إتجهت العلاقات التركية السودانية فى الفترة الأخيرة الى مرحلة جديدة من التعاون والشراكة بين البلدين فى كل المستويات بعد أن تقاربت من خلال الرؤي السياسية لدى قيادتي البلدين فى الخرطوم وانقرا، لتنعكس ايجاباً على الشراكة الإقتصادية السودانية التركية برفع مستوى التعاون الإقتصادى بين البلدين وتشجيع الإستثمار المشترك وتقديم كافة التسهيلات لتوطين الإستثمارات السودانية التركية ،بينما لجأت الحكومة الى منح إمتيازات خاصة للإستثمارات التركية خلال الفترة المنصرمة بالتركيز على المجالات الإستثمارية الواعدة فى قطاعات الزراعة والأمن الغذائى والصناعة والسياحة والبنيات التحتية والذى سينعكس على تشجيع قطاعات التجارة والإستثمار، ليبدو ذلك جلياً فى إرتفاع ميزان التبادل التجارى بين السودان وتركيا من (50) مليون دولار فى العام 2003م ، الى (200) مليون دولار فى العام 2008م. ونادى الجانبان السودانى والتركى بتكوين لجنة مشتركة بين إتحاد أصحاب العمل السودانى وإتحاد رجال الأعمال و الصناعيين الأتراك لإقامة تعاون إقتصادى وتجارى حقيقى بين رجال الأعمال من البلدين، الى جانب ضرورة سعى المؤسسات المعنية بتشجيع الصادرات والتبادل التجارى بين البلدين . وفى هذا السياق يأتى انعقاد الملتقى التركى الإفريقى الذى يستضيفه السودان فى الفترة من (18-19) من الشهر المقبل ضمن ثمرات هذه العلاقة التى تدفع بالبلدين الى آفاق أوسع لتطورها. ووصف الطاهر سليمان إيدام مدير الإدارة العامة للتعاون الثنائى بوزارة التعاون الدولى العلاقات السودانية التركية بالمتميزة ما حدا بتركيا الى إختيار السودان لإستضافة هذا المؤتمر والذى يعقد لأول مرة خارج تركيا مشيراً الى أنه سيشارك فى المؤتمر أكثر من (80) مشاركا من الدول الإفريقية وتركيا، كما تعقد على هامش المؤتمر مائدة مستديرة سودانية تركية، لبحث سبل التعاون بين البلدين بالإضافة الى إقامة منتدى لمنظمات المجتمع المدنى مع الجانب التركى. وأكد إيدام فى حديثه ل(الرأى العام) بأنه تم تشكيل (5) لجان فرعية ضمن تحضيرات اللجنة التحضيرية للمؤتمر، مشيراً الى أن اعمال اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين عقدت (11) دورة متوقعاً عقد الدورة (12) فى الربع الأول من العام 2012م . ونوه إيدام الى أن العلاقات السودانية التركية أثمرت عددا من المشروعات شملت كوبرى المك نمر وكوبرى الحلفايا، والمساهمة فى مشروعات المياه والصرف الصحى بمدينة بحرى، ومستشفى الكلاكلة بالإضافة الى مستشفى بمدينة نيالا قيد الإنشاء ولهم عدد من الإستثمارات الأخرى. وقال د. أحمد مالك الخبير فى مجال التعاون الدولى أن أعمال المؤتمر التركى الإفريقى أحد الفعاليات والجهود التى يبذلها البلدان حتى يكون السودان الدولة المحورية الأولى بالنسبة للتعاون الإسلامى الإفريقى العربى والذى لاقى نجاحا كبيرا لمسته عدد من الدول الكبيرة فى إنتشارها بإفريقيا عبر السودان كالصين والهند ومصر. فالسودان كان لهم بمثابة البوابة للدخول الى الدول الإفريقية، وتركيا دولة قائدة تحتاج الى هذه البوابة خاصة بعد فشلها فى الإنضمام للإتحاد الأوروبى فهذه سانحة لتبرز علاقاتها وتوطيدها مع العالمين العربى والإسلامى وإفريقيا عبر السودان لذلك أصبحت تركيا تميل فى إنفتاحها على الدول العربية إذ أنها تحاول الدخول لإفريقيا عبر السودان وعن طريق منظمة المؤتمر الإسلامى والتى تنضوى تحتها (57) دولة بإشتراك كل الدول العربية وكذلك الإفريقية. ودعا السودان الى الإستفادة من تركيا فى خبراتها لنقلها الى إفريقيا خاصة وأنها من الدول التى تتسم بالقوة فى إقتصادها إذ تصل نسبة نموها الى (9.5) وهى أعلى نسبة نمو بالتزامن مع إنحدار أوروبا وأمريكا بعد الأزمة الإقتصادية العالمية، كما أنه قد آلت لتركيا كل التقنية الحديثة بالإضافة الى أنها الدولة الخامسة فى العالم فى التصنيع الحربى مطالباُ السودان بالدخول فى شراكة ذكية مع تركيا لتطويرعلاقاته، فالجو الذى خلق لتركيا فى ظل المشاكل المالية المزمنة يمكنها من إحتلال المساحات التى إحتلتها أوروبا وأمريكا سابقاً فى الإقتصاد العالمى. وحث مالك الى تغيير النظرة السودانية تجاه الإجتماعات التى يستضيفها والملتقيات التى يشارك بها مع الدول الأخرى وتطويرها للدخول فى شراكات مع هذه الدول. فالسودان إهتم بالتعاون الدولى الإقتصادى وأهمل الجانب الدبلوماسى والفكرى. وفى السياق يقول بروفيسور آدم مهدى مستشار وزارة التعاون الدولى أن تركيا تبحث عن موطىء قدم فى الدول العربية، مشيراً الى أن الإستثمارات التركية فى السودان أقل من الزخم الإعلامى إذ كانت بداياته بمشروعات التاكسى التعاونى والمشاركة مع بعض السودانيين فى مجال الخدمات (المطاعم، وأماكن الحلوى) بالإضافة الى الدخول فى شراكات بالبصات السياحية. ودعا بروفيسور مهدى فى حديثه ل(الرأى العام ) الى ضرورة أن يكون الملتقى المقبل أفضل لإستقرار رأس المال الأجنبى إذ أن الإستثمارات الأجنبية تأتى بحذر خاصة وأن السودان يمتلك عددا من الموارد تتيح إستثمارات كثيرة، من خلال وضع مشاريع مدروسة تدر عائدا للدولتين .