا الحكومة إلى تقليص الصرف الحكومي والامني في المرحلة المقبلة ووضع ادارة حكومية رشيقة، والاهتمام بالعنصر البشري والاستفادة من الخريجين وتأهيلهم وتدريبهم وتصديرهم الى الخارج للاستفادة من مدخراتهم وتحويلاتهم، واشار الى اهمية الانفتاح الخارجي والاقليمي على دول الجوار لتبادل المنافع كالطاقة الكهربائية من اثيوبيا والاستفادة من المجال الزراعي من مصر وتطوير العلاقات مع الجنوب وتبادل النفط مقابل الغذاء مبينا بان ذلك يقتضي علاقات تجارية متميزة وطالب بضرورة الاستفادة من المراكز البحثية لاستغلال موارد البلاد. وقال د.عز الدين ابراهيم وزير الدولة بالمالية الاسبق ان اولويات المرحلة المقبلة ستبدأ مع بداية العام المقبل عبر الخطة الخمسية التي شملت كثيرا من الاولويات والضروريات الى جانب البرنامج الاسعافي الذي ينطلق منذ اليوم. وقال ان الفترة المقبلة تتطلب العمل على استقرار الاسعار وسعر الصرف وجذب رؤوس الاموال والتوسع في البنية من توفير الكهرباء والطرق والمطارات. واشار الى أهمية عمل مناطق حرة في كوستي والاهتمام بجذب الاستثمارات لقطاعات النفط والتعدين والاهتمام بالصادرات وعمل مشروعات تخدم الجانب الاجتماعي في الجمهورية الثانية.