سعادة السيد/ الأمين العام للأمم المتحدة الموقر باحترام بالغ، وباسم المحامين السودانيين نخاطبكم عبر هذه الرسالة المفتوحة ونرحب بكم في بلادنا على أمل أن تكلل زيارتكم بالنجاح والتوفيق، ومن موقع الدور البارز الذي ظللنا نضطلع به وقوفاً إلى جانب شعبنا ووطننا في كافة قضاياه وهمومه، وبالاستناد إلى حرصنا على استقرار قواعد للقانون الدولي تكفل إقامة نظام عالمي يسوده السلام والأمن وقيم الندية والتكافؤ في العلاقات الدولية بين أمم وشعوب الأرض.. فقد رأينا مخاطبتكم وعكس موقفنا إزاء قضايا هامة وحيوية.. وإلى ذلك فإننا نوجز الرأي فيما يلي: أولاً: في أعقاب الحرب العالمية الثانية استبشرت الإنسانية خيراً بميلاد الأممالمتحدة والتوقيع على ميثاقها في عام 1945م، لأن قيام المنظمة الدولية والتوقيع على ميثاقها في سان فرانسسكو كان مؤشراً لها في طي صفحات الحروب المدمرة بتعاساتها وخرابها وآلامها والعيش في كنف الأمن والسلم الدولية. ثانياً: ولقد ظل أداء المنظمة الدولية محل احترام وثقة الإنسانية قاطبة رغم بعض التحفظات التي تتعلق بهياكلها وغياب مفاهيم بعض الشعوب عن مواثيقها وما أفرزه حق الفيتو الممنوح لبعض الدول في مجلس الأمن من تمييز على بعضها وبالقدر الذي يهدد مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الأعضاء والمنصوص عليه في المادة (2) فقرة (1) من ميثاق الأممالمتحدة. ثالثاً: وكان من نتائج بعض المتغيرات الدولية في توازنات القوة ارتفاع صيحات تنادي بإقامة نظام عالمي جديد اتسمت به الأحداث خلال عقد التسعينيات من القرن المنصرم وما بعده، وقد أثر هذا التفعيل لإدارة الإدارة الأمريكية نحو إقامة هذا النظام العالمي الجديد في تسخيرها مجلس الأمن كأداة للوصول إلى الرؤية المنسوجة لما يسمى (بالنظام العالمي الجديد) وماهو إلا نظام هيمنة أمريكية للسيطرة على العالم. رابعاً: على أن أهم ما اتسم به هذا النهج في محاولة بلوغ أهدافه اغتيال لمبادئ أساسية في معالجة المشكلات الدولية سبق أن ارتضاها المجتمع الدولي كقواعد قانونية آمرة وأهم ما جاء في تلك المنظومة من المبادئ ما ورد في المادة (1) حول مقاصد الأممالمتحدة المتمثلة في حفظ السلم والأمن الدولي واتخاذها للتدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدده لإزالتها ومنع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم وانتهاج الوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها. خامساً: ومع ذلك فقد شهدنا عدوانا غاشماً على العراق في يناير 1991م دون استنفاذ الوسائل السلمية في معالجة الأشكاليات التي تذرع بها العدوان، كما شهدنا عدواناً على أفغانستان ومرة أخرى على العراق عام 2003م وإعلاناً لحرب شعواء على الشرعية في فلسطين وتواطئاً وتشجيعاً للعدوان الصهيوني على جنوب لبنان في صيف 2006م وسلسلة من محاولات التدخل في شؤون الدول والأوطان وتصعيداً يتجه لتوقيع العقوبات على بلادنا دون بذل لجهد يذكر في رأب الصدع في إقليم دارفور قياساً بآليات التصعيد الذي تقوم به الإدارة الأمريكية ومجلس الأمن الدولي. سادساً: وتركزت أخطر محاور التصعيد غير المبرر على بلادنا في قرار مجلس الأمن بإحالة تقرير نظر أمامه للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يتهم أفراداً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.. كما اتجه ذلك التصعيد لفرض قوات دولية في إقليم دارفور. سابعاً: إننا نؤكد وبوضوح في هذه الرسالة عن إحالة مجلس الأمن لما يسمى بارتكاب جرائم في إقليم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية تعتبر إحالة غير قانونية لأن السودان لم يصادق على اتفاقية روما (اتفاقية إنشاء هذه المحكمة)... كما ولبلادنا قضاء مستقل ومحايد ونزيه يستطيع إجراء محاكمات عادلة في تلك الجرائم وهي جرائم منصوص عليها في القوانين السودانية. كما نؤكد عدم قبولنا لنشر أي قوات دولية في السودان وتحت أي مسمى أو أي غرض كان لأن ذلك يعتبر انتقاصاً من سيادتنا الوطنية على بلادنا ويحمل في أحشائه ذرائعاً للمزيد من محاولات التدخل الأجنبي في شئوننا وبما يمس استقلالنا.. ثامناً: إن أهل السودان ينتظرون دوراً إيجابياً من الأممالمتحدة لوقف الحرب برعاية مفاوضات تؤدي إلى سلام عادل في الإقليم أما الانتهاك والانشغال بذيول الحرب وأثارها فإنه لا يفيد قضية إنهاء الحرب في شيء فالأولوية لوقف القتال في الإقليم بالضغط على الأطراف ذات الصلة للجلوس في طاولة المفاوضات وليست للنظر في الجرائم التي ارتكبت على أهمية أن تطالها يد العدالة لأن تطويق الجرائم ومحاصرتها لن يتحقق إلا بإحلال السلام. تاسعاً: وللأسف الشديد فإن الأمين العام السابق للأمم المتحدة أصطف مع الإدارة الأمريكية ومجلس الأمن وبعض المنظمات الغربية المرتبطة بدوائر مشبوهة لتصعيد التوتر والاحتقان في دارفور وفقاً لأهداف وأغراض سياسية للإدارة الأمريكية في السودان ويكفي أن نقول إن التمرد في دارفور ما كان له أن يجد التمدد والاتساع الذي وجده بدون الدعم والزخم الإعلامي الذي منحته له الإدارة الأمريكية وبعض الدوائر الغربية. عاشراً: إننا نتهم وبصراحة الإدارة الأمريكية وأداء مجلس الأمن المنحاز لسياساتها بالعمل على تفتيت وتمزيق بلادنا واستهداف نسيج الوحدة الوطنية لشعبنا في إطار مخطط لبلوغ أهداف غير مشروعة في السودان والمنطقة.. لذا فإننا نطمح قيامكم بدور إيجابي وفاعل لقطع الطريق أمام الممارسات السياسية الشائنة التي تقوم بها تلك الأطراف وبالمخالفة لميثاق الأممالمتحدة الذي يفرض احترام استقلال الدول وسيادتها على أراضيها وثرواتها. مع خالص أمنياتنا لكم بالتوفيق اللجنة المركزية لاتحاد المحامين السودانيين