سونا نجحت قطاعات اقتصادية عديدة في مصر - بفضل جهازها المصرفي القوي - في الحد من الآثار السلبية الخطيرة لضربات زلزال الازمة المالية والاقتصادية العالمية مما ساهم في محافظة الاقتصاد المصري على نمو سنوي يزيد عن 4 % في وقت عانت فيه اقتصاديات عالمية كبرى من ركود وانكماش اقتصادي كبير فيما تأمل الحكومة المصرية الى رفع النمو الاقتصادي خلال العام المالي 2009 - 2010 الحالي الى نحو 5ر5 % وكان التأثير السلبي للازمة المالية العالمية أكثر وضوحا فى عدة قطاعات أخرى مثل عائدات قناة السويس والتدفقات الاسثتمارية فضلا عن حصيلة السياحة وبطء حركة الصادرات والتحويلات فيما قدرت خسائر مصر منذ اندلاع هذه الازمة العالمية في أوخر العام الماضي بنحو 11 مليار دولار. وتشير ارقام حكومية الى ان عائدات رسوم قناة السويس انخفضت جراء هذه الازمة بمقدار 435 مليون دولار بنسبة 8ر4 بالمائة فيما خسرت السياحة 339 مليون دولار بنسبة انخفاض 3,1 بالمائة وتراجعت تحويلات المصريين فى الخارج مليار دولار وانخفضت الاستثمارات الاجنبية 1ر5 مليار دولار بنسبة 39 بالمائة مع تراجع عائد الاستثمار فى الخارج بمقدار 1,3 مليار دولار ولاحتواء الضغوط الناجمة عن ذلك .ضخت الحكومة المصرية 15 مليار جنيه مصري في مشروعات بنية أساسية لحفز النمو مع زيادة مخصصات دعم السلع الاساسية للمواطنين لكبح جماح التضخم الذي شهد تجاوبا وبدأ في اتجاه نزولي بشكل مستمر حتى بلغ أخيرا نحو 4ر8 % مقابل 7ر9 % في نهاية العام الماضي ولتعزيز الحركة الايجابية للنمو الاقتصادي بمصر .تدرس الحكومة حاليا ضخ مابين 10 الى 15 مليار جنيه اضافية أخرى خاصة في مشروعات البنية الاساسية ويرى خبراء اقتصاديون ان الحكومة المصرية تحركت بسرعة في اتجاهات مختلفة للحيلولة دون تفاقم الاثار السلبية لهذه الازمة فى القطاعات وكان ابرزها السعى لجذب استثمارات اجنبية من مناطق غير معتاده واخرى تحتاج الى تقوية الصلات معها ولفت هؤلاء الى تحديث برنامج الترويج للاستثمار فى مصر والذى تنفذه وزارة الاستثمار حاليا وهو احد الاليات لتحقيق تنويع مصادر جذب الاستثمارات الى مصر ويركز على دفع العلاقات الاستثمارية مع الدول الأقل تأثرا بالأزمة المالية العالمية. وتشهد الفترة الحالية جهودا مكثفة لجذب استثمارات جديدة من دول جنوب شرق آسيا وزيادة التعاون الاقتصادى مع اليابان ، والهند ، والصين ، وماليزيا ، وكوريا ، وسنغافورة ، وإعطاء أهمية أكبر للتعاون الاستثمارى مع الدول الأفريقية وبخاصة دول حوض النيل. يشار فى هذا الصدد الى الزيارة الاخيرة لوزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين الى الصين والتى عرض خلالها على تجمعات المستثمرين هناك 52 مشروعا كما قام الوفد المصرى الى بكين الذى ضم ممثلين عن هيئة الاستثمار والهيئة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس بلقاء 7 مجموعات ومؤسسات اقتصادية فى مقاطعة داليان لاستعراض فرص الاستثمار في مصر على صعيد مواز دخلت الحكومة بشكل مباشر الى الاستثمار اذ اعلن وزير الاستثمار عن تأسيس صندوق برأسمال 1500 مليون جنيه بمساهمة عدد من الشركات التابعة لوزارة الاستثمار ، وصناديق تمويل خارجية بهدف تمويل الاستثمارات فى المشروعات الواعدة فى مجال تطوير البنية الأساسية ، والخدمات اللوجيستية ، ومشروعات التنمية المتكاملة. وفى الوقت نفسه زادت الاستثمارات الحكومية المنفذة خلال عام 2008 / 2009 الى 42 مليار جنيه بزيادة قدرها 10 مليارات جنيه عن نظيرتها فى العام السابق. ويظل الجهازالمصرفي من ابرز القطاعات التى صمدت امام الأزمة المالية العالمية وبدأ فى ثقة المرحلة الثانية من برنامج الاصلاح بعد نجاح الاولى ويؤكد محافظ البنك المركزى الدكتور فاروق العقدة أن القطاع المصرفي المصري قوى ولايحتاج الى تدخل من الدولة لدعمه بل جاهز لدفع عجلة النمو الاقتصادى وتمويلة للرجوع الى معدلات النمو السابقة والتى بلغت 5ر7 % قبل الازمة المالية. وتوقع محافظ البنك المركزى أن تستمر الأزمة المالية العالمية العام الحالى والمقبل. وأوضح أن الأزمة المالية فى القطاع المالي بالخارج ظهرت فى ثلاثة مؤشرات..الأول: ديون متعثرة ثم خسائر كبيرة فى البنوك ،وأخيرا: مشكلات فى السيولة..مؤكدا أن هذه المشكلات لم تظهر فى الجهاز المصرفى المصري. وتأمل الحكومة المصرية ان يبلغ معدل النمو خلال العام المالى 2009 - 2010 مابين 5,3 بالمائة و 5,5 بالمائة خاصة وان مؤسسة ميرلينش العالمية وضعت الإقتصادالمصري ضمن أقل 10 دول تأثرا بالازمة المالية وقد حقق الاقتصاد المصري معدل نمو بلغ 7ر4 بالمائة في العام المالي 2008 - 2009 المنصرم فيما رأت الحكومة انه اعلى من توقعات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذا العام 4,5 بالمائة وتتويجا لهذه الخطوات ومن قبلها برنامج الاصلاح الاقتصادي إختيرت مصر ضمن الدول العشر الأكثر إصلاحا على مستوى العالم فى تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي. يشار الى ان مؤسسة موديز العالمية للتصنيف الائتماني توقعت في تقريرها الاخير تحسن التصنيف الائتمانى السيادي لمصر من سلبي الى مستقر موضحة أن هذا التحسن جاء نتيجة لتراجع التضخم بالمقارنة بالمعدلات السائدة في شهر أغسطس من عام 2008، بخلاف جهود الحكومة لاحتواء الضغوط المالية وعجز الموازنة العامة للدولة وقدرة الاقتصاد المصري و القطاع المصرفي به على مواجهة التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية خاصة بالمقارنة بالاقتصادات الأخرى ذات نفس التصنيف الائتماني وقد لفت هذا التقرير إلى نجاح الحكومة المصرية فى احتواء عجز الموازنة العامة في 2009/2008 عند نفس مستويات العام المالي السابق وذلك على الرغم من ارتفاع مستوى الإنفاق العام خاصة بالنسبة للأجور والدعم، فضلاً عن حزمة الإجراءات التحفيزية التى اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. وأكدت المؤسسة الدولية على وجود عدد من التحديات التى لاتزال تواجه الاقتصاد المصري في مقدمتها ارتفاع عجز الموازنة العامة والدين العام مقارنة بالدول ذات نفس التصنيف الائتماني بالإضافة إلى الارتفاع النسبي في معدلات البطالة وهو الامر الذي تبذل الحكومة جهودا كبيرة لمعالجتها .